المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم وفيتامين "د" تزيد وفيات أمراض القلب بين النساء

يرتبط تناول الأطعمة المحتوية على الكالسيوم بانخفاض خطر الإصابة بنوبة قلبية، بينما يرتبط تناول المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم بزيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية، وفق ما أثبتته الدراسات التي أجريت مؤخرًا حول الكالسيوم وأمراض القلب. وأشار الباحثون إلى أنه يمكن لمستويات عالية جدًا من الكالسيوم في الدم أن تزيد من تصلب الشرايين أو تؤثر على تخثر الدم، ما يسبب الوفاة.
أريزونا (الولايات المتحدة) - وجدت دراسة حديثة أن المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم وفيتامين “د” يمكن أن تقلل وفيات السرطان بالنسبة إلى النساء اللائي وصلن إلى مرحلة انقطاع الطمث. ومع ذلك، وجدت الدراسة أيضا نتائج مخيبة للآمال، تشير إلى أن مجموعة المكملات الغذائية هذه يمكن أن تزيد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بعد أكثر من 20 عاما من المتابعة.
وقامت سينثيا طومسون، الحاصلة على دكتوراه في الطب من كلية ميل وإنيد زوكرمان للصحة العامة بجامعة أريزونا في توكسون، وزملاؤها، بفحص النتائج الصحية طويلة المدى بين النساء بعد انقطاع الطمث في تجربة مبادرة صحة المرأة، والتي شملت 36282 مشاركة ليس لديهن تاريخ للإصابة بسرطان الثدي أو القولون والمستقيم. وتم اختيار المشاركات بشكل عشوائي لتلقي 1000 ملغ من كربونات الكالسيوم مع 400 وحدة دولية من فيتامين “د” يوميا أو دواء وهمي.
ووجد الباحثون أنه بعد متابعة مدتها 22.3 عاما شهدت النساء اللائي تم اختيارهن عشوائيا للعلاج بالكالسيوم وفيتامين “د” انخفاضا في معدل الوفيات بالسرطان بنسبة 7 في المئة، وزيادة في الوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية بنسبة 6 في المئة، مقارنة بمجموعة الدواء الوهمي.
ولم يلاحظ أي تأثير إجمالي على التدابير الأخرى، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. وكان هناك تباين كبير في تقديرات الإصابة بالسرطان عند الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت المشاركات أبلغن عن استخدام المكملات قبل التوزيع العشوائي في الاختبار، في حين لم يلاحظ أي اختلاف في تقديرات الوفيات، باستثناء الوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية. ولا يعرف أعضاء فريق طومسون على وجه اليقين سبب زيادة وفيات أمراض القلب، لكنهم يشكّون في أن الاختلاف ربما يكون ناجما عن المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم والتي تشجع المزيد من التكلس في الشرايين التاجية.
وكتب الباحثون “تأثيرات المكملات الغذائية المحتوية على فيتامين ‘د’ للوقاية من السرطان قد تعتمد على تحقيق تركيزات فيتامين ‘د’ في الدم أعلى من 50 نانومول في اللتر. وبالنظر إلى الطريقة المتبعة في الدراسة، لم نتمكن من فصل الفوائد أو الأضرار الإضافية للمكملات التي تحتوي على الكالسيوم وفيتامين ‘د’ مجتمعة مقابل فيتامين ‘د’ وحده، وهو موضوع يستحق الدراسة المستقبلية”.
وأثبتت الدراسات التي أجريت مؤخرًا حول الكالسيوم وأمراض القلب مجددًا الاختلافات بين تناول الأطعمة المحتوية على الفيتامينات والمعادن وتناول المكملات الغذائية؛ فبينما يرتبط الأول بانخفاض خطر الإصابة بنوبة قلبية، يرتبط الثاني بزيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية.
والكثير من الناس لا يحصلون على كمية الكالسيوم التي يحتاجون إليها. وينفق الأميركيون أكثر من مليار دولار سنويًا على المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم. وعلى غرار دراسات أخرى وجدت أن تناول الفيتامينات، وخاصة مضادات الأكسدة، من الغذاء يمكن أن يحمي من أمراض القلب ولكن الحصول عليها من المكملات سيزيد حتمًا من خطر الإصابة بأمراض القلب، تشير الدراسات حول الكالسيوم أيضًا إلى هذه العلاقة المعقدة.
ووجدت الدراسات الوبائية الواسعة بانتظام وجود علاقة عكسية بين تناول الكالسيوم من خلال الغذاء وبين انخفاض خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني، وجميعها عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أي أن تناول الكالسيوم من الغذاء لا يزيد من خطر الإصابة بهذه الأمراض. وفي الواقع، وجدت الدراسات أيضًا أن هناك علاقة بين التغذية الغنية بالكالسيوم وانخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب الوعائية، في حين أن تناول مكملات الكالسيوم مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بنوبة قلبية.
وفي دراسة حديثة تبين أن الأشخاص الذين تناولوا المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم تضاعف احتمال تعرضهم للإصابة بنوبة قلبية مقارنة بالأشخاص الذين لم يتناولوا المكملات الغذائية. في المقابل ارتبط تناول كميات كبيرة من الكالسيوم من خلال الغذاء ومنتجات الحليب بانخفاض خطر الإصابة بنوبة قلبية بنسبة 30 في المئة بالمقارنة مع الاستهلاك المنخفض. ولم يتم إيجاد علاقة ملحوظة لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية ومعدل الوفيات من أمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام.
◙ يجب توخي الحذر أثناء تناول المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم بالمقارنة مع تناول كميات كبيرة من الكالسيوم في الغذاء
واستمرت الدراسة بمعدل 11 سنة وشملت حوالي 24 ألف مشترك تتراوح أعمارهم بين 35 و64 عامًا، وكجزء من دراسة أوروبية كبيرة عن النظام الغذائي والسرطان. ووفقا للباحثين، فإن التفسير المحتمل للتأثير العكسي للكالسيوم من المكملات الغذائية ومن الغذاء هو الارتفاع الحاد في مستويات الكالسيوم في الدم بعد تناول المكملات الغذائية، ولكن ليس بعد تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم.
ويمكن لمستويات عالية جدًا من الكالسيوم في الدم أن تزيد تصلب الشرايين أو تؤثر على تخثر الدم. وتتطابق نتائج الدراسة مع تلك التي تم الحصول عليها من دراستين من نوع التحليل التلوي (تحليل الدراسات السريرية) اللتين أظهرتا أن تناول المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وعلى سبيل المثال وجد التحليل التلوي الذي أجراه باحثون من نيوزيلندا أن المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم (بجرعة ألف ملغ في اليوم الواحد أو أكثر) تزيد من خطر الإصابة بالنوبة القلبية بنسبة 27 إلى 32 في المئة ومن خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 12 إلى 20 في المئة.
واستنتج الباحثون أنه يجب توخي الحذر أثناء تناول المكملات الغذائية المحتوية على الكالسيوم، بالمقارنة مع تناول كميات كبيرة من الكالسيوم في الغذاء، وأن المصادر الغذائية للكالسيوم لا تؤثر سلبًا على القلب والأوعية الدموية ولذلك فهي أفضل من المكملات الغذائية. وتستند توصيات تناول الكالسيوم في الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة إلى النتائج المتعلقة بصحة العظام، وتؤكد أهمية الكالسيوم للعظام وللحفاظ عليها في دورة الحياة. وفي التوصيات أيضًا يشدد الخبراء على أنه ينبغي أن يكون مصدر الكالسيوم الطعام وليس المكملات الغذائية.