المرشد الإيراني يمنح الضوء الأخضر لعودة العلاقات مع مصر

مراقبون يؤكدون أن إيران لديها إرادة سياسية في فتح علاقة جديدة مع مصر والخليج.
الثلاثاء 2023/05/30
مساعي فك عزلة إيران

طهران/ القاهرة- منح المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي الضوء الأخضر لحكومة الرئيس إبراهيم رئيسي للمضي قدما في تطوير العلاقات الدبلوماسية مع مصر، والتي بدأت تظهر ملامحها مؤخرا في تصريحات بعض المسؤولين في طهران، والحديث الدائر عن وساطة عمانية.

وقال خامنئي خلال لقاء جمعه مع سلطان عمان هيثم بن طارق الاثنين إن بلاده ليست لديها مشكلة في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وحسب ما نقل عنه موقعه الرسمي “نرحب ببيان سلطان عُمان حول استعداد مصر لاستئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية وليس لدينا مشكلة في هذا الصدد”.

وهذه أول مرة يتطرق فيها المرشد الأعلى في إيران إلى العلاقات مع مصر، وربما التطورات الإقليمية عموما بعد أن توصلت الرياض وطهران إلى اتفاق في مارس الماضي قضى باستئناف العلاقات بينهما وإعادة فتح السفارات.

نورهان الشيخ: مصر تحتاج إلى المزيد من التطمينات من جانب إيران
نورهان الشيخ: مصر تحتاج إلى المزيد من التطمينات من جانب إيران

ولم تعلق القاهرة رسميا، حتى ظهر الاثنين، على تصريحات المرشد أو تؤكد كلام مسؤولين في إيران سابقا بشأن وجود اتصالات تمهد لعودة العلاقات. وصرح وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل أيام حول ما يتردد عن وجود مسار مصري – إيراني جديد، قائلا “هذه الأخبار تكهنات لا أساس لها من الصحة”، لكنه شدد على أنه لا شيء ثابت في السياسة.

وذكر أن “علاقة القاهرة مستمرة مع طهران على ما هي عليه، وعندما تكون هناك مصلحة في تغيير منهج ما بالتأكيد نلجأ دائمًا لتحقيق المصلحة”، مشيرا إلى “عدم الثبات في السياسة شيء طبيعي، لأن الهدف منها تحقيق المصلحة، والمتغير يتطلب تقييمًا للعوائد المستفادة منها، وما هو المستقبل من تطوير تلك العلاقات”.

ولم تغلق تصريحات شكري بشأن إيران الباب أمام ما تردد على لسان مسؤولين في طهران، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان الذي ألمح من قبل إلى إمكانية عقد لقاء بين الرئيس الإيراني ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي.

وأوضحت عضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية نورهان الشيخ أن القاهرة لا تمانع في إقامة علاقات جادة مع طهران، طالما التزمت الأخيرة بالمحددات الرئيسية للأمن القومي المصري والعربي، وحديث المرشد الإيراني من المتوقع أن يكون له صدى إيجابي الفترة المقبلة على العلاقات بين البلدين.

وأضافت لـ”العرب” أن أهم مشكلة كانت تثير تحفظات القاهرة في علاقتها بطهران استمرار الخلافات مع بعض الدول الخليجية، ومع الاتفاق السعودي – الإيراني مؤخرا أصبحت التعقيدات السياسية أقل بين القيادتين في القاهرة وطهران.

وتابعت “مصر لا تزال في حاجة إلى المزيد من التطمينات السياسية من جانب إيران مرتبطة بالتزامها بعدم تهديد الأمن القومي المصري والعربي، والكف عن دعم تيارات الإسلام السياسي، وتحديدا حركتي الجهاد وحماس في قطاع غزة”.

ولفتت نورهان الشيخ، الأستاذة في العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحها لـ”العرب” إلى أن إيران لديها إرادة سياسية في فتح علاقة جديدة مع مصر والخليج، والقاهرة لا تعادي أحدا ولا يستهويها استمرار الخصومات بدليل التقارب مع تركيا وقطر، لكن من المهم أن تكون هناك التزامات أمنية وسياسية واضحة، بينها عدم التدخل مستقبلا في الشؤون الداخلية.

وتعزز الحديث حول تطورات إيجابية بين البلدين عقب زيارة سلطان عمان إلى القاهرة الأسبوع الماضي ثم تلاها بزيارة إلى طهران، ما يعكس الدور العُماني في الرسالة الإيجابية التي أطلقها المرشد، وإمكانية أن تقوم مسقط مستقبلا بدور أكبر في الوساطة بين البلدين.

القاهرة لا تزال في حاجة إلى المزيد من التطمينات السياسية من جانب إيران مرتبطة بالتزامها بعدم تهديد الأمن القومي المصري والعربي

ويقوم مكتب رعاية المصالح في القاهرة وطهران بدور لتسهيل المهام الدبلوماسية بين البلدين، على الرغم من قطع العلاقات منذ أكثر من أربعين عاما بسبب توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل.

وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني عباس كلرو خلال لقاء جمعه مع رئيس مكتب رعاية مصالح مصر في طهران هيثم جلال ،الاثنين، أن التطور الشامل للتعاون بين إيران ومصر كدولتين إسلاميتين مهمتين يصب في مصلحة المنطقة، وأن التاريخ الحضاري والثقافي طويل الأمد للشعبين سيكون منبرا مناسبا لتوطيد العلاقات الودية والشاملة بين البلدين.

وأضاف أن إيران تبحث دائما عن التقارب بين المسلمين والدول العربية والإقليمية ودول الجوار، وأنها تسعى جاهدة لتحسين مستوى العلاقات وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال المبادرة من أجل تنمية التعاون مع الدول العربية والإسلامية.

وكان خامنئي التقى السلطان هيثم، والذي وصل الأحد إلى طهران على رأس وفد كبير ضم وزراء الدفاع والخارجية والاقتصاد، في زيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية من الرئيس رئيسي. وأعلن خامنئي دعمه لنهج رئيسي في التقارب مع دول الجوار والدول الإسلامية البعيدة، بالإضافة إلى دول تتشارك مع طهران في التوجهات.

وأشار المرشد لدى استقباله مجموعة كبيرة من الدبلوماسيين الإيرانيين أخيرا إلى أن سياسة الحكومة الحالية لإقامة العلاقات بالجيران “مهمة وصحيحة للغاية”. ويدعم تثمين خامئني لهذا التوجه تقارير إعلامية تحدثت عن إعادة تموضع إيراني في المنطقة قد يمكنها من تخفيف الضغوط الأميركية عليها.

وأوضح ديوان البلاط السلطاني في مسقط أن زيارة السلطان هيثم جاءت “في إطار استمرار التشاور والتنسيق بين القيادتين لبحث مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتعزيز كل ما من شأنه الارتقاء بأوجه التعاون القائمة بين البلدين في مختلف المجالات، وسبل تطويرها بما يخدم مصالحهما وتطلعاتهما حاضرا ومستقبلا”.

2