المعتمرون الإيرانيون يعودون إلى السعودية على وقع المصالحة بين الرياض وطهران

مكة المكرمة (السعودية)- بدأ المعتمرون الإيرانيون يسجّلون حضورهم مجدّدا في البقاع المقدّسة بالمملكة العربية السعودية بعد انقطاع تواصل منذ نحو ثماني سنوات ولم تكن الخلافات الحادة بين الرياض وطهران بعيدة عن أسبابه، كما لن تكون المصالحة التي جرت بين الطرفين بعيدة أيضا عن عودة الإيرانيين لأداء العمرة.
ولا يخلو فتح الطريق أمام توافد الإيرانيين إلى المملكة لأداء مناسك الحجّ والعمرة، على الرغم مما انطوى عليه الأمر في أوقات سابقة من مشاكل بسبب رغبة إيران في استغلال تلك المناسك في الترويج السياسي لنظامها وتوجّهاته “الثورية الإسلامية”، من رمزية بشأن صمود المصالحة التي توسطت الصين في إنجازها بين السعودية وإيران، خصوصا وأنّ المجسّدات العملية لتلك المصالحة تبدو قليلة إلى حدّ الآن أو على الأقلّ غير فاعلة في حلحلة ملفات خلافية كبيرة وصراعات حادّة في المنطقة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الملف اليمني الذي تسجّل فيه طهران حضورا واضحا عبر وكلائها الحوثيين.
◄ تيسير السلطات السعودية لسبل الحجّ والعمرة على الإيرانيين لا يعني تساهلها بأيّ شكل في الشروط الصارمة التي يتعين على مختلف الحجّاج والمعتمرين من كل بقاع العالم الالتزام بها
ووصلت الاثنين إلى السعودية أول مجموعة من الإيرانيين لأداء العمرة للمرة الأولى منذ العام 2016، حسبما أعلنت وكالة إرنا الرسمية الإيرانية.
وأوضحت الوكالة أن الدفعة تضم مئة وسبعين معتمرا أقلتهم طائرتان إيرانيتان من مطار طهران إلى مطار المدينة المنورة.
ويأتي استئناف رحلات العمرة من إيران إلى السعودية بعد أكثر من عام من عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بموجب اتفاق تقارب مفاجئ وُقّع في الصين في مارس 2023 وأنهى قطيعة بين الطرفين دامت لسنوات.
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران عام 2016 بعد هجوم شنّه متظاهرون إيرانيون على كلّ من سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد.
وجرت مناقشات بين البلدين في الأشهر الأخيرة لاستئناف رحلات العمرة. وذكرت إرنا أنه سيتم السماح لإجمالي 5720 إيرانيا بالذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء العمرة هذا العام.
وغالبا ما تواجهت السعودية وإيران في الماضي بشأن الحج إذ اتهمت طهران الرياض “بإساءة معاملة الحجاج الإيرانيين”، بينما اتهمت الرياض الجمهورية الإسلامية “بتسييس الحج”.
وبلغت التوترات ذروتها بعد تدافع ضخم وقع عام 2015 في منى بالقرب من مكة، وخلف 2300 قتيل، بينهم 464 إيرانيا، في أسوأ كارثة في تاريخ الحج.
واستُقبلت المجموعة الأولى من المعتمرين الإيرانيين في المدينة المنورة من قبل سفير إيران لدى الرياض علي رضا عنايتي. وكان قد حضر مراسم توديع المجموعة في طهران ممثل المرشد الأعلى لشؤون الحج والعمرة عبدالفتاح نواب ورئيس مؤسسة الحج والعمرة عباس حسيني، والسفير السعودي لدى إيران عبدالله بن سعود العنزي.
ويؤشّر هذا الحضور الرسمي على البعد السياسي للحدث رغم طابعه الديني والعقائدي.
وأعرب السفير عنايتي عن “ارتياحه لوصول المعتمرين الإيرانيين إلى المدينة بعد توقف طويل”. ووجه الشكر إلى “المسؤولين في السعودية، بمن فيهم مسؤولو الخارجية، على تعاونهم بهذا الخصوص”.
وكان المسؤول عن وحدة شؤون الحج بشركة المطارات الإيرانية محمد حسين أجيليان قد أعلن قبل أيام أنه سيبدأ الاثنين تفويج الزوار الايرانيين إلى السعودية لأداء العمرة، على أن تتواصل عمليات إيفاد المعتمرين الإيرانيين إلى السعودية على مدى عشرة أيام تنتهي في الثاني من الشهر المقبل.
ولا يعني تيسير السلطات السعودية لسبل الحجّ والعمرة على الإيرانيين تساهلها بأيّ شكل في الشروط الصارمة التي يتعين على مختلف الحجّاج والمعتمرين من كل بقاع العالم الالتزام بها، ومن بينها ما يتعلّق بالأمن والصحّة، فضلا عن وجوب الابتعاد كليا عن أيّ مظاهر لتسييس المناسبتين الدينيتين.
وكانت وزارة الحج والعمرة السعودية قد كشفت الأحد عن الاشتراطات والتوصيات التي تم اعتمادها خلال موسم الحج لهذا العام، والتي تتضمن التحصين ضد عدد من الأمراض، فضلا عن توصيات للدول بشأن الحالة الصحية للحجاج.
وأوصت وزارة الصحة السعودية من جهتها الدول التي يفد منها الحاج بالأخذ بعين الاعتبار خلوّه من الأمراض المتعارضة مع الحد الأدنى للاستطاعة البدنية، والتي لا يستطيع معها الحاج أداء المناسك.
كما أوصت الحجاج المصابين بالأمراض المزمنة التأكد من اصطحاب ما يفيد بحالتهم الصحية، بالإضافة إلى كمية كافية من الأدوية التي يتناولونها، والحرص على أن تكون هذه الأدوية في أغلفتها الأصلية، فضلاً عن التحصين ضد الأمراض المستهدفة بالتحصينات الأساسية مثل الدفتيريا والكزاز، والسعال الديكي وشلل الأطفال والحصبة والجدري.