المريض يتعلق بعشبة

تتوارث العائلات العربية عادات واعتقادات ترسخها أهمية العلاج بالأعشاب، فلا يوجد بيت يخلو من اليانسون والشيح والزعتر والحبة السوداء وغيرها، لكن ليست كل الأعشاب يمكن التداوي بها من الأمراض المختلفة، فبينها ما هو سام وقاتل وآخر يقضي على مستعمليه ببطء.
الاثنين 2016/03/14
زيوت وأعشاب بلا وصفة

الرباط (المغرب) - مع بداية الربيع في منطقة الشرق الأوسط تكتمل الكثير من أنواع الأعشاب دورتها السنوية الطبيعية وتصبح ناضجة للقطاف، ولكن ليس من الحكمة أن يقطفها غير المتخصصين بالأعشاب، لخطورة أنواع كثيرة منها على صحة من يلمسها، فهناك أعشاب من تورط بلمسها أو مسح عينيه بعد لمسها أو شفتيه وقع في المحظور، ويصبح مهددا بالعمى الدائم أو المؤقت أو بتسمّم هضمي شديد بسبب لمس الشفتين عند تناول الطعام.

وفي الجانب الآخر هناك ثمار لها شكل عناقيد العنب الأسود لكنها ليست عنبا، فهي تسمى ثمرة شجرة اللغد، وهي سامّة تؤذي من يلمسها، فتظهر عليه العوارض المرضية، كالدوَّار وانخفاض ضغظ الدورة الدموية المفاجئ وغيرها من العوارض الخطيرة.

وتقول السيدة رقية (40 عاما)، وهي تتعالج حاليا من آثار إكزيما فصلية بأدوية مستخلصة من الأعشاب، “جربت من قبل الأدوية التي وصفها لي طبيب الأمراض الجلدية. اشتريتها من الصيدلية بالرغم من غلاء ثمنها لكنها فشلت في معالجتي وتسببت لي بحساسية مؤلمة، لذلك توقفت عن استخدامها وراجعت طبيبا يعالج مرضاه بأدوية عشبية زهيدة الثمن، وأنا الآن أتماثل للشفاء”.

ويقول د. هشام فنيش، المتخصص في التوازن الغذائي والطب الطبيعي بالرباط، بخصوص المرضى الذين يعالجهم يوميا في عيادته بطب الأعشاب الذي درسه إضافة إلى اختصاصه الطبي كطبيب، “ظاهرة التداوي بالأعشاب في العالم بدأت تتسع بسبب الفقر وغلاء الأدوية الكيميائية، ويقصدنا حتى الأغنياء لعجز الطب في بعض الأحيان عن معالجة بعض الأمراض، مما يضطر الجميع للبحث عن الطب البديل، وقد أكدت العديد من الدراسات أن أكثر من 85 بالمئة من الناس في العالم يتداوون بالأعشاب.

طبيب: اعتدت على معالجة مرضى السكري بمستخلصات أوراق شجرة الزيتون، وأوراق الملوخية
يوميا يراجعني العديد من المرضى الذين أعالجهم بطب الأعشاب، ولا أستخدم معهم الطب الكيميائي لما للأدوية الكيميائية المصنعة من نتائج جانبية ضارة. أما العلاج بالأعشاب، فإنه بلا مضار جانبية وزهيد الثمن، ومن المرضى الذين أعالجهم مرضى بالحساسية وأمراض القولون، وانتفاخ البطن، وضغط الدم، والكولسترول، والسكري. اعتدت على معالجة مرضى السكري بمستخلصات أوراق شجرة الزيتون وأوراق الملوخية، في حين أن آخرين أعالجهم بمستخلصات حبة البركة التي تسمى الحبة السوداء، التي تستخدم أيضا لمعالجة ضغط الدم والكولسترول”.

ويضيف فنيش حول مخاطر التداوي بالأعشاب “الطب بالأعشاب ليس وليد اليوم بل هو طب تداوى به الناس منذ قرون، وحتى قبل أن تبدأ المصانع في تصنيع الدواء الكيميائي. ويفترض بمن يعالج الناس بطب الأعشاب أن يكون دارسا لـ”الطبيْن” الطب العام، ويكون متخرجا من إحدى كليات الطب المعترف بها، وكذلك عليه أن يدرس منهجية الطب البديل أو ما يسمى بطب التداوي بالأعشاب، وذلك لضبط النسب المتداوى بها.

فعلى سبيل المثال يمكن التداوي بالزنجبيل، لكن إذا تجاوز مقدار الكمية من الزنجبيل الـ40 غراما في اليوم، فسيؤدي ذلك إلى التسمّم. وأصف الزنجبيل لمرضى النقرس، ولنزلات البرد لتوسيع الأوعية الدموية، وزيادة الطاقة الجنسية، ولكن بالطبع عندما يصفه جاهل بالطب البديل، لامرأة حامل، فإنه سيتسبب لها بعوارض صحية غير محمودة”.

ويقول مدير المركز الوطني للتربية البيئية لجمعية سباتا بالمغرب بوشفرة عبدالسلام في معرض شرحه لبعض الأعشاب السامة “إن للأعشاب جانبا آخر ووجها مظلما لمن هو غير مختص، فهناك أعشاب سامة يبيعها الجاهلون في محلات بيع الأعشاب وتتسبب بأمراض للكثيرين، حيث يتم ذلك بسبب استغلال جهل الناس وحاجتهم للدواء”.

وقد أشارت وزارة الصحة في نشرتها السنوية، إلى المفيد منها في التداوي وما هو سام كنبتة أداد، وثمرة اللغد ومستخلصاتهما، وكذلك الفيجل وحبة كري والدفلى وحذرت من تعاطيها أو استخدامها في أي مركب علاجي أو في صناعة مواد التجميل.

أدوية مجربة

وحذر عبدالسلام مما يسمى بعشب “اليبروح”، إذ يقول إنه “يسبب التسمم الغذائي لمن يتناوله في أي مشروب. كما أن خليطا من الحبة السوداء مع العسل، إذا تجاوزت نسبة الحبة السوداء أكثر من 70 غراما مع العسل، تتسبب بتلف الكبد. كما أن ما يباع لدى بعض أصحاب الدكاكين والباعة المتنقلين في سيارات أو عربات، كزيوت الشعر وأعشاب لمعالجة الزكام والإكزيما والروماتيزم، تتسبب بالتهابات وتسمّم وأحيانا تؤدي إلى الوفاة لمن يستعملها أو يتناولها”.

ويرى محمد عناني، وهو من اتحاد العشابين، بخصوص أهمية المعالجة بالأعشاب التي تنبت في المغرب حصرا أن “ثمرة شجرة الأركان على سبيل المثال والتي لا يمكن زراعتها إلا في مناطق معينة من المغرب، ويستخلص منها زيت الأركان المسمى ‘زيت المعجزات’، قد حازت على شهرة عالمية في معالجة الكثير من الأمراض”.

ويقول عناني “تستخدمها الكثير من المراكز العلاجية في كندا وأوروبا لمعالجة أكثر من ثلاثين مرضا من أمراض الجلد والشعر والأظافر والجهاز الهضمي والعضلي والعقم وأمراض الكلية وفقر الدم وغيرها”.

ويذكر أنه في المغرب توجد أكثر من 4500 عشبة، تنتمي إلى 170 فصيلة من أعشاب ويبلغ عدد أنواعها أكثر من ألف نوع. ويقول العشاب حسن سباعي، صاحب دكان لبيع الأعشاب في الرباط عن زبائنه “إن أكثر زبائني من النساء، وأكثر ما أبيعه للنساء أعشاب متنوعة لمعالجة الأمراض كاللويزة، والكوزة والعرعار والحرمل وأزير الحر، وشندكورة، وأبيع أيضا أنواع البخور والعطريات. ولكن أكثر ما أبيعه يوميا هو ورق اللويزة الجاف والفاسوخ، وهو نوع من البخور الذي يعتقدن بتأثيره القوي، لإفساد السحر وحماية العائلة من الحسد”.

20