المغرب يحتضن خلوة لمجلس حقوق الإنسان الأممي في سابقة تاريخية

الرباط - يحتضن المغرب اليوم الخميس وغدا الجمعة بالعاصمة الرباط خلوة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي تترأسه المملكة، في حدث يعد الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتهدف "خلوة الرباط" إلى خلق فضاء للحوار من أجل تعزيز التفكير بشأن مسلسل بحث وضعية مجلس حقوق الإنسان من طرف الجمعية العامة، طبقا للقرار المتعلق بإحداثه. حسب بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وستكون هذه الخلوة فرصة لتسليط الضوء على مقترحات الرئاسة بشأن بترشيد ونجاعة مجلس حقوق الإنسان، وهي مواضيع تتم مناقشتها حاليا برعاية العديد من الميسرين المشاركين.
كما ستشكل فرصة للتركيز على التنسيق بين الهيئات التي تتولى مهمة ترتبط بحقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة في جنيف ونيويورك من أجل ضمان أكبر قدر من الانسجام في عمل الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.
وهذه الصيغة التي أطلقت سنة 2010 في بانكوك، اعتمدت منذ ذلك الحين من قبل بلدان ترأست مجلس حقوق الإنسان، من قبيل ألمانيا وسلوفينيا والسنغال وسويسرا والنمسا. وقد أثبتت هذه الصيغة قيمتها العالية في تشجيع المناقشات المعمقة، التي أدت بالخصوص إلى تبني قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سير عمل مجلس حقوق الإنسان.
وتتيح الخلوات للرؤساء المتعاقبين لمجلس حقوق الإنسان فرصة متميزة للحوار مع مختلف الأطراف الفاعلة لتحديد واستكشاف الحلول الرامية إلى تقوية فعالية ونجاعة المجلس. كما تمكن هذه الاجتماعات من التطرق على نحو معمق إلى التحديات الراهنة، وكذا تجميع وجهات نظر مختلفة واقتراح سبل التطوير التي تساهم في تحسين أداء وتأثير إجراءات مجلس حقوق الإنسان.
وخلص البيان إلى أن هذه اللقاءات، التي تضم الدول الأعضاء ومنسقي المجموعات الإقليمية والمفوض السامي لحقوق الإنسان وممثلين عن المجتمع المدني، ستمكن من تبادل وجهات النظر على نطاق واسع ومعمق.
وحظي المغرب، في بداية العام الجاري، بثقة رئاسة مجلس حقوق الإنسان بعد انتخاب السفير عمر زنيبر، الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، رئيسا له بأغلبية 30 صوتا مقابل 17 صوتا فقط للمنافس الجنوب أفريقي حينها السفير مكسوليسي نكوسي، وهو ما يشكل، من جهة، اعترافا دوليا بالتزام الرباط بتكريس وإشاعة قيم حقوق الإنسان والأوراش الحقوقية الكبرى التي أطلقتها المملكة، وكذا إسهامها الدولي في تطوير الآليات الحقوقية الأممية، ووفائها بتعهداتها والتزاماتها الدولية. إذ يؤكد الدستور المغربي في تصديره على تشبث المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.
ومنذ تأسيسه، ساهمت المملكة بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس في مختلف مبادرات إصلاح وتطوير عمل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وكذا مختلف آلياته الرقابية، في تأكيد على التزام المملكة بدعم وتعزيز المنظومة الحقوقية الدولية، الشيء الذي جعل المملكة تحتل موقعا متميزا داخل هذا الإطار الأممي، محافظا بذلك على ثوابت اختياراته التي جعلت من الديمقراطية وحقوق الإنسان كلا لا يقبل التجزئة.
ولعبت الرباط دورا محوريا في مختلف المراحل التأسيسية لمجلس حقوق الإنسان الذي تترأسه حاليا، حيث ساهمت في آلياته وقواعده التأسيسية. كما أسهمت في مختلف المراجعات الدولية التي شملها، وشاركت في مجموعاته الموضوعاتية، دون أن ننسى مساهمتها في استصدار قرارات وقيادة مبادرات دولية بارزة ذات العلاقة بالشأن الحقوقي؛ ما يعكس التزامها وحرصها على التوفيق بين العمل الوطني والجهود الدولية، ويُثبت موقعها كفاعل رئيسي في المنظومة الحقوقية العالمية.
وفي إطار مواصلة هذه الجهود، يستمر المغرب في إبداء تفاعله الإيجابي مع آليات النظام الدولي الحقوقي، بما في ذلك آليات الاستعراض الدولي الشامل، مصادقا بذلك على تسعة صكوك دولية رئيسة في مجال حقوق الإنسان من أصل عشرة، وموافقا على أغلب توصيات المراجعة الدورية الشاملة، وبدأ في تنزيلها من خلال قوانينه الوضعية الوطنية، دون أن يفوته أن يثير خلال رئاسته الدورية لمجلس حقوق الإنسان العديد من القضايا ذات العلاقة المباشرة بهذه الحقوق؛ مثل قضايا التغير المناخي، والأمن الغذائي، وتأثير الذكاء الاصطناعي، كمستجد تكنولوجي وعلمي، على صيرورة حقوق الإنسان على الصعيد العالمي.