المعركة ضد داعش تحط أوزارها وتفتح الباب أمام جدل عودة المقاتلين

رسالة مصورة من تنظيم الدولة الإسلامية تحث الأنصار على "الثبات"، وتعامل حذر مع نساء الدواعش على أنهن خلايا ناعمة.
الأربعاء 2019/03/13
هل تحمل النساء لواء التنظيم في المستقبل

رودي سعيد

الباغوز (سوريا) - دعا تنظيم الدولة الإسلامية في شريط مصوّر أنصاره العالقين داخل بلدة الباغوز في شرق سوريا إلى “الثبات”، في مواجهة الحصار والقصف الذي يتعرضون له، فيما ردّت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، على هذه الدعوة بالتأكيد على أن تنظيم داعش صار على شفا الهزيمة في آخر جيب تحت سيطرته، ما يعني أن على العالم، وتحديدا الدول الأوروبية، الاستعداد للتعامل بجدية أكثر مع الملفات العالقة وعلى رأسها زوجات وأبناء مقاتلي داعش من أصول أوروبية.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن استعادة السيطرة على المنطقة باتت وشيكة. وجيب الباغوز المحاصر هو آخر قطعة أرض يسيطر عليها التنظيم المتشدد الذي طرده خصوم، من بينهم تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضية من الأراضي التي كانت تحت سيطرته في العراق وسوريا.

وتفرض قوات سوريا الديمقراطية حصارا على الباغوز منذ أسابيع لكنها أجلت مرارا الهجوم النهائي للسماح بإجلاء الآلاف من المدنيين، ومن بينهم زوجات وأبناء مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. لكنها استأنفت الهجوم أخيرا الأحد مدعومة بضربات جوية من التحالف. وقال كينو غابرييل، وهو متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، إن “عملية الباغوز منتهية أو بحكم المنتهية ولكن تحتاج إلى قليل من الوقت من أجل إنهائها عمليا على الأرض”.

وأضاف غابرييل أنه جرى التأكد من مقتل 25 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الاشتباكات حتى الآن، فضلا عن عدد غير محدد من قتلى المتشددين بسبب الضربات الجوية. وكان مسؤول آخر في قوات سوريا الديمقراطية أكد في وقت سابق مقتل 38 من مقاتلي التنظيم.

وتتقدم قوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية السورية، ببطء في الباغوز للحد من الخسائر على يد القناصة أو بسبب الألغام الأرضية. وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن دفاعات تنظيم الدولة الإسلامية تتضمن شبكة موسعة من الأنفاق، فيما يتحصّن عدد كبير من أشد المقاتلين الأجانب بأسا داخل الجيب.

وأشار مسؤول دفاعي أميركي إن واشنطن لا تعتقد أن هناك قيادات للتنظيم في الباغوز، وتفيد تقديراتها بأن القيادات انتقلت لمكان آخر في إطار تحول التنظيم إلى أساليب حرب العصابات.

فيديو قيادات التنظيم في الباغوز يثير قلقا دوليا
فيديو قيادات التنظيم في الباغوز يثير قلقا دوليا

وما زال التنظيم ينشط في مناطق نائية ويُعتقد على نطاق واسع أنه سيظل يمثل تهديدا أمنيا محتملا. ونُقل القسم الأكبر ممن تم إجلاؤهم من أراضي تنظيم الدولة الإسلامية الآخذة في الانكماش إلى مخيم للنازحين في الهول بشمال شرق سوريا، وتقول الأمم المتحدة إن ظروف المعيشة في المخيم “صعبة للغاية”.

وتقول الأمم المتحدة إن المخيم المصمم لاستيعاب 20 ألف شخص يأوي الآن أكثر من 66 ألفا. وقالت منظمة الصحة العالمية إن 106 أشخاص، معظمهم رضع، لقوا حتفهم منذ ديسمبر، خلال الرحلة التي تستغرق ست ساعات على الأقل وصولا إلى الهول.

وأثار دفاع الكثير من الفارين باستماتة عن تنظيم الدولة الإسلامية، خاصة الأجانب منهم، تحديا أمنيا وقانونيا وأخلاقيا معقدا. واتجهت الأنظار إلى هذه القضية الجمعة بوفاة رضيع شاميما بيغوم الشابة البريطانية التي غادرت بلادها وهي صغيرة السن للانضمام إلى التنظيم المتشدد. وضاعف الفيديو الذي نشره تنظيم داعش، على حسابات جهادية على تطبيق تلغرام، ومدته 14 دقيقة، من قلق الدول الغربية وترددها إزاء قبول من أعلنوا “توبتهم”، وطالبوا السماح والعودة إلى بلادهم. فمثل هذه الدعوة تعني أن التنظيم ما زال قادرا على التأثير وأنه مازال نشطا.

وعلى وقع العمليات العسكرية، خرج عشرات الآلاف من النساء والأطفال والرجال من البقعة المحاصرة، بينهم عدد من مقاتلي التنظيم، على دفعات. وتشكّل النساء مع أطفالهن النسبة الأكبر، من هؤلاء الفارين والذين سلموا أنفسهم إلى قوات سوريا الديمقراطية.

وغالبا ما كان ينظر إلى النساء كضحايا، إلا أنّ الصورة تغيّرت حيث باتت بعض الدراسات تعتبرهن مستقبل التنظيمات الجهادية. وتجري دول مثل المملكة المتحدة وهولندا وألمانيا وفرنسا تحقيقات تشمل الجنسين، وتقيّم مخاطر كلّ من الرجال والنساء العائدين من بؤر التوتّر. لقد تغيّرت السياسات كليّا من عدم إدانة النساء المنتميات إلى الدولة الإسلامية إلى العكس تماما.

وتحوّلت السياسة والرأي العام من تجاهل النساء في الحركات الجهادية إلى إضافتهنّ إلى استراتيجيات مكافحة التطرّف، ومعالجة التهديد الذي يشكّلنه بنفس الطريقة التي يتخذونها ضد الرجال. ويتزايد افتراض التساوي في احتمالات العنف من خلايا الذكور والإناث.

قلّة من النساء قُتلن في المعركة، وعودة بعضهنّ إلى موطنهنّ دفع بالمسؤولين إلى التحذير من أي شيء في المستقبل، خاصة أن التنظيم على ما يبدو أعطى توجيهاته للنساء العائدات. تقول إن سيبخارد، مديرة المركز الدولي لدراسة التطرّف والعنف، إن هناك بالتأكيد نسوة اعتنقن فكر التنظيم، ولكن هناك من جرى دفعهنّ إلى التطرّف، خاصة أولئك النسوة اللائي قمن بأدوار معيّنة إبّان فترة حكم التنظيم.

6