المعركة على قيادة الجيش تطيل الطريق نحو التوافق بين الفرقاء في ليبيا

القاهرة- تعثرت من جديد اجتماعات العسكريين الليبيين، بعد لقاءات ومشاورات ماراثونية جرت خلال الأيام الماضية في القاهرة، بمشاركة وفد عسكري يمثل القيادة العامة للجيش الليبي تحت قيادة المشير خليفة حفتر وآخر يمثل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج.
وعلمت “العرب” أن سبب تعثر الجولة الأخيرة للمشاورات يكمن في تمسك السراج بمنصب القائد الأعلى للجيش الليبي مع صلاحيات كبيرة ومحددة، فيما يتمسك المشير خليفة حفتر بضرورة تولي المنصب رئيس منتخب وليس رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.
وأكد مصدر عسكري ليبي، شارك في اجتماعات القاهرة، لـ”العرب”، أن “تعنت السراج يعرقل توحيد المؤسسة العسكرية، وتحالفه مع أطراف تعارض استمرار رعاية مصر لاجتماعات العسكريين يدفع إلى تعقيد الأزمة، ومواصلة الركود في المسار السياسي”.
ووفق مسودة الاتفاق بين العسكريين الليبيين، يتطلب إعلان توحيد المؤسسة العسكرية الليبية حضور من يمثل رئيس الدولة للتوقيع على الاتفاق قبيل دخوله حيز التنفيذ.
وقال المصدر الليبي إن القادة العسكريين بدأوا في مغادرة القاهرة الاثنين والثلاثاء، عقب التيقن من فشل محاولات إقناع السراج بأهمية التوقيع على اتفاق توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
وأشار المصدر إلى خضوع السراج لضغوط تمارسها الميليشيات المسلحة التي لا تزال تسيطر على أماكن مهمة في طرابلس، والانصات إلى توصيات غسان سلامة رئيس البعثة الأممية في ليبيا والتي تتحفظ على استمرار رعاية اجتماعات توحيد الجيش في مصر.
وأوضح المصدر أن رئيس حكومة الوفاق الليبية يجري مشاورات مكثفة مع عدد من الأطراف في طرابلس، خاصة مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار وزير دفاع جديد في حكومته خلفا للعقيد المهدي البرغثي الذي تمت إقالته شهر يوليو الماضي، على خلفية مجزرة براك الشاطىء الجوية في جنوب البلاد.
ومن المرجح أن يدفع موقف السراج غلى المزيد من العراقيل للأزمة، والتي قد تؤدي بالمشير خليفة حفتر إلى اللجوء إلى خيارات أخرى، منها التوجه نحو العاصمة وإنهاء سيطرة الميليشيات، عقب عملية تطهير الجنوب الليبي من الإرهابيين الجارية حاليا، أو الاعتماد على قوات عسكرية تتمركز في غرب البلاد.
ولم تستبعد بعض المصادر أن يلجأ حفتر إلى التلويح بورقة توطيد العلاقات مع روسيا، لدفع القوى الغربية المعنية بالأزمة لممارسة ضغوط على رئيس حكومة الوفاق.
ولفت خالد الترجمان رئيس مجموعة العمل الوطني في ليبيا، إلى أن النواة الأساسية للجيش الليبي متواجدة في الشرق، وأن ما جرى في القاهرة من محاولة إقناع بعض العسكريين الذين لم ينضموا للمؤسسة العسكرية بأهمية الالتحاق بالجيش عملية مهمة.
وأشار في تصريحات لـ”العرب” إلى أن ما يجري يكشف عن محاولة بعض الأطراف ترسيخ الانقسام بين المؤسسة العسكرية، كما يحدث في المسار السياسي، منتقدا خضوع فايز السراج لقرار الميليشيات المسلحة المسيطرة على طرابلس.
ورأى أهمية كبيرة في دخول الجيش العاصمة للقضاء على حكم الميليشيات، وهو ما ألمح إليه المشير خليفة حفتر مرارا. وانتقد الترجمان دور البعثة الأممية في ليبيا ورضوخها لضغوط قوى محلية وخارجية للتحرك باتجاه معين أو تبني مبادرة دولية معينة، فضلا عن توفير دعم أعمى للسراج وعدم الممانعة لوجود الميليشيات والكتائب المسلحة.
وقال عبدالحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الإنتقالي الليبي السابق، إن تعثر اجتماعات العسكريين سوف يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة، فالخيارات باتت محدودة جدا لكافة الأطراف وهو ما يفاقم من ملامح الأزمة الأمنية والسياسية.
وأكد لـ”العرب” من بنغازي، أنه لا بديل عن التفاوض والحوار وتوحيد المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، رافضا دخول الجيش إلى طرابلس، لأن ذلك يؤدي لدمار البلاد بسبب الانقسام السياسي والعسكري.
ونجحت اجتماعات القاهرة لتوحيد المؤسسة العسكرية في حسم الملفات المتعلقة بتوحيد الجيش الليبي، ووضع رؤية محددة لتفعيل عمل الجيش الليبي على الأرض والقيام بدوره في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وتضمنت آخر مسودة لاجتماعات العسكريين بنودا خاصة بإعادة تشكيل جهاز الحرس الرئاسي، الذي أثار جدلا خلال السنوات الماضية. واحتوت أيضا وضع أطر عدة لضبط عمل الجهاز بما يضمن له الفاعلية والتأثير.
ومن أبرز البنود، الإبقاء على القائد العام المعيّن من مجلس النواب، المشير خليفة حفتر في منصبه قائدا عامًا للقوات المسلحة مدة أربع سنوات يضاف إليها عام آخر. ونصت المسودة على حظر التشكيلات الموازية للجيش الليبي من خلال قرارات حازمة وإتاحة الفرصة للجميع للانتساب للمؤسسة العسكرية، ومنح ميزة الأسبقية لأفراد التشكيلات.