المعارضة القطرية تعلي سقف تحديها للسلطة: ملتقانا في الدوحة

الدوحة - عقدت المعارضة القطرية المنبثقة من داخل أسرة آل ثاني الحاكمة، أكبر اجتماع لها منذ إعلان عدد من أعضاء الأسرة معارضتهم لسياسة الشيخ تميم الداخلية والخارجية ومن ورائه والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وبدأت مع هذا الاجتماع الذي انعقد بمناسبة العيد الوطني لقطر وضمّ عشرين شخصية، تتضح معالم هذه المعارضة والخطوط العريضة لبرنامجها وهدفه النهائي في إحداث تغيير بالبلد يقطع مع السياسات القائمة ويعيد الدوحة إلى صفّ شقيقاتها الخليجيات.
واستضاف الاجتماعَ الشيخُ سلطان بن سحيم آل ثاني، الذي برز كأحد قادة المعارضة الناشطة خارج قطر لاستحالة ممارسة أي نشاط سياسي معارض في الداخل القطري.
وجاء الاجتماع بالتزامن مع إحياء قطر لعيدها الوطني الذي بالغت السلطة في مظاهر الاحتفاء به والتركيز بشكل استثنائي على إبراز مشترياتها من الأسلحة المتطوّرة، فيما حمّلت خطابها السياسي والإعلامي المصاحب للمناسبة رسائل سلبية لجيرانها عكست إصرارا على المضي في ذات السياسات المستفزّة والمنحازة لقوى معادية لبلدان المحيط الخليجي والعربي.
ورفع الشيخ سلطان سقف تحدّي السلطة القطرية عاليا متوعّدا بالعودة إلى الداخل القطري، قائلا “قريبا سنحتفل مع أهلنا في الدوحة”.
وأثار في خطابه أمام المجتمعين إحدى أبرز النقاط الخلافية بين عدد من شيوخ الأسرة الحاكمة والسلطة التي يمثّلها الشيخ تميم، وهي شقّ الصفّ الخليجي، وإدخال قطر في سياسة المحاور الإقليمية، وجرّها إلى محور معاد لبلدان الخليج بقيادة إيران.
وتعهّد الشيخ سلطان بإعادة قطر قريبا لنسيجها الخليجي. وقال إنّ “قطر لن تكون أبدا خنجرا مسموما في ظهر جيرانها”.
وساهمت الأزمة التي نشبت بين عدد من البلدان العربية وقطر والتي أفضت إلى مقاطعة كلّ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر للسلطة القطرية بسبب دعمها للإرهاب وانخراطها في سياسات مضادّة لأمن المنطقة واستقرارها، في بروز أصوات من داخل الأسرة القطرية الحاكمة محذّرة من سياسات الدوحة التي وضعت ثروة البلد في خدمة جماعات إرهابية متشدّدة وسخّرت بعضها لتمويل الإرهاب والبعض الآخر لتمويل الدعاية الهادفة لتحسين صورة النظام في العالم، وهو الأمر الذي لا تقف مخاطره عند تبديد تلك الثروة وإهدارها، بل تتعدّاه إلى إفساد علاقة البلد بمحيطه العربي وحاضنته الخليجية.
غضب من جر قطر نحو محور إقليمي معاد لبلدان الخليج وتبديد ثرواته في خدمة أجندات وافدة وتمويل جماعات إرهابية ومتشددة
وضاعف من غضب المعارضة القطرية استدراج الدوحة لكلّ من تركيا وإيران للتدخل في الشأن الخليجي، ما يجعل قطر عرضة للابتزاز من دولتين تفوقانها حجما وقوّة في غياب أي سند إقليمي لها بسبب عدائية قيادتها تجاه جيرانها الأقربين.
وواجهت السلطات القطرية معارضيها بإجراءات شديدة. وعلى إثر إعلان الشيخ سلطان تأييده لبيان كان أصدره الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني في سبتمبر الماضي دعا فيه إلى اجتماع “عائلي ووطني لبحث أزمة قطر وإعادة الأمور لنصابها”، اقتحمت قوة من أمن الدولة قصره في الدوحة فجرا وعاثت في محتوياته وصادرت العشرات من الحقائب والخزائن التي تحوي جميع وثائق ومقتنيات أسرة الشيخ سلطان، إضافة إلى الأرشيف الضخم لوالده الشيخ سحيم وزير الخارجية الأسبق، وهو أرشيف وصف بأنّه يشكل ثروة معلوماتية وسياسية رفيعة القيمة، ويمثل تسجيلا لتاريخ قطر وأحداثها الداخلية منذ ستينات القرن الماضي حتى وفاته أواسط الثمانينات.
كذلك بادرت السلطات القطرية إلى تجميد كل حسابات الشيخ سلطان واستولت على أختامه وصكوكه وتعاقداته التجارية.
وكان من ضمن وسائل النظام القطري لترهيب خصومه ومعارضيه سحب الجنسية القطرية منهم بقرارات إدارية.
وقد طبّقت سلطات الدوحة ذلك على أحد أشهر شعراء البلاد، محمد بن فطيس المري بذريعة مساندته المملكة العربية السعودية على حساب الحكومة القطرية.
كما سبق أن سحبت السلطات القطرية الجنسية من أكثر من خمسة آلاف مواطن قطري ينتمون إلى قبيلة الغفران وقطعت رواتبهم ومنعت الجمعيات الخيرية وصندوق الزكاة القطري الممول من التبرعات من تقديم المساعدات لهم، بعد أن اتهمتهم بحمل جنسية مزدوجة سعودية قطرية، وهو ما ينفيه أبناء القبيلة المذكورة بشدّة.
وبحسب مراقبين فإنّ شراسة النظام القطري في مواجهة الأصوات المعارضة له سواء في الأوساط القَبَلية أو من داخل الأسرة الحاكمة نفسها، تمثّل انعكاسا لحالة من العصبية والفزع من سيناريو التغيير الذي أصبحت أرضيته مهيأة في الواقع القطري مع توسّع الغضب من السياسات المتبعة من قبل أمير البلاد الشيخ تميم الواقع تحت تأثير قوي لوالده الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ودائرته المؤلّفة أساسا من أشخاص وافدين يمثّلون مصالح الأوساط التي ينتمون إليها ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين.
ورفض الاجتماع الأخير الذي استضافه الشيخ سلطان بن سحيم قرارات سحب الجنسيات من القبائل وشيوخها.
وتعليقا على الاجتماع قال المعارض القطري المقيم بالخارج خالد الهيل إنّ “لقاء شيوخ آل ثاني بضيافة الشيخ سلطان بن سحيم كان لقاء فعّالا تُقطف ثمارُه قريبا”.
وأضاف عبر حسابه في تويتر إنّ “شعب قطر يرفض الاستعمار التركي الفارسي”، الذي جلبته القيادة الحالية للبلد، وأنّ قطر “تحتاج إلى رجال يملكون قرارهم ويغلّبون المصلحة العامّة على المصالح الشخصية”.
للمزيد:
قطر تطارد أشباح التلاعب لتبرير انحدار الثقة بعملتها