المغرب: اتهام التجمع الوطني للأحرار بتوظيف العمل الخيري في الدعاية الانتخابية

الرباط - تعرض حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الائتلاف الحكومي في المغرب، إلى اتهامات باستغلاله العمل الخيري في شهر رمضان عبر جمعية “جود” التابعة له في الدعاية الانتخابية.
وطالبت هيئات وشخصيات سياسية وحزبية بفتح تحقيق رسمي بسبب ما راج عن استغلال الحزب للمدّ التضامني لاستمالة الناخبين.
وحثت فيدرالية اليسار الديمقراطي وزارة الداخلية على فتح تحقيق في القضية، للحدّ من الممارسات التي تتنافى مع القوانين.
وشددت الفيدرالية على محاسبة المتورطين في توظيف حزب التجمع الوطني للأحرار للمساعدات الرمضانية، عبر جمعية تابعة له، في حملة انتخابية سابقة لأوانها.
واعتبرت الفيدرالية أن المساعدات الرمضانية تحولت إلى منهجية من منهجيات الفساد الانتخابي لاستمالة أصوات الناخبين، والتحكم في الخارطة الانتخابية.
وهددت بخوض كل الأشكال الاحتجاجية لفضح هذه الممارسات غير الأخلاقية، التي تهدد سلامة العملية الانتخابية.
واتهم عبداللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، نهاية الأسبوع الماضي، عزيز أخنوش رئيس حزب الأحرار والذي يشغل أيضا منصب وزير الزراعة في الحكومة، باستغلال مساعدات المؤسسة للقيام بحملة انتخابية.
وأشار وهبي إلى أن مؤسسة “جود” وزعت ما يقارب مليون قفة رمضانية، معتبرا أن المسألة أصبحت مشكلة سياسية في المملكة، وتشكل “أكبر فضيحة أخلاقية تواجه المغرب” باستغلال فقر المغاربة لأغراض انتخابية.
كما طالب حزب التقدم والاشتراكية السلطات العمومية، بالتحرك لوقف ممارسات جمعية “جود” المحسوبة على حزب التجمع الوطني للأحرار، مشيرا بالخصوص إلى حملتها الأخيرة بمنح قفف رمضان في سياق انتخابي.
ورغم الاتهامات الصريحة باستغلاله نفوذه المالي والسياسي والحكومي لاستقطاب الناخبين، إلا أن أخنوش لم يعرها أي اهتمام ودعا المديرين الجهويين التابعين لوزارته إلى مواصلة عملهم، وتنزيل المشاريع دون الالتفات إلى الانتقادات التي توجه إليهم.
واعتبر أخنوش الانتقادات والشكوك بشأن نوايا مؤسسة “جود” تأتي في سياق أجندة سياسية. مشيرا إلى أن “المؤسسة تشتغل منذ مدة طوية ولم يتم الالتفات إليها، وقبل الانتخابات أصبحت تشكل مشكلة”.
وخرجت مؤسسة “جود” عن صمتها لتعلن عن تفاجئها بما وصفته بـ”لادعاءات اللامسؤولة” لبعض الأحزاب التي “تضرب في العمق العمل الاجتماعي والجمعوي”.
وعبرت المؤسسة في بيان لها، عن استغرابها من محاولات إقحامها في صراع سياسي لا علاقة لها به، مؤكدة سعيها المتواصل منذ نشأتها لـ”مواكبة المئات من الجمعيات المحلية، ذات الاهتمامات المتنوعة والمجالات الجغرافية المختلفة”.
وأوضح أخنوش أن “جود مؤسسة تضامنية تجتهد في جميع المجالات، وتشتغل مع المئات من الجمعيات، وأنجزت المئات من المشاريع، مثل الطرق في العالم القروي، والماء الصالح للشراب، وبناء الأقسام والتعليم الأولي وتكوين النساء في الخياطة، وفي الصحة والتمريض، والفن والرياضة”.
ووصف مصدر من داخل حزب الأحرار “هؤلاء المنتقدين بأن ما يفعلونه سلوك شعبوي”، وأضاف لـ”العرب”، “أننا في الحزب وضعنا حدودا واضحة بين العمل السياسي والعمل الخيري، ونحترم القوانين المؤطرة لهذا الفعل ولا يمكننا استغلال حاجة الناس لأسباب انتخابية”.
وتعليقا على هذا اللغط، أوضح المحلل السياسي عمر الشرقاوي، أنه مع “اقتراب الموعد الانتخابي تحول المجال العمومي إلى مساحة للمزايدات السياسية والخطابات العاطفية، التي تتغذى من الاتجار السياسي في مآسي الناس، وتخوين المنافسين، وفي الأخير ستجد أحزاب الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال سمن على عسل في حكومة واحدة”.
ولم تقتصر الاتهامات التي وُجهت لحزب التجمع للأحرار والجمعية التابعة له، على التنظيمات الثلاثة، بل انضم إليها حزب الاستقلال منددا بما اعتبره تسخيرها العمل الخيري في السياسة، وإطلاق حملات انتخابية قبل أوانها.
ونبهت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال إلى أنه “يتم تسخير العمل الخيري وبأحجام كبيرة جدا وغير معتادة، في معترك التنافس السياسي، واستغلال حاجة المواطنات والمواطنين المتضررين من تداعيات الجائحة، بمنحهم ‘القفة الغذائية’ المشروطة بالانتماء الحزبي، واستغلال المعطيات الشخصية للمستفيدين من عمليات الدعم الغذائي لأغراض أخرى، لا صلة لها بالعمل التضامني النبيل”.
وفي الوقت الذي استنكرت فيه فيدرالية اليسار الديمقراطي “استغلال فقر المواطنين، واستعمال البطاقات الوطنية لغربلة عدم المسجلين في اللوائح الانتخابية، بل وإرسال بطاقات الانخراط في الحزب المذكور كوسيلة للضغط على المواطنين”. دعا حزب الاستقلال “اللجنة الوطنية إلى مراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للقيام بأدوارها في حماية البيانات، والمعطيات الشخصية للمواطنين”، وذلك في محاولة للضغط على التجمع الوطني للأحرار.