الممثلون والانتخابات: طلاق مع الساسة أم عقاب مؤقت

فلاديمير زيلينسكي يوجه صفعة للساسة التقليديين بفوزه برئاسة أوكرانيا، فهل ينجح الفنان في السياسة على خطى ريغن و شوارزنيغر.
الثلاثاء 2019/04/23
خادم الشعب من التمثيل إلى الرئاسة

لندن - نجح الفنان الكوميدي فلاديمير زيلينسكي مرشح حزب “خادم الشعب” المعارض في أوكرانيا، في الانتصار على منافسه الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأوكرانية بأغلبية تكاد تكون ساحقة بنسبة فاقت 70 بالمئة من أصوات الناخبين.

زيلينسكي، يدخل غمار السياسة من أوسع أبوابها متوسّلا شعبيته الكبرى في مجال فن التمثيل، حيث سبق له أن مثل في عام 2015 في سلسلة تلفزيونية كوميدية، تحمل عنوان “خادم الشعب” وتروي شخصية أستاذ تاريخ يصبح رئيسا لأوكرانيا. ونجاح هذا الممثل في الإطاحة بغريمه بوروشينكو لم يأت وفق الملاحظين لاقتناع الشعب الأوكراني ببرامجه ومخططاته السياسية والاقتصادية بل لثقتهم في صدقه ونجوميته في عالم التمثيل.

هذا التغيّر الجديد في أوكرانيا الساعية لحلحلة العديد من الأزمات الداخلية وخاصة منها الاقتصادية أو الخارجية في علاقة بمسألة شبه جزيرة القرم التي استحوذت عليها روسيا منذ عام 2014، فتح الباب أمام جدل يبحث في قدرة الرئيس الأوكراني الجديد وهو الفاقد للخبرة السياسية على تحقيق الإنجازات وحل الأزمات انطلاقا من سؤال إذا لم يقنعك تمثيل السياسيين، هل يمكنك الاستنجاد بممثلين محترفين للقيام بأدوار الساسة؟

إن لجوء الشعوب إلى وجوه ونجوم منحدرة من عالم التمثيل، ليس جديدا أو وليد التجربة الأوكرانية، حيث توجد تجارب مشابهة سطع فيها نجوم أهل الفن حين اقتحموا عالم السياسة، ومن الأمثلة على ذلك نجاح رونالد ريغن في تزعّم الولايات المتحدة في الفترة الممتدة بين 1981 و1989 وتحقيقه إنجازات كبرى منها أدوراه في الإطاحة بالاتحاد السوفييتي، وكذلك أيضا الممثل الأميركي أرنولد شوارزنيغر الذي انتخب عام 2003 حاكما لولاية كاليفورنيا وتولى المنصب لفترتين متتاليتين.

تتشابه تجارب هذه الشخصيات في نجاحها في نيل ثقة الناخبين، لكن تتعدّد تقييمات ممارستها للعمل السياسي، في وقت لا يحتاج فيه الناس إلى برامج مدججة بالأيديولوجيا أو الشعارات أو الوجوه المشهورة بقدر ما يحتاجون إلى قيادات قادرة على تسيير دواليب الدولة. وقوبل انتخاب زيلينسكي باستبشار أهل الفن وخاصة منهم الممثلين، المدافعين عن الفكرة الداعية إلى منح الفرصة للفنان لكي يسوس الناس بحكم ما اكتسبه من خبرات تمثيلية على خشبات المسارح وشاشات السينما والتلفزيون جعلته قريبا من هموم الناس وفي أدق تفاصيلها اليومية.

ويدافع هؤلاء عن فكرة أن الممثل هو الشبيه الشرعي لعامة الناس ولشريحة واسعة من المواطنين، وبالتالي حتى وإن لم ينجح في تحقيق الوعود بصفة تامة فإنه لن يخون إرادة ناخبيه.

أما في ما يخص بعض الآراء الأخرى المخالفة لتوجهات أهل الفن، فإنها تذهب إلى اعتبار أن نجومية التمثيل والشعبية، لا تعدان من المقاييس الثابتة على النجاح في تحقيق مكاسب ومنجزات، لأن مهنة التمثيل وإن تتشابه إلى حد كبير مع ممارسات السياسيين الذين غالبا ما يعتمدون على حرفة التمثيل للإقناع، فإنها مغايرة تماما لعالم السياسة عند التطبيق، خاصة أن دول العالم لا تحتاج اليوم إلى أسماء مشعة في سماء هوليود أو أكبر المسارح العالمية بقدر ما تحتاج إلى قيادات لديها الخبرة والكفاءة الكافية لصناعة الإنجازات وخاصة تحقيق النهضة الاقتصادية التي تعد المقياس الأول لإسعاد الشعوب.

اقرأ أيضا:

الممثلون والانتخابات: هل يصلح فن التمثيل ما أفسده فن الممكن؟

الممثلون والانتخابات: نجومية التمثيل لا تكفي لتحقيق الإنجازات

12