المشي والاستحمام وسط الثلوج يقويان المناعة والقدرة على التعايش مع الأمراض

يؤكد خبراء الصحة الألمان على أهمية أن يعرّض الفرد نفسه للبرودة ما من شأنه أن يقوي المناعة ويعزز القدرة على التعايش مع الأمراض. ويمكن للفرد أن يقوم بذلك ما دام لا يعاني من أية مشكلات تتعلق بالقلب أو الأوعية الدموية، كما يمكن للتحفيز بالبرودة أن يساعد أيضا على حرق الدهون في الجسم.
بامبرغ (ألمانيا) - تشق مجموعة مكونة من نحو 20 شخصا تتفاوت أعمارهم، طريقها عبر غابة كائنة داخل سلسلة جبلية، تمتد عبر شمال شرقي ولاية بافاريا الألمانية وجمهورية التشيك، والمعروفة بالألمانية باسم فيكتلجبيرجه.
كان ذلك اليوم شديد البرودة، حيث أنهم كانوا في نهاية شهر فبراير بمنطقة الجنوب الألماني، غير أن أولئك هواة المشي كانوا يرتدون لباس السباحة فقط، تاركين أطرافهم عارية ومكشوفة للعوامل الجوية.
ومع ذلك فإن حالتهم المزاجية مرتفعة مع أنهم يمرون عبر بقع جليدية معزولة، وتنتابهم حالة من الضحك والمزاح والمرح، ويتوقفون لالتقاط صورة جماعية عارضة وليؤدوا بعض التمارين الرياضية.
وعندما يصلون إلى مقصدهم وهو بركة طبيعية تبدو مخفية عن الأنظار وسط أشجار التنوب الخضراء الداكنة، يلقي بعضهم نفسه على الأرض الثلجية، ويشكلون زوايا من الجليد باستخدام أذرعهم وأرجلهم العارية.
وتقول كارينا ستايبر بعد مسيرة التنزه التي استغرقت ساعة من الزمن، “إنها كانت رائعة“.
وتضيف ستايبر التي ترتدي لباس البحر وحذاء مخصصا للمشي لمسافات طويلة وتضع على رأسها قبعة على شكل بطريق، “إن البرودة مفيدة بالنسبة لي“.
واعتادت على الاستحمام وسط الثلوج في بحيرة فيشتيلسي القريبة على مدى قرابة عامين، وتقول إن هذه الممارسة ساعدتها على التغلب بشكل أفضل على مرضها المزمن.
ودعاها أحد منظمي فعاليات الاستحمام وسط الثلوج، للانضمام إلى مسيرة التنزه سيرا على الأقدام.
تعريض الفرد لنفسه للبرودة يمكن أن يكون مفيدا لصحته، ما دام لا يعاني من أية مشكلات تتعلق بالقلب أو الأوعية
وتقول ستايبر “يمكنك أن تشعر بأثر البرودة على بشرتك، ولكن هناك ما يكفي من الدفء في جسمك”، مؤكدة أنها لم تشعر بالبرد أثناء فترة السير على الأقدام.
وتضيف ستايبر إنها تستمتع أيضا بالجانب الاجتماعي أثناء التنزه، وتتابع “كل واحد منا يهتم بنفسه تماما وبالآخرين“.
وقبل الانطلاق في المسيرة وسط البرد، اجتمع أفراد المجموعة في مكان داخلي لمدة ساعتين تقريبا للإعداد لبدء الفعالية.
وبإرشاد من أربعة مدربين تمارس المجموعة طريقة “ويم هوف”، وهي طريقة فنية للتنفس سميت على اسم الرياضي الهولندي شديد القدرة على التحمل ويم هوف، المعروف بقدرته على تحمل درجات الحرارة المنخفضة.
وطور هوف الذي اشتهر بلقب رجل الثلج منهجا يزعم أنه يساعد على تحسين الصحة الجسدية والذهنية، باستخدام طريقة التعرض للبرد مع تقنية لتعزيز التنفس وقوة الإرادة.
تتضمن تقنية التنفس التي طورها هوف التنفس بعمق من الصدر، مع الإمساك بالنفس لفترة قبل إطلاق الزفير.
وأشارت دراسة أجريت عام 2024 واعتمدت على عدة تحليلات، إلى أن منهاج هوف قد يكون فعالا في تخفيف حدة الالتهابات، ولكنها دعت إلى ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث، حيث أن جودة الدراسات التي تم الاستشهاد بها كانت “منخفضة للغاية“.
ومع ذلك فهناك إجماع بين الأطباء في الوقت الحاضر، على أن تعريض الفرد لنفسه للبرودة يمكن أن يكون مفيدا لصحته، ما دام لا يعاني من أية مشكلات تتعلق بالقلب أو الأوعية والدورة الدموية.
وتبين أن الاستحمام بالماء البارد والاستحمام المتقطع بالماء البارد والساخن وبالثلوج، يساعد على تقوية الدورة الدموية وتدعيم الجهاز المناعي للجسم.
وأشارت دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للصحة، إلى أن التحفيز بالبرودة يساعد أيضا على حرق الدهون بالجسم، وفقا لما كتبته شركة التأمين الألمانية على موقعها الإليكتروني.
الاستحمام بالماء البارد والاستحمام المتقطع بالماء البارد والساخن وبالثلوج، يساعد على تقوية الدورة الدموية وتدعيم الجهاز المناعي للجسم
وتشارك مجموعة المتنزهين في جلسة تأمل قبل الانطلاق في مسيرة المشي لمسافات طويلة، وأطلق على الجلسة المدرب والمنظم نيكولاي بروكوف اسم “تحدي الثلوج الفرانكوني”، نسبة إلى إقليم فرانكونيا الكائن في المنطقة الشمالية من بافاريا.
ويقول بروكوف (41 عاما) الذي طور فكرة التنزه مشيا على الأقدام مع زميله كريستيان كراوس، “اكتشفت فائدة التعرض للبرد منذ عشر سنوات، ولم تغادرني هذه الفكرة منذ ذلك الحين“.
كان بروكوف الذي يعمل كمراقب يبحث عن موازنة لجميع الأيام، التي أمضاها في المكتب عندما بدأ في تجربة الاستحمام وسط الثلوج، قبل أن يغامر بالخروج في أول نزهة له سيرا على الأقدام منذ خمسة أعوام.
ومنذ ذلك الحين أصبح مدربا معتمدا لطريقة “ويم هوف“.
ويقول بروكوف “أحب أن أشاهد الناس وهم يبذلون أقصى ما في طاقاتهم، وقدراتهم على التحمل والتغلب على مناطق الضعف فيهم، ويعد البرد خصما يبين لنا حقيقة ومدى قدراتنا على الفعل“.
واكتشف عضو المجموعة بيرند ميديك، الذي يرتدي حذاء للمشي لمسافات طويلة، ولباس السباحة أن التنزه سيرا على الأقدام في الشتاء وهو شبه عار “يجعله منتعشا“.
ويقول ميديك (55 عاما) وهو عضو آخر منتظم في فعاليات الاستحمام وسط الثلوج ببحيرة فيشتيلسي، إنه لم يشعر بالبرودة حتى ولو لثانية واحدة.
ويضيف إن “أسلوب التنفس الخاص الفني يقوي الجسم، وأجرينا استعدادات جيدة للفعالية، وكانت تسودها مشاعر الاسترخاء التام والارتياح والسهولة“.
ومع ذلك يحذر بروكوف من أن تعريض الشخص نفسه للبرد أثناء التنزه سيرا على الأقدام، يشكل تحديا أكبر للجسم مقارنة بالاستحمام وسط الثلوج.
ويقول “عليك أن تعرف حدود قدراتك عند الانطلاق في رحلة سيرا على الأقدام وسط الثلوج، ويجب عليك أن تستمع لجسمك وألا تقوم بمثل هذه الرحلة بمفردك“.
ويوصي بروكوف بأن يعرض الشخص نفسه على طبيب لإجراء فحص صحي، قبل أن يشرع في القيام بنزهة المشي على الجليد أو الاستحمام وسط الثلوج.