المعارضة السورية تبحث عن موقع في معادلة المتغيرات

هيئة التفاوض لقوى المعارضة السورية تدعو لاستئناف المفاوضات المباشرة مع النظام السوري برعاية الأمم المتحدة، في محاولة للتكيف المتغيرات الجيوسياسية وسعيا لإعادة التموقع على ضوء ما استجد.
الأحد 2023/06/04
المعارضة السورية لم تعد تحظى تقريبا الا بدعم قطر وقوى غربية تعادي النظام السوري

بيروت - دفعت عودة سوريا إلى الحضن العربي بعد 12 عاما من العزلة وخطوات المصالحة التي بدأتها تركيا تجاه دمشق، هيئة التفاوض لقوى المعارضة السورية إلى الدعوة لاستئناف المفاوضات المباشرة مع النظام السوري برعاية الأمم المتحدة، في محاولة للتكيف مع تلك المتغيرات وسعيا للتموقع على ضوء ما استجد.

لكن هذه الدعوة قد لا تجد صدى لدى دمشق التي باتت في موقع قوة وتعمل على تعزيز حضورها عربيا وتترقب انكسار العزلة الدولية، بينما تبدو المعارضة المتشرذمة أضعف من أن تصل إلى نتيجة.  

وطالبت هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، التي تضم ممثلين عن المعارضة على رأسهم الائتلاف الوطني السوري، إثر اجتماع في جنيف "الدول الشقيقة والصديقة بدعم جهود الأمم المتحدة لاتخاذ كل ما يلزم من قرارات لتطبيق الحل السياسي الشامل وفق منطوق قرار مجلس الأمن الدولي 2254" الصادر في 2015 والذي يحدد خارطة طريق دولية للتوصل إلى حل سياسي.

واعتبرت هيئة التفاوض التي شكلت الوفد المعارض الأساسي خلال عدة جولات مفاوضات برعاية الأمم المتحدة، أن "الحراك النشط الخاص بالمسألة السورية يؤمن ظرفا مناسبا باستئناف المفاوضات المباشرة" انطلاقا من القرار الأممي "ووفق جدول أعمال وجدول زمني محددين".

ومنذ سنوات النزاع الأولى، لعبت الأمم المتحدة دور الوسيط بين الحكومة والمعارضة بقيادتها جولات مفاوضات عدة معظمها في جنيف وآخرها في العام 2018. وقد اصطدمت جميعها بحائط مسدود في ظل مطالبة المعارضة بانتقال سياسي دون الرئيس السوري بشار الأسد، وإصرار دمشق على عدم بحث مستقبله.

وبعد فشل المفاوضات بين الطرفين، تركزت جهود الأمم المتحدة على عقد محادثات لصياغة دستور جديد، لكنها أيضا لم تحقق أي تقدم.

وخلال سنوات النزاع الأولى، بما فيها جولات المفاوضات، تلقت المعارضة السورية دعما من عدة دول عربية بينها السعودية، لكن هذا الدعم تراجع تدريجيا مع جمود العملية السياسية وتغير المعادلات الميدانية على الأرض لصالح دمشق.

وحاليا تبقى قطر الدولة العربية الوحيدة تقريبا التي تتحفظ على عودة سوريا إلى الحضن العربي لكنها أكدت قبل القمة العربية الأخيرة التي استضافتها مدينة جدة السعودية، أن لن تقف ضد الإجماع العربي إلا أنها قالت إنها لن تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. وتدعم الدوحة المعارضة السورية وسمحت لحكومتها الانتقالية بفتح مكتب تمثيلي.

ويعتقد أن قطر ستعيد العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في الوقت الذي تراه مناسبا وأنها لن تستمر على موقفها في نهاية المطاف في ظل الانفتاح التركي والعربي على سوريا.

وبعد 12 عاما من حرب مدمرة اندلعت في 2011، لم تعد المعارضة السياسية والعسكرية تحظى بالزخم ذاته الذي حظيت به خلال سنوات النزاع الأولى.

وبعد أكثر من عقد على قطع دول عربية علاقاتها مع دمشق إثر اندلاع النزاع، أعلنت جامعة الدول العربية الشهر الماضي عودة دمشق إلى مقعدها بعد نحو 12 عاما على تعليق عضويتها.

واستأنفت السعودية التي اتخذ معارضون سوريون منها مقرا لهم، علاقتها مع دمشق. وتوّجت مشاركة الأسد الشهر الماضي في القمة العربية في مدينة جدّة كسر عزلة دمشق الإقليمية.

وتتطلع الدول العربية اليوم، وفق بيانات عدة صدرت عنها، إلى أداء دور "قيادي" في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون اعتبر أن "النشاط الدبلوماسي المتجدد في المنطقة - إذا تم اغتنامه - يمكن أن يشكل فرصة وتحولا في جهود البحث عن حل سياسي في سوريا".

ويحد الانفتاح العربي ومساعي أنقرة، أبرز داعمي المعارضة، للتقارب مع دمشق، من قدرة المعارضة على فرض شروط وتحقيق خرق لصالحها في أي مفاوضات مقبلة. واعتبرت هيئة التفاوض أن عودة النظام إلى الجامعة العربية قد تجعله "يرفض المضي بالحل السياسي".