المغرب يقر قانونا لتسريع وتيرة توطين الصناعة العسكرية

الحكومة المغربية تصادق خلال اجتماع ترأسه الملك محمد السادس على أربعة مشاريع بينها إنشاء منطقتين صناعيتين لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع.
الأحد 2024/06/02
رؤية واضحة نحو المستقبل

الرباط – يعتزم المغرب إنشاء منطقتين صناعيتين في مجال الدفاع للاهتمام بمعدات وآليات الأمن وأنظمة الأسلحة، وذلك بحسب بيان للناطق باسم القصر الملكي عبدالحق المريني، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، عقب مصادقة المجلس الوزاري الذي ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس على أربعة مشاريع تتعلق بالمجال العسكري.

ويهدف مشروع المرسوم الأول، بحسب البيان، "إحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، بهدف توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة".

وبحسب البيان يهدف مشروع المرسوم الثاني تخويل الأساتذة رؤساء المراكز بالمؤسسات الاستشفائية العسكرية تعويضا عن المهام".

وبخصوص مشروع المرسوم الثالث، فيتعلق "بإحداث اللجنة الوطنية للتنسيق في مجالات علم المحيطات والخرائطية البحرية، في حين يتعلق مشروع المرسوم الرابع بإحداث منصب ملحق عسكري لدى سفارة المملكة ببرازيليا".

وكان المغرب قد أقرّ قانوناً في يوليو 2020، يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن، وتصديرها إلى دول أخرى كذلك.

ويعتبر هذا القانون أقوى الإشارات إلى توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية، في خيار استراتيجي يمكّنها من تحقيق اكتفاء ذاتي، ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية.

كما يشكل مقدمة نحو التصنيع العسكري في المغرب، خصوصا بعد إبرام اتفاق الشراكة العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة، الممتد للفترة بين 2020 و2030، حيث ينصّ أحد بنوده على تشجيع واشنطن للاستثمارات التي تهدف إلى خلق صناعة عسكرية في المغرب.

ويؤدي تصديق المجلس الوزاري على مشروع المرسوم الخاص بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، بعد موافقة العاهل المغربي بوصفه قائدا أعلى للقوات المسلحة، إلى توطين الصناعات العسكرية بالمغرب التي سبق للبرلمان المغربي أن صدّق على الترسانة القانونية الخاصة بها، التي تسهل عملية الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه الصناعات.

ويأتي التصديق على إحداث منطقتين للتصنيع العسكري في إطار مخرجات اتفاقيات التعاون العسكري التي أبرمها المغرب مع دول عدة، بما فيها إسرائيل، التي ستساهم بخبرتها في إقامة مصانع لتصنيع طائرات دون طيار أو الدرونات الكاميكازية (طائرات انتحارية)، بالإضافة إلى تصنيع قطع الغيار وآليات عسكرية أخرى.

وخلال السنوات الأربع الماضية، توالت إشارات كثيرة لتكشف عن تحوّل نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية، من خلال السعي نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنه من مواجهة المخاطر في منطقة ملتهبة وغير مستقرة.

وإلى جانب التوجه للتعاون العسكري، عملت الرباط، في سعيها لفتح أبواب التصنيع العسكري في المغرب على توفير الترسانة القانونية المسطرة لصناعة الدفاع، حيث أقر المجلس الوزاري المنعقد في 28 يونيو 2021 برئاسة الملك محمد السادس، مشروع مرسوم يخصّ تطبيق القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، وتحديد كيفيات ممارسة أنشطة تصنيع العتاد والتجهيزات المرتبطة بالمجال العسكري، وعمليات الاستيراد والتصدير والنقل المتعلقة بها.

وقد نجح المغرب خلال الفترة الماضية في تحقيق نقلة نوعية في مجال الاستقلالية الدفاعية، بالإضافة إلى قطع شوط معتبر على صعيد تحديث المنظومة العسكرية، وخاصة في قطاع القوات الجوية.

وساهمت النجاحات المغربية في المجال الدفاعي في توفير العديد من فرص العمل، بالإضافة إلى تقليص فاتورة استيراد الأسلحة عبر الصفقات التي تبرمها مع العديد من القوى الدولية والإقليمية.

وعملت الرباط خلال الفترة الماضية على زيادة المخصصات المالية في الموازنة العامة لدعم وتطوير الصناعات الدفاعية، وتوسيع الاستثمار في الإنتاج الدفاعي المحلي.

وفي هذا السياق، وصلت ميزانية الدفاع المغربية في العام الجاري 2023 إلى 5.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما رفعت المملكة مخصصات الدفاع في مشروع ميزانية 2024 إلى 12.2 مليار دولار. ويستهدف القسم الأعظم منها امتلاك وإصلاح المعدات العسكرية، ودعم وتطوير الصناعات في المجال الدفاعي تحديداً.

ويرى مراقبون أن التهديدات للأمن القومي للمغرب، جراء الأوضاع غير المستقرة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي وجنوبي الصحراء، دفعته إلى تبني استراتيجية دفاعية تقوم على أساس اقتناء أسلحة متطورة، وتنويع مصادر التسليح، حفاظاً على نوع من الاستقلالية، بالإضافة إلى العمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع بعض الأسلحة المعينة، وخفض تكلفة الصيانة، بإنشاء مواقع عدة لصيانة المعدات العسكرية.