الملايين في جنوب أفريقيا يشيخون مبكرا بسبب الإيدز

الأدوية الثورية حولت المرض الفتاك إلى مرض مزمن.
الاثنين 2024/06/10
مع التقدم في السن تتزايد كلفة الرعاية الصحية

حوّل فايروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ملايين السكان في جنوب أفريقيا إلى “مسنين” رغم صغر سنهم؛ وذلك بعدما أصيبوا بهشاشة العظام وألم المفاصل والركبتين. ومع تقدم ملايين المواطنين في السن تتزايد كلفة الرعاية الصحية وتستغرق الحكومة وقتا أطول لتلبية احتياجات أولئك الذين يصابون بالشيخوخة المبكرة بسبب فايروس نقص المناعة البشرية.

جوهانسبرغ - تتمتع سيدة الأعمال الجنوب أفريقية إيفيت ألتا رافائيل بالحيوية وهي ليست كبيرة في السن، غير أنها تعاني من هشاشة العظام وألم في الركبتين ودوار شديد إلى درجة أنها اضطرت إلى التوقف عن قيادة السيارات خشية التسبب في وقوع حادث.

وتعد رافائيل البالغة من العمر 49 عاما فردا من جيل من مواطني جنوب أفريقيا الذين عاشوا وهم مصابون بفايروس نقص المناعة البشرية لعقود من الزمن، حتى أصبحوا الآن أول من يتقدمون في السن وهم مصابون بالفايروس بعد أن حولت الأدوية الثورية المرض الفتاك إلى مرض مزمن، حسب ما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

ومع تقدم الملايين من المواطنين في السن تتزايد كلفة الرعاية الصحية، ويتساءلون عما ينتظرهم بعدما جعلت الانتخابات الحاسمة جنوب أفريقيا في حالة تغير سياسي مستمر، مع وجود اختلافات رئيسية حول كيفية دعم نظام الرعاية الصحية الذي يعاني بالفعل من أكبر نسبة إصابة بفايروس نقص المناعة البشرية في العالم.

وكلما استغرقت الحكومة وقتا أطول لتلبية احتياجات أولئك الذين يصابون بالشيخوخة المبكرة بسبب فايروس نقص المناعة البشرية زاد استنزاف الموارد المالية في بلد يعيش فيه 7.8 مليون شخص، أو نحو 13 في المئة من السكان، مصابين بالفايروس.

ومتلازمة نقص المناعة البشرية حالةٌ مرضية مستمرة، وتُسمى أيضًا مزمنة. ويسببها فايروس نقص المناعة البشرية، ويُعرف أيضًا بالاختصار(إيتش إي في). يضر فايروس نقص المناعة البشرية الجهاز المناعي ومن ثَمَّ تقل قدرة الجسم على مكافحة العدوى والأمراض. وإذا لم يعالَج الجسم من هذا الفايروس يمكن أن تمر أعوام قبل أن يُضعِف الفايروس الجهازَ المناعي بقدرٍ كافٍ ليتحول إلى مرض الإيدز. لكن بفضل العلاج لا يُصاب معظم المرضى بمرض الإيدز.

◙ الجهود مستمرة لزيادة توفير طرق الوقاية من فايروس نقص المناعة البشرية في البلدان التي تفتقر إلى الموارد

وينتقل فايروس نقص المناعة البشرية عبر اتصال الأعضاء التناسلية، مثلاً خلال ممارسة الجنس من دون واقٍ ذكري. ويُسمى هذا النوع من العدوى عَدوى منقولة جنسيًا، ويُعرف أيضًا بالمرض المنقول جنسيًا. وينتقل فايروس نقص المناعة البشرية أيضًا عبر ملامسة دم مصاب، مثلاً عندما يتشارك الأشخاص الإبر أو المحاقن. ومن الممكن أيضًا أن تنقل الأم التي لم تتلقَ علاجًا من نقص المناعة البشرية الفايروسَ إلى طفلها خلال فترة الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية.

ولا يوجد حاليًا علاج يشفي تمامًا من الإيدز. لكن يمكن للأدوية السيطرة على العَدوى ومنع تفاقم المرض. وقد قللت علاجات فايروس نقص المناعة البشرية المضادة للفايروسات أعداد الوفيات بسبب مرض الإيدز حول العالم. وتستمر الجهود لزيادة توفير طرق الوقاية من الإيدز في البلدان التي تفتقر إلى الموارد.

وفي عام 2017 بدأت شركتان مصنعتان للنسخ المكافئة من الأدوية المضادة للإيدز إنتاج الملايين من الأقراص التي تحتوي على أحدث تركيبة مستخدمة على نطاق واسع في الدول الغنية لصالح قارة أفريقيا، بعد أن أبرمتا صفقة بالملايين من الدولارات تفرض حدا أقصى على أسعار هذه الأدوية يصل إلى 75 دولارا لكل مريض في السنة.

والأدوية المكافئة هي أدوية تكافئ منتجا دوائيا ذا علامة تجارية من حيث الشكل الدوائي وشدته ونوعيته وخصائص الأداء له واستخدامه، وغالبا ما يتم تسويقها باسمها الكيميائي أو بتركيبتها الكيمائية بدلا من الاسم التجاري المعلن، الذي يباع الدواء على أساسه. ويأمل خبراء الصحة العالميون أن تساعد هذه الصفقة على علاج قضيتين في ما يتعلق بوباء الفايروس المسبب لمرض نقص المناعة البشرية، وهما خطر تزايد القدرة على مقاومة عقاقير الإيدز المعتادة والحاجة إلى استثمارات لتعزيز القدرة على التصنيع.

وكان رؤساء الدول الأفريقية قد طالبوا  الولايات المتحدة بتجديد برنامجها الرئيسي لمكافحة انتشار فايروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، وفق ما أعلن رئيس مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها التابع للاتحاد الأفريقي (سي دي سي – أفريقيا) في العاصمة الإثيوبية.

وللخطة الرئاسية الطارئة لمكافحة الإيدز (بيبفار) التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عام 2003، دور رئيسي في المساهمة العالمية بمكافحة الإيدز على صعيد الاختبارات والتوعية والعلاجات. واستفاد البرنامج حتى وقت قريب من دعم واسع من الكونغرس الأميركي، ولكن في الآونة الأخيرة لم يجدده البرلمانيون الأميركيون لمدة خمس سنوات إضافية.

ويعتقد الخبراء أن التقدم الهائل الذي جرى إحرازه في القارة، حيث تم إنقاذ أرواح كثيرين بفضل خطة بيبفار، سيكون على المحك إذا توقف البرنامج. ووفقاً للأمم المتحدة لم تتم تلبية سوى 10 في المئة من احتياجات التمويل لمكافحة الإيدز لعام 2025. وفي عام 2022 كان 39 مليون شخص حول العالم مصابين بفايروس نقص المناعة البشرية، وفق برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالفايروس، ويعيش حوالي 20.8 مليون منهم شرق أفريقيا وجنوبها. ويمثل هذا الفايروس مصدر قلق كبير وسببا للوفاة في مناطق كثيرة من أفريقيا.

16