المستوطنون الإسرائيليون متخوفون من خسارة وضعهم الاستثنائي في الضفة الغربية

إسرائيل تشير إلى الضفة باسمها التوراتي يهودا والسامرة وتعتبرها معقل الشعب اليهودي.
الاثنين 2022/06/13
قانون سيقلب الموازين

القدس – قد يتذوق المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة طعم الحكم العسكري الذي يعيشه الفلسطينيون منذ 55 عاما. حيث أن الوضع القانوني الخاص الممنوح لهم سينتهي في آخر يونيو، مما سيخلق تداعيات واسعة النطاق ما لم يتخذ البرلمان الإسرائيلي أي إجراء. ولن يُسمح للمحامين الذين يعيشون في المستوطنات، بمن فيهم عضوان في المحكمة العليا الإسرائيلية، بممارسة صلاحياتهم المهنية. وسيخضع المستوطنون لمحاكم عسكرية عادة ما تكون مخصصة للفلسطينيين وسيفقدون حقوقهم في الوصول إلى بعض الخدمات العامة.

وبينما لا يتوقع الكثيرون أن تصل الأمور إلى هذه النقطة، فإن الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق يُنذر المستوطنين.

وقال إسرائيل غانز محافظ مجلس بنيامين الإقليمي الذي يجمع عددا من المستوطنات خارج القدس مباشرة “سنشهد كارثة دون هذا القانون. حيث ستفقد الحكومة الإسرائيلية أي سيطرة هنا. لا شرطة ولا ضرائب”.

وجددت إسرائيل لأكثر من نصف قرن اللوائح التي توسعت اليوم لتشمل قانونيا ما يقرب من 500 ألف مستوطن، ولكنها تستثني أكثر من 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية. وسيُطرح مشروع القانون للتصويت عليه مرة أخرى في الكنيست الأسبوع المقبل بعد الفشل في تمريره الإثنين، وذلك في محاولة أخيرة لإنقاذ الائتلاف الحاكم والترتيب القانوني.

جيسيكا مونتيل: هذا التشريع يسمح بنظام الفصل العنصري

ويدعم القانون نظامين قانونيين منفصلين لليهود والفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو وضع تقول ثلاث جماعات حقوقية كبرى إنه يرقى إلى مستوى الفصل العنصري. وهذا أمر تنفيه إسرائيل وترفضه باعتباره اعتداء على شرعيتها.

وقالت جيسيكا مونتيل مديرة منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية هاموكيد التي تقدم المساعدة القانونية للفلسطينيين، في تقرير لوكالة أسوشيتد برس أعده جوزيف كروس إن “هذا هو التشريع الذي يسمح بنظام الفصل العنصري. ويعتمد المشروع الاستيطاني على تمتع إسرائيليين بجميع الحقوق والمزايا على الرغم من أنهم في الأراضي المحتلة”.

وتؤيد الغالبية العظمى في الكنيست الحفاظ على أنظمة الفصل. وكان السبب الرئيسي الذي منع تمرير مشروع القانون هو أن المعارضة القومية التي تدعمه بقوة رفضت بشكل متناقض التصويت لصالحه في محاولة لإسقاط حكومة إسرائيل الائتلافية الهشة. وفي سياق مماثل، صوت المشرعون المناهضون للاستيطان لصالح التشريع لإبقاء التحالف قائما.

واستولت إسرائيل على الضفة الغربية في حرب 1967 وبنت أكثر من 130 مستوطنة يشبه كثير منها البلدات الصغيرة، مع مجمعات سكنية ومراكز تسوق ومناطق صناعية. ويريد الفلسطينيون أن تشكل الضفة الغربية الجزء الرئيسي من دولتهم المستقبلية. وترى معظم الدول بذلك في المستوطنات انتهاكا للقانون الدولي.

وتشير إسرائيل إلى الضفة الغربية باسمها التوراتي، يهودا والسامرة، وتعتبرها معقل الشعب اليهودي. كما يؤيد رئيس الوزراء نفتالي بينيت التوسع الاستيطاني ويعارض قيام الدولة الفلسطينية. وتنظر إسرائيل رسميا إلى الضفة الغربية على أنها أرض متنازع عليها يرتبط مصيرها بالمفاوضات التي انهارت قبل أكثر من عقد.

ووسعت قوانين الطوارئ التي سُنّت لأول مرة في 1967 مع تجديدها بانتظام القانون الإسرائيلي لينطبق على مستوطني الضفة الغربية دون أن يشمل المنطقة نفسها.

وقال ليرون ليبمان زميل باحث في معهد إسرائيل للديمقراطية ومدّع عام عسكري إسرائيلي سابق، إن “تطبيق القانون على المنطقة يمكن اعتباره ضما مع كل العواقب السياسية التي لم ترغب إسرائيل في تحملها”.

وستكون لعدم تجديد الوضع القانوني بحلول نهاية هذا الشهر عواقب بعيدة المدى.

ديانا بوتو: هذا القانون هو السبب في بقاء فكرة الدولتين خيالا

وتتطلّب قوانين المحامين في إسرائيل من المحامين والقضاة الإقامة في البلاد. ولن يتمكن المستوطنون بذلك من ممارسة مهامهم في المحاكم الإسرائيلية دون التمديد. وسيشمل ذلك قاضيين في المحكمة العليا، أيد أحدهما مؤخرا أمرا بترحيل المئات من الفلسطينيين قسرا.

وقد يؤدي إلغاء مشروع القانون أيضا إلى محاكمة المزيد من المستوطنين المخالفين للقانون في المحاكم العسكرية وهو أمر حاولت السلطات الإسرائيلية منذ فترة طويلة قصره على المشتبه بهم الفلسطينيين.

وقد يفقد المستوطنون قدرتهم على اعتماد التأمين الصحي الوطني للعلاج داخل الضفة الغربية، والقدرة على تحديث وضعهم في السجل السكاني والحصول على بطاقات الهوية الوطنية، وهو ما لا يتمتع به الفلسطينيون.

كما يوفر القانون أساسا قانونيا لإسرائيل لسجن الآلاف من الفلسطينيين الذين أدانتهم محاكم عسكرية في سجون داخل إسرائيل، على الرغم من حظر القانون الدولي نقل الأسرى إلى خارج الأراضي المحتلة. وقد يجبر سقوط القانون إسرائيل على إعادة هؤلاء الأسرى إلى الضفة الغربية، حيث يوجد سجن إسرائيلي واحد فقط.

ويُنظر إلى العواقب المختلفة على أنها كارثية للغاية لدرجة أن العديد من الإسرائيليين يتوقعون تمرير مشروع القانون أو استبدال الحكومة. ومن الممكن أن تجد السلطات الإسرائيلية، التي غالبا ما تخضع لمطالب المستوطنين، حلولا لتخفيف الآثار الأسوأ.

وقال غانز “لست قلقا. إذا كنتَ مدينا للبنك بمليون دولار، فسيكون ذلك مدعاة للقلق بالنسبة إليك، ولكن عندما تكون مدينا بمليار دولار، فإن مدير البنك هو الذي سوف يشعر بالقلق”. ولدى سؤاله عما إذا كانت الأنظمة القانونية تصل إلى حد الفصل العنصري، قال غانز “أتفق مع ذلك، 100 في المئة”.

ويرى أن الحل يكمن في أن تضم إسرائيل ما يعرف بالمنطقة “ج”، 60 في المئة من الضفة الغربية حيث تمارس حكومتها سيطرة كاملة بموجب اتفاقات السلام المؤقتة. وتشمل المنطقة المستوطنات، وكذلك المناطق الريفية التي يقطنها حوالي 300 ألف فلسطيني، وفقا للأمم المتحدة.

ويعيش معظم الفلسطينيين في المنطقتين “أ” و”ب”، وهي مراكز سكانية متناثرة ومنفصلة حيث تمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا.

يٌنظر للعواقب على أنها كارثية لدرجة أن العديد من الإسرائيليين يتوقعون تمرير مشروع القانون أو استبدال الحكومة

وقال غانز “من الغريب أن قوانين مختلفة تنطبق على السكان المختلفين في نفس المنطقة. علينا تطبيق القانون الإسرائيلي على الجميع في المنطقة ج”.

وقبل عامين، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو يرغب في الضم قبل تعليقه في إطار اتفاق مع الإمارات العربية المتحدة لتطبيع العلاقات.

وينظر الفلسطينيون وكثير من المجتمع الدولي إلى الضم باعتباره انتهاكا للقانون الدولي من شأنه أن يوجه ضربة قاتلة لأي أمل في حل الدولتين، الذي لا يزال يُنظر إليه على نطاق واسع دوليا على أنه السبيل الوحيد لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

ويؤيد نتنياهو، زعيم المعارضة الآن، وحلفاؤه بقوة مشروع قانون الضفة الغربية لكنهم يأملون أن تؤدي هزيمته إلى تسريع عودته إلى السلطة. ولا يمكن للتحالف أن يمررها بمفرده لأن حفنة من المشرعين، ومعظمهم من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يرفضون التصويت لصالحه.

وربما صُمم القانون مع وضع التقسيم النهائي في الاعتبار، لكن العديد من الفلسطينيين يرون أن طول فترة اعتماده هو دليل على أن إسرائيل لم تكن جادة بشأن حل الدولتين.

وقالت ديانا بوتو المحامية والمستشارة القانونية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية “كان بإمكانهم إلغاء هذا الاحتلال بسهولة من خلال عدم تمرير هذا القانون مرارا وتكرارا. يمر من اليسار ويمر من اليمين. هذا هو السبب في بقاء فكرة الدولتين مجرّد خيال”.

7