المخدرات تسرق حياة العراقيين

بعد زيادة التهديد المباشر الذي تفرزه عملية تعاطي وتجارة المخدرات وتنامي دور العراق كنقطة عبور وموقع مزدهر لها خلال العامين الماضيين، طرحت عدة مبادرات من شأنها تقليل تأثيرها والقضاء على ترويجها. حيث أجرت القوات الأمنية والأمن الوطني العراقي العديد من عمليات الدهم والتفتيش وإلقاء القبض على عدد من المروجين والتجار أو حتى المتعاونين والمتعاطين للمخدرات، وأهمها في محافظة الأنبار، بالإضافة إلى خطوات أخرى قام بها العراق في هذا الاتجاه، وهي إنشاء مركز وطني جديد لمكافحة المخدرات ومقره في بغداد، أخذ على عاتقه مهمة تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون مع الدول المجاورة في المنطقة التي تعاني من تهريب المخدرات غير المشروعة. هذه الجهود تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصاً وأن عمليات التهريب تتم عبر محافظة الأنبار عن طريق سوريا، والتي تعتبر من أهم منافذ التمويل والترويج في البلاد. يمكن بهذه الخطوات أن تعطل عمليات الترويج والبيع والشراء التي تقوم بها هذه العصابات.
◄ من الضروري أن تكون هناك ندوات تثقيفية لتعريف المجتمع بآفة المخدرات والتعريف بمضارّها على المجتمع والأثر السلبي عليها وعلى انحدارها
التقارير تتحدث عن وجود أكثر من 230 شبكة محلية ودولية تعمل في العراق تم تعطيلها خلال السنوات الماضية، إذ تم ضبط أكثر من 28 طنًا من المواد المخدرة وقطع طرق التهريب مثل الأردن وتركيا وإيران وباكستان وأفغانستان، مما جعل من العراق سوقًا كبيرة وممرًا مهمًا من ممرات التهريب. وتتحدث التقارير الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية العراقية أن تعاطي عقار “صفر واحد” (الكريستال) وصل إلى 37.3 في المئة من استهلاك المخدرات، مع استهلاك الحبوب بنسبة 34.5 في المئة. وأن ارتفاع مستويات الاستهلاك والاعتماد على المخدرات غير المشروعة والمواد المؤثرة على العقل في العراق أثار حالة من الفزع بين المؤسسات الحكومية العراقية وقادة المجتمع، حيث انعكس تعاطيها بشكل سلبي على الوضع الاجتماعي والأمني في آن واحد، خصوصاً مع الارتفاع اللافت للجريمة، والتي يعزوها البعض من المختصين بالشأن الأمني إلى تعاطي المخدرات بشكل عالٍ ولافت.
العراق يواجه تحديات كبيرة في التعامل مع آفة المخدرات، خصوصاً مع الإجراءات التي تقوم بها القوات الأمنية على الحدود والتي تبدو غير كافية للحد من تهريبها والترويج لها. إذ تؤكد التقارير أن تجارة المخدرات وتعاطيها تزايدا بشكل كبير في البلاد بالرغم من تنفيذ القوات الأمنية الكثير من عمليات ملاحقة التجار في الآونة الأخيرة والإعلان بشكل شبه يومي عن وضع اليد على كميات كبيرة من الحبوب المخدرة وإلقاء القبض على العديد من المهربين والمتاجرين بها.
مع كل هذه الإجراءات التي تقوم بها الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية، أعتقد أنه من الضروري أن تكون هناك ندوات تثقيفية لتعريف المجتمع بآفة المخدرات والتعريف بمضارّها على المجتمع والأثر السلبي عليها وعلى انحدارها، ليس فقط بالجريمة وإنما بالانقسام داخل العائلة الواحدة. كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات التعليمية التي تبدأ من المدرسة وتنتهي بالجامعة، بالإضافة إلى الحملات التي تقوم بها القوات الأمنية في ملاحقة الجريمة وملاحقة المروجين والمتاجرين بالمخدرات وإلقاء القبض عليهم. ويبقى الشيء الأهم هو حماية الحدود وحفظها من عمليات التهريب وملاحقة المهربين على الحدود العراقية في كل الاتجاهات.