المصريون قلقون على سلة طعامهم في رمضان

هل سيعيش الفقراء على الرغيف والماء في ظل ارتفاع الأسعار.
الجمعة 2022/03/18
الفواكه للفرجة

يعاني المصريون وخاصة الأغلبية الفقيرة منهم من غلاء الأسعار الذي صار جنونيا مع بداية الحرب الروسية - الأوكرانية. وازدادت مخاوفهم مع قدوم شهر رمضان فهم أصبحوا غير قادرين على شراء اللحم أو الفراخ، بل إنهم مهددون اليوم لعدم قدرتهم على شراء الأغذية الأساسية كالخبز والأرز والخضار.

القاهرة - ينشغل المصريون بموجة الغلاء في أسعار السلع الغذائية التي تجتاح الأسواق على خلفية أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا، والتي دفعت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للتدخل بتوجيه الحكومة بتسعير الخبز غير المدعوم للمرة الأولى منذ توليه السلطة.

وتقول شيماء محمد، وهي ربة منزل، إن ارتفاع الأسعار كان سريعا ومفاجئا، إذ كان مبلغ 1500 جنيه (حوالي 95.4 دولار) يكفيها لشراء قائمة سلعها الغذائية التي تكفي بيتها لمدة شهر، اليوم لم يعد المبلغ كافيا لشراء حتى نصف القائمة.

وتقول السيدة الأربعينية وهي أم لثلاث بنات "الوضع جنوني.. 15 يوما فقط منذ أن كنت في الأسواق أشتري حاجاتي ولم تكن الأسعار مشتعلة مثل اليوم.. ماذا حدث؟".

وأضافت أنها لم تعد تستطيع شراء العديد من السلع مثل اللحوم والأرز والدقيق. ما حدث يتمثل بتبعات الغزو الروسي لأوكرانيا والذي تسبّب بموجة ارتفاع قياسية في أسعار الغذاء عالميا، حسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

والأسبوع الماضي أعلن جهاز الإحصاء المصري ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر ليبلغ 10 في المئة لشهر فبراير، مسجلا النسبة الأعلى منذ منتصف عام 2019، مرجعا الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 20.1 في المئة، وعلى رأسها الخضروات والفاكهة والخبز والحبوب.

وتشير شيماء التي تسكن أحد أحياء مصر القديمة بوسط القاهرة إلى ارتفاع سعر كيلوغرام الدجاج مثلا إلى 35 جنيها (2.33 دولار أميركي) بينما كان يتراوح بين 20 و27 جنيها أول الشهر الجاري.

وأضافت أن "المصريين سيتوقفون عن شراء اللحم والفراخ ومن كان يشتري كيلو سيشتري ربع كيلو في أحسن الأحوال". وتتابع أن الخبز والأرز، وهما من أكثر السلع استهلاكا بين جميع فئات المصريين، زاد سعرهما أيضا ليبلغ الرغيف جنيها وربعا بدلا من جنيه، بينما سجّل الأرز سعر 11 أو 12 جنيها للكيلوغرام بدلا من ثمانية جنيهات.

أسعار في تصاعد
أسعار ملتهبة.. كل ما نقدر على دفعه  

وقالت "أسعار الخضروات ارتفعت 3 و4 جنيهات للكيلو خلال الأيام الماضية، الكوسة وصلت 15 جنيها بعدما كانت 7 أو 10 جنيهات، سيعيش الفقير على الخبز والماء والملح".

وبينما يقترب شهر رمضان وتتزيّن الأسواق المصرية لاستقبال الزبائن، يُخشى أن تتغيّر الصورة هذا العام في ظل موجة الغلاء التي تضرب منتجات البلد العربي الأكثر تعدادا للسكان.

وخلال الأيام الماضية توقّع بعض خبراء الاقتصاد أن تحصل جولة جديدة من تعويم العملة المحلية في مصر "في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس"، وفق ما جاء في تقرير لبنك الاستثمار "جي.بي مورغان".

معهد الشرق الأوسط يشير إلى أن جعل المواد الغذائية الأساسية في متناول اليد هو حجر الأساس لاستقرار النظام

وتولي الحكومة المصرية اهتماما بالغا لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء في بلد يبلغ معدل الفقر فيه نحو 30 في المئة، حسب البيانات الرسمية.

ونتيجة لذلك وجّه السيسي حكومته، وفق ما جاء في بيان للرئاسة المصرية هذا الأسبوع، بـ"تسعير رغيف الخبز الحرّ غير المدعوم للحد من ارتفاع ثمنه"، على أن تقوم الجهات الرقابية بمراقبة السعر. وتحدّد الحكومة أصلا ثمن الخبز المدعوم.

وجاء قرار السيسي بعدما قامت بعض المخابز الخاصة بزيادة سعر رغيف الخبز دون ضوابط. وحذّرت الحكومة خلال اجتماعاتها التجّار من التلاعب بالأسعار. وشدّد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي على "ألا تحصل مغالاة أو استغلال للظروف".

وطالب مدبولي المصريين بـ”ترشيد الاستهلاك في كل السلع لتقليل اللجوء إلى الأسوأ". ونفذت الشرطة مؤخرا حملات مكثفة كشفت "حجب سلع غذائية وبيعا بأزيد من السعر الرسمى والاستيلاء على السلع المدعومة".

لكن إسلام محمد مسؤول تسويق بإحدى شركات استيراد الأغذية في مصر يقول إن سبب ارتفاع الأسعار لا يقتصر على الاحتكار "هناك ارتفاع في تكاليف الشحن والتفريغ للبضائع القادمة من أوروبا على سبيل المثال بنسبة تصل إلى 30 في المئة  بسبب زيادة أسعار النفط".

هل سنغلي الحصى
هل سنغلي الحصى

وقال محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء إن "الزيادات جاءت بمبررات وهمية مكذوبة، بل ومفضوحة وفيها من التبجح والحماقة ما يستدعي موقفا موحدا من الدولة والبرلمان والمستهلكين لوقف هذا الجنون".

وأضاف في بيان "الدليل على ذلك زيادة أسعار الأرز وهي سلعة لا يتم استيرادها لا من أوكرانيا أو روسيا وهي إنتاج مصري خالص ولا مبرر للزيادة سوى النهم وجني الأرباح ومص دماء المواطنين".

وأشار معهد الشرق الأوسط في تقريره إلى أن "الحفاظ على أسعار المواد الغذائية الأساسية في مصر وجعلها في متناول اليد هو حجر الأساس لاستقرار النظام".

ولعلّ هذا ما دفع وزير التموين المصري علي المصيلحي إلى التعهّد بعدم المساس بسعر رغيف الخبز المدعوم أو كما يطلق عليه "العيش البلدي" والذي يبلغ خمسة قروش ويوزّع وفقا لحصص تموينية على أكثر من 70 مليون شخص في بلد يصل تعداد سكانه إلى 103 ملايين.

ويقول إسلام محمد الذي يبلغ 34 عاما ويقيم بمدينة السادس من أكتوبر، إحدى ضواحي العاصمة الراقية "بعض السكان في المنطقة اقترحوا حملة لمقاطعة المخابز التي رفعت سعر الرغيف، لكن كان ردّ الآخرين أن الغلاء ضرب كل شيء ولن تفيد المقاطعة".

18