المستشار الألماني في جولة خليجية بحثا عن بدائل للغاز الروسي

برلين – يتوجه المستشار الألماني أولاف شولتس إلى السعودية السبت المقبل، في زيارة رسمية للمملكة تستمر ليومين، ضمن جولة خليجية تشمل الإمارات وقطر.
وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبشترايت في مؤتمر صحافي دوري في برلين الاثنين إن شولتس يعتزم زيارة دول الخليج الثلاث في رحلة تستغرق يومين تبدأ السبت، وستركز الزيارة على ألمانيا كوجهة للاستثمار، بالإضافة إلى إيجاد إمدادات طاقة بديلة بعد قرار روسيا وقف تسليم الغاز عبر خط أنابيب رئيسي.
وستكون المحطة الأولى لشولتس في المملكة العربية السعودية، حيث سيلتقي بالعاهل السعودي الملك سلمان بن العبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ومن المقرر أن يلتقي شولتس برئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الأحد قبل أن يتوجه إلى قطر لإجراء محادثات هناك، على أن يعود إلى ألمانيا في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وقال هيبشترايت إن المستشار الألماني سيرافقه "وفد أعمال رفيع المستوى"، دون الخوض في المزيد من التفاصيل.
وتأتي زيارة شولتس في وقت تعاني ألمانيا وبعض الدول الأوروبية شحا في إمدادات الغاز الروسي، جراء الحرب في أوكرانيا، بعد أن أغلقت موسكو خط أنابيب نورد ستريم 1، الرابط الرئيسي للغاز إلى ألمانيا، مرجعة ذلك إلى مشكلة تتعلق بالصيانة.
وعادت دول أوروبية على رأسها ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا، وقريبا إيطاليا، لاستخدام الفحم في توليد الطاقة الكهربائية، عبر إعادة فتح محطات تعمل بالفحم.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر دبلوماسي في السفارة الألمانية بالرياض، لم تكشف عن اسمه بناء على طلبه، قوله الاثنين إن شولتس "يعلق أهمية كبيرة على نتائج محادثاته المرتقبة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعدد من أعضاء الحكومة السعودية".
وأوضح أن المحادثات بين الجانبين "ستركز على أهمية تصحيح مسار العلاقات بين البلدين التي اعتراها بعض الفتور، نتيجة اختلاف مواقف البلدين تجاه عدد من القضايا، ومن بينها الحرب في اليمن وحقوق الإنسان".
كما جرت الإشارة إلى أن "أزمة الطاقة وانعكاسات الحرب في أوكرانيا والوضع في اليمن والملف النووي الإيراني وأجندة أعمال قمة مجموعة العشرين"، التي ستعقد في نوفمبر المقبل في جزيرة بالي الإندونيسية، "ستتصدر جدول مناقشات الوفدين".
ولفت المصدر الدبلوماسي الألماني أيضا إلى "إن تعزيز العلاقات مع السعودية في مجال الاستثمارات المشتركة وفق رؤية 2030 السعودية، وخاصة في قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية وعلوم الحياة والطاقة المتجددة والتعاون العسكري، بما في ذلك بحث احتياجات الرياض من الأسلحة، سيحتل حيزا مهما خلال المناقشات الثنائية".
وكان المستشار شولتس بحث في السابع عشر من شهر أغسطس الماضي في اتصال هاتفي القضايا الثنائية والإقليمية مع ولي العهد السعودي، حسب ما أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية.
وذكر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده ترتبط تاريخيا بشراكة وصداقة وثيقة مع ألمانيا قائمة على التعاون الصناعي، مؤكدا عزم بلاده على توسيع التعاون أيضا في مجال الطاقة الخضراء.
وقال الأمير بن فرحان، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية في وقت سابق، إن "الصناعة الألمانية نشطة بشدة في السعودية منذ خمسينات القرن الماضي.. بيننا أيضا تعاون في مجال الآثار إلى جانب برامج ثقافية، وهي مجالات تمثل لنا أولوية الآن في إطار برنامج رؤية 2030".
وأكد رئيس الدبلوماسية السعودية أن البرنامج الإصلاحي السعودي "رؤية 2030"، الذي يستهدف على نطاق واسع المجال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، يتيح فرصة مهمة للغاية للتعاون مع ألمانيا في التبادل الثقافي والتدريب المهني وأيضا في المجال البيئي.
وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن "ألمانيا شريك تجاري واستثماري رئيسي للمملكة، حيث كانت رابع أكبر مصدر للواردات إلى المملكة خلال العام الماضي. كما أن المملكة مقر عمل لعدد من الشركات الألمانية الرائدة".
إلى ذلك، توقع وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك الاثنين توقيع عقود للغاز الطبيعي المسال خلال زيارة شولتس إلى الخليج في مطلع الأسبوع.
وتجري ألمانيا وقطر محادثات منذ العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا في فبراير بشأن شحنات محتملة من الغاز الطبيعي المسال، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على انفراج في المفاوضات.
وأثبتت المحادثات مع موردي الغاز في أوروبا وأميركا الشمالية أنها معقدة بالمثل، مما يبرز الصراع الشاق الذي يواجهه شولتس وحكومته في إغلاق الإمدادات قصيرة الأجل، التي يمكن أن تساعد أكبر اقتصاد في أوروبا على تجنب التقنين في الخريف والشتاء.
وكانت المحادثات مع قطر، أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، صعبة بشكل خاص، وفقا لمسؤولين حكوميين ألمان، حيث وصفوا إستراتيجية قطر بأنها تلعب دورا صعبا في تحديد سعر ومدة الاتفاقات المحتملة.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية الخميس الماضي إن أول تسليم تجريبي للهيدروجين الأخضر من الإمارات وصل إلى هامبورغ، كجزء من حملة لإنشاء "سلسلة قيمة شاملة للهيدروجين بين ألمانيا والإمارات العربية المتحدة".
وأضافت الوزارة في بيان "التسليم التجريبي يضع أساسا مهما لواردات الهيدروجين متوسطة الأجل، والتي ستكون خضراء أيضا".
في حين أن المملكة العربية السعودية ليست مصدرة للغاز الطبيعي المسال، فهي تستثمر مليارات الدولارات في الهيدروجين الأزرق والأخضر.
كما تعرضت البلاد لضغوط من أوروبا والولايات المتحدة هذا العام لضخ المزيد من النفط وخفض الأسعار، بعد صعودها في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا.