المزارعون في غانا يبتكرون طرقا جديدة لزيادة إنتاج الكاكاو

سيفوي وياوسو (غانا) - يشعر محبو الشوكولاتة في مختلف أنحاء العالم بالأسى عندما يقرأون التقارير الصحفية عن تراجع إنتاج الكاكاو عالميا بسبب تداعيات التغير المناخي، ومع ذلك لا تتوقف الجهود والأبحاث الرامية إلى زيادة إنتاج هذه السلعة التي ترتفع أسعارها باستمرار.
وأدى التغير المناخي وتحول أنماط الطقس إلى حدوث خسائر في محاصيل الكاكاو، الأمر الذي دفع المزارعين في غانا إلى اختبار طرق جديدة، تساعدهم على زيادة إنتاج مزارعهم.
ومن بين أولئك المزارعين صموئيل دافور وهو مزارع كاكاو، من قرية سيفوي وياوسو الكائنة داخل غابة في غانا.
ولا يزال دافور يتمتع بصحة جيدة وقوة بدنية ملحوظة، رغم بلوغه 67 عاما من العمر، وهو يرى أن سلامته الصحية ترجع إلى العمل اليومي الذي يمارسه في بستان الكاكاو الخاص به، الذي تغطي مساحته ملعبين لكرة القدم.
تقطع حبة الكاكاو رحلة طويلة متعددة الخطوات، قبل أن تتحول إلى جزء من قطعة الشوكولاتة، حيث تبدأ كثمار كبيرة صفراء اللون على الأشجار في جو دافئ ورطب.
تقطع حبة الكاكاو رحلة متعددة الخطوات، قبل أن تتحول إلى جزء من قطعة الشوكولاتة، حيث تبدأ كثمار كبيرة صفراء اللون
ويقوم دافور بقطع ثماره من فروع الأشجار العالية، باستخدام عصا طويلة مربوطة في نهايتها سكين حادة، ثم يكسر كل ثمرة ليفتحها ويستخرج من داخلها بذورا بيضاء مخملية وزلقة.
هذه هي حبوب الكاكاو بالرغم من أنها لا تزال بحاجة إلى الإنضاج والتجفيف، قبل أن تتحول إلى اللون البني وتكتسب مذاق الشوكولاتة.
ثم توضع الحبوب داخل زكائب كبيرة وتنقل إلى المخازن، ثم تصدر إلى أوروبا حيث يتم تحويلها إلى شوكولاتة.
غير أن حجم إنتاج بستان دافور آخذ في التناقص، إذ حصد خمس زكائب من حبوب الكاكاو العام الماضي، وهو ما يمثل انخفاضا عن الكمية التي كان يجنيها عادة وهي تسع زكائب.
ومع التغيرات الطارئة في درجة الحرارة وتحول أنماط هطول الأمطار، صارت بعض المناطق في غرب أفريقيا أقل ملاءمة لزراعة الكاكاو.
ويعاني دافور ومزارعون آخرون للكاكاو من صعوبات، حيث يبدأ موسم الأمطار غالبا في وقت مبكر أو متأخر عن الوقت المعهود في السابق، ما يؤثر على أشجار الكاكاو التي يرعونها وأصبحت تنتج كميات أقل.
وبدأ دافور يستثمر في زراعة أشجار جديدة لا تمرض بسرعة، كما زرع أشجارا جديدة في بستان الكاكاو الخاص به على أمل أن توفر هذه الأشجار ظلالا لمحاصيله إذا كانت الشمس قوية جدا.
وهذا النهج هو أسلوب يتبناه الكثير من المزارعين الآخرين، بدعم من مجالس إدارة المساحات الطبيعية، التي تقوم بتعليم المزارعين في منطقة نهر سوي في غانا كيفية تغيير الطريقة التي يزرعون بها أشجار الكاكاو.
وأرشدتهم هذه الوسيلة إلى زيادة زراعة الأشجار الظليلة، إلى جانب تسميد التربة والحفاظ على المياه، وهي عوامل تساعد على زيادة الإنتاجية.
ويزرع دافور في بستانه أيضا الأناناس والبرتقال ونوعا ضخما من الموز يؤكل مطهيا، ويربي النحل والدجاج على أمل تحقيق زيادة في دخله بمساعدة منظمة غير حكومية.
وتساعده ابنته ريجينا التي تبلغ من العمر 18 عاما في جني المحصول، وقد أوشكت على إنهاء دراستها في المدرسة ولديها تسعة أشقاء وشقيقات، اثنان منهم فقط يريدان أن يعملا في زراعة الكاكاو.
ويرى كثيرون أن سوق الكاكاو غير مستقرة، حتى مع ارتفاع الأسعار؛ حيث يصل جزء صغير فقط من الأرباح إلى المزارعين.
وتريد ريجينا أن تعمل مستقبلا في حياكة الملابس. وتبذل أيضا جهودا لإعادة تأهيل الغابات في غانا، حيث يقوم المزارعون بزراعة الأشجار لمعالجة وتعويض المناطق التي أدت فيها إزالة الغابات إلى نقص المياه، وفقا لما تقوله جمعية تحالف الغابات المطيرة.
وتتعلم التجمعات السكانية المحلية كيفية إنشاء مشاتل للأشجار، وزراعة الشتلات وإدارة مناطق الغابات التي تمت استعادتها حديثا.
وهي تعمل أيضا على مراقبة الأشجار التي زرعت لمنع المطالبة بها وقطعها من أجل الربح، وقد كانت تمثل مشكلة في الماضي وفقا لجمعية تحالف الغابات المطيرة.
وتنمو أشجار الكاكاو بشكل أفضل حول خط الاستواء، وتشمل قائمة المنتجين البارزين الآخرين إندونيسيا ونيجيريا والكاميرون والإكوادور والبرازيل.
وبالرغم من أن الكاكاو أصله أميركا الجنوبية، فإن معظم الكاكاو يأتي من أفريقيا وبالأخص من كوت ديفوار وغانا، اللتين تشكلان معا ما نسبته أكثر من 60 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي.
ويشعر كثيرون بالقلق بشأن الحصاد القادم في كوت ديفوار، التي تعتلي القمة في زراعة أشجار الكاكاو، ويرجع القلق إلى التأثيرات السلبية لفترة الجفاف المطولة.
وأسعار الكاكاو العالمية تراجعت قليلا بعد أن بلغت مستوى قياسيا في أبريل الماضي، مع احتفال الدول المسيحية بعيد الفصح، بتوزيع قطع الشوكولاتة على شكل بيض وغيرها من الحلوى.
حتى مع ارتفاع الأسعار فإن الطلب على الكاكاو في تزايد، ورغم أنه سوق سلعية صغيرة فإن له آثارا عالمية على منتجي الأغذية والحلوى وقطاع التجزئة.
وينظر مراقبو السوق إلى البرازيل كقائد مستقبلي محتمل لإمدادات الكاكاو، حيث يقود المزارع مويزيس شميت مشروعا كبيرا في ولاية باهيا البرازيلية، لإنشاء واحدة من أكبر وأحدث مزارع الكاكاو في العالم.