المريخ شهد مناخا صالحا للحياة

الروبوت الجوال "كوريوسيتي" اكتشف متحجرة تشكل دليلا على أن الكوكب الأحمر شهد مناخا دوريا يتناوب فيه موسما جفاف ورطوبة.
الجمعة 2023/08/11
بيئة شبيهة بما يوجد على سطح الأرض

باريس - في دليل جديد على أنّ الحياة على المريخ كانت ممكنة في الماضي البعيد، اكتشف الروبوت الجوال "كوريوسيتي" متحجّرة تشكّل دليلا على أنّ الكوكب الأحمر شهد مناخا دوريا يتناوب فيه موسما جفاف ورطوبة، وهي بيئة شبيهة ببيئة الأرض ومواتية تاليا لظهور الكائنات الحية، على ما أفادت دراسة الأربعاء.

وكان المريخ الذي يتمتع راهنا بمناخ جاف جدّا يضمّ أنهارا وبحيرات كثيرة قبل المليارات من السنين لكنّها تبخّرت حاليا. وعلى عكس كوكب الأرض، لم يتجدّد سطح المريخ عبر الصفائح التكتونية، فيما حُفظت آثار هذه الأراضي القديمة بشكل جيّد.

ومنذ العام 2012، يتولّى الروبوت الجوال "كوريوسيتي" التابع لناسا استكشاف إحدى هذه الأراضي، وهي عبارة عن فوهة "غايل" الضخمة وجبلها الذي يبلغ ارتفاعه ستّة كيلومترات ومكوّن من طبقات رسوبية.

قال وليام رابان، وهو باحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي والمعدّ الرئيسي للدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر"، "أدركنا سريعا أننا نتعامل مع رواسب بحيرات وأنهر، لكنّنا ما كنّا نعرف أي نوع من المناخ ساهم في تكوينها".

◙ من المحتمل أن المريخ كان كوكبا متجمدا مثلا أو أنّ انفجارا بركانيا جعل مناخه دافئا وأدى إلى تكوين الماء السائل

ومن المحتمل أنّ المريخ كان كوكبا متجمدا مثلا أو أنّ انفجارا بركانيا جعل مناخه دافئا وأدى إلى تكوين الماء السائل، على قول رابان الذي أجرى الدراسة مع مختبر ليون للجيولوجيا وزملاء له أميركيين وكنديين.

وعندما كان "كوريوسيتي" يتسلّق منحدر الجبل ببطء، صادف رواسب أملاح متشكّلة ضمن قطع على شكل سداسيّ في تربة يعود تاريخها إلى فترة تتراوح بين 3.6 و3.8 مليار سنة.

وبيّن تحليل أُجري للرواسب من خلال أداتي "ماست كام" الأميركية و"شيم كام" الفرنسية - الأميركية التابعتين للروبوت، أنّ هذه الصخور عبارة عن شقوق من الطين الجاف. وقال رابان "عندما تجف البحيرة يصبح الوحل متشققا، لكنه يعود إلى طبيعته بمجرّد أن يخضع للرطوبة مرة جديدة".

وفي حال تكررت هذه العملية باستمرار، تتجمّع الشقوق لتشكّل قطعا على شكل سداسي، على غرار ما يُرصد في أحواض تربة قديمة خلال الجفاف الموسمي. وقد أظهرت عملية محاكاة استُخدمت فيها كمية من الطين متأتية من الأرض عُرّضت لدورات جافة ورطبة، هذا الشكل السداسي "من الناحية الحسابية".

ويؤكّد الباحث أنّ هذه التشكيلات السداسية تمثّل “أول دليل ملموس على أنّ المريخ شهد مناخا دوريا”. وعلى غرار ما تشهده الأرض، كانت المواسم الجافة والرطبة تتعاقب ضمن فترات منتظمة في المريخ، قبل أكثر من ثلاثة مليارات سنة، وعلى مدى فترة طويلة بما يكفي، لكي تتطوّر الحياة عليه. ويعد مناخ مماثل من بين الشروط التي تجعل من الممكن أن تنتقل المادة العضوية من الجمود إلى الحياة.

صورة

 

18