المعالم الأثرية في غزة خالية من السياح

كنائس وأديرة وأرضيات فسيفسائية يعلوها الغبار بسبب الحصار.
الجمعة 2022/10/07
متاحف بلا زوار

يعاني سكان غزة من الحصار المفروض عليها من حوالي خمس عشرة سنة فعطل مصالحهم الاقتصادية، كما ساهم في إغلاق منافذ دخول السياح إلى المواقع الأثرية المتنوعة التي لا تأتيها الرحلات المدرسية من حين إلى آخر، أما المنتجعات السياحية فهي تعاني أيضا من الركود.

غزة (الأراضي الفلسطينية)- قادت الصدفة حديثا مزارعا فلسطينيا من سكان غزة إلى اكتشاف أرضية من الفسيفساء تؤرخ للعهد البيزنطي في أحدث اكتشاف أثري في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ عام 2007.

وعثر المزارع سلمان النباهين، وهو في الخمسينات من عمره، على أرضية الفسيفساء المميزة وعليها أشكال مجموعة من الطيور الملونة وحيوانات أخرى، خلال عمله في بستان زيتون يملكه في مخيم البريج للاجئين جنوب مدينة غزة.

ما حدث هو أنه خلال عملية حفر معتادة ارتطم فأس النباهين بجسم صلب شكله غير مألوف، الأمر الذي أثار انتباهه ودفعه للحفر أكثر ليعثر على الأثر غير التقليدي كما يقول.

ويشير النباهين إلى أن ما اكتشفه حظي على الفور باهتمام رسمي من السلطات الحاكمة في غزة وبتفاعل إعلامي بما في ذلك حضور خبراء وعلماء آثار دوليين من المدرسة الفرنسية للآثار لاستكمال التنقيب.

غير أن النباهين حاله حال المسؤولين في غزة لا يتوقع أي عائد سياحي مجد من وراء الاكتشاف الأثري الجديد بحكم واقع الحصار المفروض على القطاع وما خلفه من سنوات من العزلة الخارجية.

تحف من التاريخ
تحف من التاريخ

ويعرف قطاع غزة الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة، بأنه منطقة مليئة بالآثار بحكم أنه كان موقعا تجاريا مهما لحضارات ترجع إلى قدماء المصريين والفلسطينيين والإمبراطورية الرومانية.

ويقول وكيل وزارة السياحة والآثار في غزة محمد خلة إن القطاع كجزء من الأراضي الفلسطينية يمثل مركز إشعاع حضاري قديم، وتضم الأراضي في باطنها كنوز الحضارات من مختلف العصور والحقب الزمنية.

ويشير خلة إلى أن قطاع غزة شهد على مدار السنوات الأخيرة تنفيذ سلسلة مشاريع تنقيب أثرية كبرى شملت افتتاح الكنيسة البيزنطية في شمال غزة بعد صيانتها وترميمها وجعلها كمزار سياحي.

ومن بين المشاريع كذلك استكمال تطوير موقع دير القديس هيلاريون، حيث تم إنشاء سور حماية على مساحة 14 دونم، وعمل ممرات آمنة لمشاهد المعلم الأثري، بالإضافة إلى حماية الأرضيات الفسيفسائية، وإعادة تجميعها وترميمها.

فضلا عن ترميم الجدران للكنائس وبناء الديماس وصيانة الحمامات الأثرية والمعالم التاريخية للمجمع الكنسي، وصيانة وترميم الأرضية الفسيفسائية في خان يونس جنوب القطاع لتصبح مزارا عاما.

وبحسب خلة، أشرفت الطواقم الحكومية في غزة على إعادة تأهيل سوق القيسارية المملوكي، ومنحت الإذن بصيانة وترميم الزاوية الأحمدية التاريخية، وأشرفت على ترميم وصيانة حمام السمرة الأثري، وثلاثة بيوت أثرية في البلدة القديمة في غزة.

لكنه يبرز أنه على الرغم من احتواء قطاع غزة على أكثر من 150 معلما سياحيا وأثريا، فإنه يعاني من حالة شلل تام في السياحة بفعل الحصار الإسرائيلي الذي يمنع أي حركة للسياح الأجانب إلى القطاع.

اكتشافات متتالية
اكتشافات متتالية

وبينما يعلو الغبار المناطق الأثرية نظرا لانعدام الإقبال عليها تقريبا باستثناء بعض الرحلات المدرسية، فإن المنتجعات السياحية في قطاع غزة لا تبدو أفضل حالا.

ويمكن بوضوح ملاحظة الهدوء شبه التام الذي يسود أحد أكبر منتجعات غزة السياحية قبل انتهاء موسم الاصطياف في ظل سياحة شبه معدومة برغم ما يوفره المكان المنشأ حديثا من خدمات تضاهي أمثاله من المنتجعات العالمية المطلة على البحر المتوسط.

ويشتكي مالك المنتجع السياحي سهيل السقا من ضعف المردود الاقتصادي لمشروعه المقام على مساحة واسعة وبإمكانيات متطورة بفعل شلل الحركة السياحية.

ويقول السقا إن غزة “تفتقر للسياحة الخارجية والداخلية، على حد السواء، بسبب الحصار وإغلاق المعابر وتقييد الدخول إليها من الضفة الغربية أو عرب إسرائيل وكذلك من العرب والأجانب”.

150 معلما سياحيا وأثريا تعاني من شلل تام في السياحة بفعل حصار يمنع أي حركة للسياح الأجانب إلى القطاع

ويضيف أن العزلة الشديدة التي يعانيها قطاع غزة تنعكس سلبا على محاولات تنشيط الحركة السياحية، إلى جانب الظروف الاقتصادية الصعبة لسكان القطاع ومعدلات البطالة والفقر العالية.

وبحسب مسؤولين حكوميين فلسطينيين تمنع السلطات الإسرائيلية السياح من الوصول إلى الأماكن الأثرية في قطاع غزة الذي يصله فقط بعض الوفود الأجنبية الزائرة لأغراض العمل.

ويتسبب ذلك في بقاء الأماكن الأثرية فارغة أو تكاد طوال العام.

ويقول مختصون اقتصاديون إنه في الوقت الذي تدعو فيه منظمة السياحة العالمية إلى التوجه للسياحة باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية، لن يستطيع سكان القطاع الانخراط في هذا المسار من دون ضغط دولي على إسرائيل من أجل رفع الحصار.

ويؤكد مدير الآثار والتراث الثقافي في غزة جمال أبوريدة أن القطاع على الرغم مما يمتلكه من آثار بارزة فإن سكانه محرومون من التمتع بأي عوائد اقتصادية من الحركة السياحية بفعل الحصار الإسرائيلي.

ويشير أبوريدة إلى موقع قطاع غزة المميز على البحر المتوسط ما يجعله شريطا ساحليا في حدود الأربعين كيلومترا وهو ما أتاح له أن يكون ممرا تاريخيا ويضم العشرات من المواقع الأثرية والسياحية.

ومن الواضح أن واقع الحصار الإسرائيلي انعكس بشدة على قطاع المنتجات والفنادق السياحية التي تفتقد الحد الأدنى من الإقبال لاسيما من السياح الأجانب ما يجعل الركود يسيطر على عملها معظم فترات العام.

وحتى أسواق غزة القديمة بمحالها تقتصر الحركة فيها على المقيمين أو على بعض المغتربين ممن يتمكنون من دخول القطاع عبر معبر رفح البري مع مصر.

فسيفساء بيزنطي
فسيفساء بيزنطي

Thumbnail
18