المعارضة تصعد ضد الجيش السوري لمنع تقارب دمشق وتركيا

هيئة تحرير الشام تقتل 12 عنصرا من قوات النظام شمالي اللاذقية في عملية انغماسية جديدة بعد توعد قائدها بإسقاط النظام رفضا للمصالحة مع تركيا.
الخميس 2024/09/05
تحرير الشام تكثف العمليات الانغماسية ضد الجيش السوري

دمشق – تشهد مناطق شمال غربي سوريا بوادر تصعيد بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة مع تسارع خطوات التقارب بين تركيا والنظام في دمشق، حيث نفّذ عناصر تابعون لـ"هيئة تحرير الشام" عملية استهدفوا خلالها عناصر من قوات النظام شمالي اللاذقية المجاور لمحافظة إدلب.

وذكر "الإعلام العسكري" التابع لـ"هيئة تحرير الشام" في شمال غرب البلاد أن "عملية نوعية" نفّذها مقاتلو "الفرقة الساحلية" على جبهة كلز، شمالي اللاذقية، ما أسفر عن مقتل وإصابة 12 عنصرًا من قوات النظام، بينهم ضابط برتبة نقيب.

ونتج عن العملية أيضا تدمير عدة دشم، ردًا على تصعيد قوات النظام والقوات الروسية على مناطق شمال غربي سوريا.

كما تبعها تحقيق إصابات مباشرة في صفوف قوات النظام إثر استهداف نقاطهم في جبهة تلة رشو، شمالي اللاذقية، بقذائف الهاون، من قبل "تحرير الشام"، بالإضافة إلى استهداف موقع للميليشيات الإيرانية في قرية القساطل، شمالي اللاذقية، براجمة صواريخ حققت إصابات مباشرة في صفوفهم، وفق "الإعلام العسكري".

وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان الأربعاء الهجوم الانتحاري الذي نفّذته هيئة تحرير الشام، واعتبر حصيلة قتلى هي الأعلى في المنطقة منذ العام الماضي.

وقال المرصد "قُتل 12 عنصرا من قوات النظام بينهم ضابط، نتيجة عملية انغماسية نفذتها قوات خاصة من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على مواقع تابعة لقوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي" المجاور لمحافظة إدلب.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن الهجوم يأتي في إطار "تصعيد بدأته هيئة تحرير الشام منذ مطلع الأسبوع، وتخلّلته هجمات على مواقع لقوات النظام على جبهات عدة"، من دون أن تتضح خلفياته.

ولم ينقل الإعلام الرسمي أو المقرب أو وزارة الدفاع في حكومة النظام أي تفاصيل حول العملية، بينما ذكرت حسابات ومعرفات عسكرية موالية، منها "سام سوريا"، وشبكات محلية موالية منها "شبكة أخبار مشقيتا- ريف اللاذقية"، أن "وحدات الجيش السوري الأربعاء "تصدت الليلة الماضية لما قالت إنه "هجوم إرهابي عنيف" على جبهة ريف اللاذقية الشمالي، وقتلت وجرحت أكثر من "15 إرهابيًا من الإيغور الصينيين"، بالإضافة إلى إعلان مقتل نقيب في قوات النظام اسمه إبراهيم سليمان علي، من محافظة طرطوس.

ويأتي تصعيد المعارضة ضد قوات النظام السوري مع تسارع خطوات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق بواسطة روسية، حيث كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن اجتماع قريب سيعقد بين ممثلين عن أنقرة ودمشق، مشيرا "العام الماضي، وبجهود كبيرة من وزارتي الخارجية والدفاع، تمكنا من عقد اجتماعات بمشاركة كل من وزارتي الدفاع والخارجية والاستخبارات من أجل محاولة التفاوض على شروط يمكن أن تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الجمهوريتين السورية والتركية".

وأردف لافروف أن “ممثلين عن سوريا وتركيا وروسيا وإيران شاركوا في هذه الاجتماعات، والآن نقوم بالتحضير لاجتماع آخر. أنا متأكد من أنه سيحدث في المستقبل المنظور”.

ويرفض قائد هيئة تحرير الشام المسيطرة أبومحمد الجولاني، التقارب بين أنقرة ودمشق وقد توعد في يناير الماضي بإسقاط النظام وبناء دمشق من جديد.

وقال الجولاني في مقطع مصور بثته مؤسسة أمجاد التابعة لتحرير الشام بعنوان "لن نصالح"، إن المباحثات بين النظام السوري وحليفه الروسي وبين الجانب التركي، تعتبر "انحرافا خطيرا يمس أهداف الثورة السورية".

وأضاف "الثورة السورية تواجه تحديا جديدا في نضالها المستمر بوجه النظام وحلفائه".

ووجه الجولاني حديثه إلى النظام السوري قائلا "لا تفرح بما يجري، فما مضى أكثر مما بقي، واقتربت ساعتك".

وتتكرر العمليات "الانغماسية" التي تنفذها "“هيئة تحرير الشام"، ضد قوات النظام السوري، قرب خطوط التماس الواقعة بينهما، دون وتيرة ثابتة لها.

في 27 من أبريل الماضي، أعلنت "الهيئة" اغتنام دبابة ومقتل عدد من قوات النظام على محور "الفوج 46" بريف حلب الغربي، سبقها، في 18 من مارس الماضي، إعلان "تحرير الشام" استيلاءها على دبابة "T-72" من قوات النظام على جبهة قبتان بريف حلب الغربي.

والعمليات "الانغماسية" هي هجمات ينفذها مقاتلون خلف الخطوط تبدأ بالتسلل أو الالتفاف على نقاط قوات النظام، والاشتباك مع عناصرها وقتلهم، والاستيلاء على أسلحتهم، ويتخلل بعضها تفجير مبنى النقطة العسكرية بالكامل، بعد انتهاء العملية.

ويشنّ هذه العمليات مقاتلون في ألوية مختلفة منضوية تحت راية "تحرير الشام"، وفي مقدمتهم قوات "نخبة" مدربة على هذه العمليات، كـ"القوات الخاصة" و"العصائب الحمراء" وكتائب "خالد بن الوليد" و"الوحدة 82".

وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل معارضة أقل نفوذا على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة. وتؤوي المنطقة أكثر من خمسة ملايين نسمة، الجزء الأكبر منهم نازحون، بحسب الأمم المتحدة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو، الداعمة لدمشق، وأنقرة، الداعمة للفصائل، وقد أعقب هجوما واسعا شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وتشهد المنطقة بين الحين والآخر قصفاً متبادلاً تشنّه أطراف عدة، كما تتعرض لغارات من جانب دمشق وموسكو. لكنّ وقف إطلاق النار لا يزال صامداً إلى حدّ كبير

والشهر الماضي نشر كل من الجيشين الروسي والتركي دوريات مشتركة في شمال شرق سوريا وذلك وفق بنود مذكرة التفاهم الروسية التركية فيما يأتي ذلك وسط توتر غير مسبوق في عدد من المناطق بين مجموعات مسلحة وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الغرب وكذلك جهود لتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق.

كما قُتل الشهر الماضي عشرة أشخاص بينهم أربعة مقاتلين على الأقلّ من الجيش الوطني السوري الذي يضم فصائل موالية لتركيا في انفجار شاحنة مفخخة الأربعاء عند حاجز تفتيش في مدينة أعزاز في شمال حلب.

ومؤخرا تصاعدت الهجمات التي تشنها جماعات موالية لإيران على القواعد الأميركية فيما حذرت واشنطن إيران من مغبة التصعيد على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة طهران.

كما تصاعد القتال بين العشائر العربية المدعومة من النظام السوري من جهة وقسد المدعومة من الغرب خاصة في منطقة دير الزور.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.