المصارف الأجنبية نافذة جديدة تدعم الاستثمارات المصرية

المركزي يلغي شرط الاستحواذ على حصص في مصارف محلية، ودخول مصارف أجنبية للبلاد يخفف الضغوط على الجنيه ويدعم الاحتياطات النقدية.
الأربعاء 2019/01/02
رافد مستدام يدعم خزينة الدولة

أعاد البنك المركزي المصري القاهرة مجددا إلى خارطة المصارف الأجنبية بعد أكثر من عقد ونصف العقد من القطيعة، بسبب عقبات وضعتها الحكومات المتعاقبة منعت دخول هذه المؤسسات المالية للسوق إلا من خلال الاستحواذ على حصص في مصارف محلية.

القاهرة - فتح البنك المركزي المصري نافذة المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار في البلاد عبر السماح بافتتاح فروع لها دون التقيّد بشرط الاستحواذ على حصة في مصارف محلية.

ويرى خبراء أن الخطوة ستسهم في زيادة الثقة في الاقتصاد المصري وتشكل انفتاحا أكبر على السوق الدولية وزيادة تنافسية القطاع المصرفي.

وتلقى المركزي مؤخرا 3 طلبات من مصارف أجنبية لدخول السوق المصرية للعمل في القطاع المصرفي، منها بنك أوروبي.

وقال يحيى أبوالفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري لـ”العرب”، إن “تلك الخطوة رسالة إيجابية للاقتصاد وتساهم في ولادة كفاءات جديدة للقطاع، مثلما حدث في تجربة مجموعة سيتي بنك”.

يحيى أبوالفتوح: خطوة إيجابية تسهم في ولادة كفاءات مصرفية تعيد تجربة سيتي بنك
يحيى أبوالفتوح: خطوة إيجابية تسهم في ولادة كفاءات مصرفية تعيد تجربة سيتي بنك

وترأس معظم الذين عملوا في سيتي بنك في مصر مناصب قيادية في القطاع، منهم طارق فايد رئيس بنك القاهرة الحالي، ونائبه عمرو الشافعي، وعاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر، وداليا الباز نائب رئيس البنك الأهلي المصري، ونيرة أمين عضو مجلس إدارة بنك الإسكان والتعمير، ولميس نجم مستشار محافظ البنك المركزي.

وأوضح أبوالفتوح أن الخطوة ستوسع قاعدة المتعاملين مع القطاع المصرفي مستقبلا في ظل انتشار المصارف الدولية وعلاقاتها بالشركات والمؤسسات والمستثمرين في جميع أنحاء العالم.

وتعمل في البلاد حاليا 6 فروع لمصارف أجنبية هي البنك العربي وبنك المشرق وبنك أبوظبي الأول والبنك الوطني العماني والبنك الأهلي اليوناني، فضلا عن سيتي بنك، الذي يقتصر عمله على خدمات الشركات فقط.

وسعى البنك الوطني العماني للتخارج قبل سنوات لكنه لم ينجح، ويجاهد البنك الأهلي اليوناني للخروج منذ أشهر، ويتطلب ذلك تصفية محافظه المالية في مصر أو بيع فروعه لأحد البنوك العاملة في السوق المحلي.

كما تنشط مصارف مملوكة لبنوك عربية ودولية، أهمها بنك قطر الوطني الأهلي والذي استحوذ على فروع مجموعة سوسيتيه جنرال في مصر، والأهلي المتحد والكويت الوطني وأبوظبي الإسلامي والإمارات دبي الوطني والأهلي الكويتي والاتحاد الوطني والتجاري وفا المغربي.

وتضم القائمة أيضا بنكي عودة وبلوم اللبنانيين، والمؤسسة المصرفية الدولية، والإسكندرية الذي تمتلكه مجموعة إنتيسا سان بولو الإيطالية وكريدي أغريكول وإتش.أس.بي.سي.

وأكد مصرفيون أن دخول مصارف أجنبية للبلاد مفيد في تمويل عمليات الاستثمارات الجديدة، فضلا عن قدرتها على ضخّ عملات أجنبية بالسوق، ما يخفف الضغط على العملة المصرية، ويعزز من عمليات توفير العملة الصعبة.

وأيد هذا الاتجاه جلال الجوادي، مدير الرقابة على النقد بالبنك المركزي سابقا، ولكن ذلك لن يؤثر على تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وأوضح لـ”العرب” أن وجود تلك الفروع يهدف إلى تسهيل وتحسين الخدمات، ويعزز التنافسية، ونقل الخبرات والمزايا والتقدم التكنولوجي الذي تتفوق به الخدمات المصرفية لدى البنوك الأجنبية عن البنوك المصرية.

ويعمل في مصر نحو 38 بنكا ويصل عدد فروعها إلى نحو 4155 فرعا، الأمر الذي يرفع الكثافة المصرفية إلى نحو 23.4 ألف مواطن لكل فرع، وهي معدلات عالية تؤدي إلى زيادة معطلات الانتظار في البنوك.

وأشار المحلل ياسر عمارة في حديثه لـ”العرب”، إلى أن المصارف الأجنبية العاملة بمصر، نوعان، الأول يتبع البنك الأم في بلده مباشرة، فلا يضم مساهمين ولا يمكن بيعه لمستثمر آخر، ولو أراد الخروج تتم تصفيته.

ياسر عمارة: أتوقع دخول مصارف بريطانية بحثا عن ملاذات تزامنا مع البريكست
ياسر عمارة: أتوقع دخول مصارف بريطانية بحثا عن ملاذات تزامنا مع البريكست

أما النوع الثاني فهو عبارة عن شركة مساهمة، ويضم هيكل مساهميه، بعض المستثمرين والمؤسسات إلى جانب حصة للبنك الأم، وهذا النوع موجود بكثافة في مصر حاليا، مثل بنك قطر الوطني الأهلي، والإمارات دبي الوطني، والبنك التجاري الدولي.

وفروع البنوك التابعة للبنك الأم تكون عملياتها محدودة، ولا تكون شعبوية أو ذات إقبال كبير من الأفراد، فضلا عن أنها تكون مقيّدة بتعليمات من البنك الرئيسي، خاصة في ما يتعلق ببعض العمليات المصرفية مثل منح القروض والائتمان.

وذكر أن المصارف الأوروبية وتحديدا البريطانية منها تبحث عن ملاذات استثمارية آمنة خاصة مع بداية العد التنازلي للبريكست.

وشهدت البلاد حالات إفلاس طالت عددا من فروع المصارف الأجنبية في عقد التسعينات من القرن الماضي، منها إفلاس بنك التجارة والاعتماد البريطاني وقد تم دمجه في بنك مصر، تلاه مجموعة بنك مصر اكستريور وتم دمجه أيضا في بنك مصر، بالإضافة إلى تفجّر أزمة نواب القروض وما لاحقهم من اتهامات بالفساد، وهي أزمة عصفت ببنك النيل المصري.

وتورط في الأزمة عدد من نواب البرلمان في تلك الفترة وحصلوا على تسهيلات ائتمانية من المصارف ولم يسددوا الأقساط وأصول الديون، ما دفع بعض المصارف للتعثر ودخلت دائرة الإفلاس منها أيضا بنك الدلتا.

وأطلقت السلطات بعد ذلك خطة لإصلاح القطاع وتوقف معها منح تراخيص جديدة ومنع المصارف الأجنبية التي لم تدخل السوق المحلية من قبل من افتتاح فروع لها بمصر.

10