المعارضة السورية: العملية السياسية يشلّها غياب الإرادة الدولية

الرياض - اعتبر رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة نصر الحريري، السبت، غداة لقائه المبعوث الدولي إلى سوريا أن غياب الإرادة الدولية حال دون نجاح الأمم المتحدة في دفع العملية السياسية والمصابة حاليا بـ”الشلل”.
وأكد الحريري التزام هيئة التفاوض، الممثلة لأطياف واسعة من قوى المعارضة، السعي للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
ويواجه غير بيدرسون، الدبلوماسي المخضرم الذي بدأ مهامه كمبعوث للأمم المتحدة الرابع إلى سوريا خلفا لستيفان دي ميستورا، مهمة صعبة تتمثل بإحياء المفاوضات في الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت كافة الجولات السابقة التي قادها سلفه بمطالب متناقضة من طرفي النزاع.
وزار بيدرسون دمشق الثلاثاء للمرة الأولى منذ تسلمه مهامه والتقى وزير الخارجية وليد المعلم، ثم توجه إلى الرياض واجتمع الجمعة بهيئة التفاوض.
وقال الحريري، غداة لقائه بيدرسون، إن “بيدرسون هو المبعوث الرابع، وكان هناك مبعوثون مخضرمون قبله، وأعتقد أن غياب الإرادة الدولية الدافعة باتجاه الحل السياسي هي التي جعلت الأمم المتحدة ومبعوثيها غير قادرين على القيام بشيء”.
واعتبر أن “العملية السياسية دخلت في حالة شلل واضحة لكل العالم”، لكن الحل السياسي يقتضي وفق الحريري بأن “تشترك الجهود الدولية مع بعضها البعض لا أن تتنافس من أجل تبني العملية السياسية وأن تكون برعاية الأمم المتحدة في جنيف”.
وكان بيدرسون قد التقى الجمعة ممثلين عن الهيئة العليا للمفاوضات السورية في العاصمة السعودية الرياض. وركز الاجتماع، وفق بيان صادر عن هيئة المفاوضات، على “جميع النقاط لإيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية”. وأورد البيان أن الهيئة العليا للمفاوضات السورية ستواصل “التنسيق الإيجابي” مع المبعوث الجديد، كما فعلت مع أسلافه.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة التفاوض هي تحالف لجماعات من المعارضة السورية تدعمها السعودية. وكان تم تشكيلها لتمثيل المعارضة في محادثات السلام التي رعتها الأمم المتحدة في جنيف عام 2016 .
ومنذ بداية العام 2016، أجرى دي ميستورا تسع جولات تفاوضية بين الحكومة والمعارضة السورية في جنيف من دون أن تحقق أي تقدم في ظل مطالبة المعارضة بانتقال سياسي دون الرئيس السوري بشار الأسد، وإصرار دمشق على عدم بحث مستقبله.
وأكد الحريري أن لا حل في سوريا “أفضل من الحل السياسي”، مضيفا “نعتقد أن أي طرف في سوريا يؤمن بعكس ذلك، وأي جهة خارج سوريا تشجع على الإيمان عكس ذلك بإشاعة أن (النظام) انتصر والأزمة إلى زوال، فإنما يطيل في أمد الصراع والعنف والمعاناة”.
الحل السياسي يقتضي وفق الحريري أن تشترك الجهود الدولية مع بعضها البعض لا أن تتنافس من أجل تبني العملية السياسية وأن تكون برعاية الأمم المتحدة في جنيف
وأشار إلى أن “عودة اللاجئين من دون حل سياسي مستحيلة”، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة الإعمار إذ “لا يمكن لدول العالم الحر أن تضع أموالا بيد نظام مجرم ليقوم بتأهيل البنى التحتية الذي هو من دمرها”.
وتمحورت جهود دي ميستورا في العام الأخير على تشكيل لجنة دستورية، اقترحتها الدول الثلاث الضامنة لعملية السلام، وهي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. إلا أن دي ميستورا فشل في مساعيه الأخيرة.
وقال الحريري في هذا الصدد، “أطراف في (مباحثات) أستانة تقف إلى جانب النظام لا تزال هي المعرقل الأساسي لتشكيل اللجنة”.
ومنذ إطلاقها في بداية العام 2017، تحولت محادثات أستانة بين روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة إلى مصدر المبادرات الأبرز في النزاع، وعلى رأسها اتفاق إقامة منطقة عازلة في محافظة إدلب.
وظهرت تلك المحادثات التي ألقت الضوء على التقارب الروسي التركي بعد اختلاف طويل حول سوريا، كبديل قوي لمفاوضات جنيف.
ويتولى بيدرسون مهامه بعدما تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على أكثر من ستين بالمئة من مساحة البلاد. كما تأتي مع مؤشرات على بدء انفتاح عربي تجاه دمشق، تمثل الشهر الماضي بإعادة افتتاح كل من الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق.
واعتبر الحريري “أن نقول إن النظام قادر أن يحسم الأمر لصالحه، أو أن المعارضة قادرة أن تحسم الأمر لصالحها فاعتقد أنه منطق خاطئ، ولن يؤدي إلا لإطالة أمد الحرب”.
وأكد إمكانية التوصل إلى حل سياسي حيث قال “أعتقد أن لدينا الآن فرصة، لأن لدينا الآن في سوريا كلها تقريبا وقفا لإطلاق النار، في شمال شرق سوريا وشمالها، كما أن جهود مكافحة الإرهاب حققت نتائج طيبة”.
وقال “حان الوقت الآن لاستثمار كل هذه التطورات وهي وقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وإيمان غالبية الشعب السوري بأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي”.