المراوح التقليدية.. للمناسبات وجوهر الصيف الياباني

قد يظن البعض ممن يشاهد اليابانيين يحملون في أيديهم تلك المراوح أنها مروحة للاستمتاع ببعض الهواء المنعش في الصيف، لكن لها في صناعتها أسرار منذ القدم جعلتها رمزا للثقافة والتاريخ اليابانيين.
طوكيو - عندما تحمل مروحة يابانية تقليدية بين يديك يمكنك أن تشعر على الفور بالتفاني والمهارة المستثمرة في إنشائها وتصميمها بكل بدقة من قبل الحرفيين المهرة على مر الأجيال. وهناك نوعان من مراوح اليد اليابانية التقليدية، "أوتشيوا" و"سينسو"، وعلى الرغم من إمكانية استخدامهما على مدار العام، إلا أنهما غالبا ما تشاهدان في الصيف. وبالإضافة إلى وظيفة هذه المراوح في توليد نسيم منعش، يمكنها أيضا أن تكون جزءا من الإكسسوارات مع الكيمينو واليوكاتا أثناء الرقصات وعروض الألعاب النارية والمهرجانات.
ويستخدمها الكثيرون كهدية أو تذكار وأحيانا تكتب عليها بعض أبيات الشعر أو كأداة تُستخدم في الفنون والمراسم. وكانت المراوح المسطحة “أوتشيوا” مستخدمة في الصين منذ عهد أسرة تشو منذ 1046 قبل الميلاد – 256 قبل الميلاد. وكانت الشخصيات المرموقة تستخدمها لإخفاء وجوهها للحفاظ على كرامتها ودرء الأرواح الشريرة والحشرات.
وتشير الآثار الموجودة في بيت الكنز شوسوئين داخل معبد تودايجي في نارا ومعبد كوريوجي في كيوتو، وكانت تستخدم في البلاط الإمبراطوري. وكان الكثير من المراوح المستخدمة آنذاك مستديرة الشكل، وأصبحت كلمة “أوتشيوا” المكونة من حرفين يعنيان ”دائرة“ و"مروحة".
وبدءا من فترة إيدو (1603 - 1868)، أصبح من الشائع رؤية مراوح مصنوعة من إطار من الخيزران ومغطاة بالورق ومزينة بصور. وقد استخدمت صور "نيشيكي – إي" المتقنة المطبوعة بقوالب خشبية أو صور ممثلي الكابوكي. وأنتجت بعض أعمال “أوكيبو – إي” الفنية في تلك الفترة، حيث تصور نساء يحملن مراوح “أوتشيوا” في برودة المساء. وباتت "أوتشيوا" جزءا لا ينفصل عن تفاصيل الحياة اليومية، وكان الحرير يُستخدم في بعض الأحيان بدلا من الورق. ويُقال إن أفضل مراوح أوتشيوا في اليابان هي "كيو – أوتشيوا" و"ماروغامي – أوتشيوا" و"بوشو – أوتشيوا".
وأطلق على مراوح "كيو – أوتشيوا" هذا الاسم لأنها مصنوعة في كيوتو، وتتميز باحتوائها على أضلاع رقيقة تمتد بشكل شعاعي عبر سطح المروحة وبمقبضها المصنوع بشكل منفصل ثم يلصق بها، في حين اكتسبت مراوح "ماروغامي – أوتشيوا" اسمها من صناعتها في مدينة ماروغامي من قصب من إيهيمي وورق من كوتشي وغراء من توكوشيما، لذلك فجميع مكوناتها مصدره المحافظات الأربع في جزيرة شيكوكو.
ويُعرف القصب المستخدم باسم "أوتوكوداكي" ويتم قص قصبة سميكة وتقسيمها بشكل مسطح من الأعلى لتشكيل المقبض وإطار المروحة، أما مراوح "بوشو – أوتشيوا" فهي مصنوعة في منطقة ميناميبوشو في تشيبا باستخدام قصب أرفع يعرف باسم "أونّاداكي" ما يعطي المروحة شكلا مستديرا.
وتصنع مراوح "أوتشيوا" الحديثة من مواد مختلفة، بما في ذلك القماش والبلاستيك، وقد تستخدم في أيامنا الراهنة لتشجع الفرق الرياضية. ونشأت مراوح "سينسو" القابلة للطي في اليابان خلال أوائل فترة هييان في حوالي القرن التاسع، وكانت تُعرف باسم "أوغي"، وهي نوع من المراوح التي يمكن طيها وحملها بسهولة.
◙ مراوح "أوتشيوا" الحديثة تصنع من مواد مختلفة بما في ذلك القماش والبلاستيك وقد تستخدم في أيامنا الراهنة لتشجيع الفرق الرياضية
وتنوعت مراوح "أوغي" تدريجيا، ثم أضيفت إليها صور، وبعد ذلك بدأت النساء في البلاط في استخدامها أيضا، ما جعلها إكسسوارات للزينة، حيث البعض يرسمون عليها صورا أو يكتبون عليها قصائد ويقدرونها كأعمال فنية، بينما كان آخرون يكرسونها للآلهة وبوذا. وتستخدم أيضا في مراسم "الشينتو" وحفلات تقديم الشاي "سادو" والرقص التقليدي "بويو"، وفي منطقة كيوتو يُصنع نوع خاص من المراوح يُعرف باسم "كيو – سينسو" من الخيزران والورق أو الحرير، ثم تُزيّن باستخدام ورق الذهب والفضة.
ولطالما اعتبرت هذه المراوح أعمالا فنية وحظيت بتقدير كبير ثم أصبحت مصممة أساسا للنساء، وتأتي ضمن مجموعة واسعة من الأنواع من بينها "ماي – أوغي" المستخدمة في الرقص التقليدي، بالإضافة إلى استخدامات أخرى مثل إلقاء التحيات أثناء احتفالات الشاي وحفلات الزفاف. ويقال إن عملية تصنيع هذه المراوح تتضمن ما يصل إلى 87 خطوة ويتم الحفاظ على الطريقة التقليدية.