المكتبات المستقلة في فرنسا قلقة على مستقبلها

باريس - تواجه المكتبات المستقلة، وهي من المظاهر الأدبية المهمة في فرنسا، خطرا على مستقبلها بسبب تراجع الإقبال على مطالعة الكتب وتنامي هيمنة المؤسسات الكبرى في القطاع… لكنها تبتدع أساليب جديدة للصمود. وتحتفل نحو 700 مكتبة في فرنسا وبلجيكا وسويسرا ولوكسمبورغ السبت بعيد المكتبات المستقلة السابع والعشرين، بتقديم وردة وكتاب إلى كل زبون يقصدها في هذا اليوم، على غرار ما يفعل سكان كاتالونيا.
ويتوافق تاريخ عيد المكتبات هذه السنة مع سبت سانت جوردي الذي درج فيه سكان الإقليم على أن يهدي بعضهم بعضا الورود والكتب. وبيعَ 1.98 مليون كتاب في هذا اليوم في إسبانيا عام 2024، وهو رقم قياسي. ولم يصبح هذا التقليد راسخا بعدُ في البلدان الفرنكوفونية، لكن منظمي عيد المكتبات المستقلة يسعون إلى ذلك. وتتمحور المناسبة هذه السنة على موضوع “لماذا لا تُصنّف المكتبات مؤسسات تجارية كغيرها؟”.
وتبدو الإشارات مثيرة للقلق بالفعل. فالنسخة الأحدث التي صدرت في يناير وفبراير من دراسة تُجرى كل سنتين لحساب المركز الوطني للكتاب، أظهرت أن المكتبات حلّت عام 2025 وراء المتاجر الثقافية الكبرى في ترتيب أماكن شراء الكتب، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ باكورة هذه الدراسات عام 2015.
700
مكتبة في فرنسا وبلجيكا وسويسرا ولوكسمبورغ تحتفل بعيد المكتبات المستقلة بتقديم وردة وكتاب إلى كل زبون يقصدها في هذا اليوم
وأشار 66 في المئة ممن شملهم الاستطلاع إلى أنهم يشترون كتبهم من المكتبات، في حين أفاد 75 في المئة بأنهم يبتاعونها من هذه المتاجر الكبرى، في حين أن الصورة كانت معكوسة عام 2023، إذ كانت نسبة من يعتمدون المكتبات 73 في المئة، بينما كان 69 في المئة يلجأون إلى المتاجر الكبرى.
وقالت ماري روز غارنييري التي تملك مكتبة في باريس “نعم، نحن نواجه اليوم منافسة شديدة.”
ولاحظت أن “المكتبات أماكن لا تتمتع بالكمال، إذ لديها نقص في مخزونها، وثمة حدود لعملها، لكنها تتميز بأسلوبها ومعرفتها في هذا المجال. إذا اقتصر الأمر على وجود سلاسل متشابهة، فلن تعرض سوى الكتب الأكثر مبيعا. وبالتالي لا بد من إطلاق التحذير الآتي: لا تهجروا المكتبات، لأنكم ستخسرون شيئا بالغ الأهمية.”
ويُتوقع أن تشهد السوق التي تجري فيها هذه المنافسة ركودا أو حتى تراجعا في 2025. ورأت ناشرة طلبت عدم ذكر اسمها أن “انخفاض المبيعات على أمازون لا يترافق مع تحولها إلى المكتبات، مع أننا كنا نتمنى أن يحصل ذلك.” ويبدو أن أمازون التي رفضت إعطاء أي أرقام، تعاني من رسوم الشحن البالغة 3 يوروهات على الطلبات ما دون 35 يورو، والتي أصبحت إلزامية منذ أكتوبر 2023.
واعتُمد هذا الإجراء بهدف حماية شبكة المكتبات في فرنسا. لكن الربحية هي من بين الأدنى في قطاع التجزئة، وفقا للأرقام التي أوردتها شركة “كزيرفي” في دراسة أجراها عام 2024 اتحاد المكتبات الفرنسية. وقالت ماري روز غارنييري “نوزع 26 ألف نسخة من كتاب بفضل دار غاليمار للنشر، وهو ما يجذب الناس. لكنّ الهدف هو أيضا جمع شمل هذه المهنة، بما في ذلك المكتبات في المدن الصغيرة والقرى، ليشعر أصحابها بالانتماء إلى جماعة.”