المختبرات العالمية تتسابق لتطوير لقاحات ضد التهاب القصيبات الرئوية

المحاولات مستمرة منذ 60 عاما لتصنيع لقاح مضاد للفايروس التنفسي المخلوي.
الثلاثاء 2023/07/18
الفايروس التنفسي المخلوي شديد العدوى

يضع خبراء الصحة الفايروس التنفسي المخلوي على قائمة العوامل المسببة للأمراض التنفسية الأكثر انتشارا بعد الأنفلونزا. وتتسابق المختبرات الكبرى لتصنيع لقاحات مضادة لهذا الفايروس. وقد تمت الموافقة على أول لقاح ضد الفايروس التنفسي المخلوي، ويسمى “أريكسفي”، وقد بات متوفراً في الولايات المتحدة منذ مايو الماضي وفي الاتحاد الأوروبي منذ يونيو الماضي.

باريس - تعمل المختبرات الكبرى على إطلاق لقاحات في الخريف قبل موسم الأوبئة، ضد الفايروس التنفسي المخلوي المعروف خصوصاً بتسببه في ازدياد الإصابات بالتهاب القصيبات الرئوية خلال الشتاء، وذلك بعد اهتمامها بلقاحات الأنفلونزا وكورونا.

ويمكن لهذا الفايروس شديد العدوى أن يتسبب في التهاب القصيبات الرئوية التي تؤدي في أشكالها الحادة إلى وفاة آلاف الأشخاص ودخول مئات الآلاف من المصابين إلى المستشفيات في مختلف أنحاء العالم.

ويقول خبير الشؤون الصحية في شركة “كيرني” للإستراتيجيات توما كروازييه لوكالة فرانس برس “على صعيد البحث والتطوير كان (هذا الفايروس) التالي بعد الأنفلونزا في قائمة العوامل المسببة للأمراض التنفسية الأكثر انتشاراً”.

وليس من المستغرب، وفق كروازييه، رؤية المختبرات الكبرى تجترح حلولاً علاجية في الوقت نفسه بعد عقود من البحث للحماية من هذه المشكلات التنفسية.

مختبرات سانوفي تنوي تقديم علاجها الوقائي، الذي طورته بالاشتراك مع مختبرات أسترازينيكا في أوروبا، قريبا

وللحصول على لقاحات ضد الفايروس التنفسي المخلوي، والتي تُقدّر قيمة سوقها بنحو 13 مليار دولار بحسب شركة الوساطة “جيفيريز”، تعوّل المختبرات المتنافسة على تقنيات ومقاربات صحية مختلفة، وتستهدف الأشخاص منذ بداية حياتهم حتى خريف العمر.

وتتسارع الأمور منذ الموافقة على أول لقاح ضد الفايروس التنفسي المخلوي، “أريكسفي” من مختبر “جي أس كاي” البريطاني، والذي بات متوفرا للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما، في الولايات المتحدة منذ مايو الماضي وفي الاتحاد الأوروبي منذ يونيو الماضي.

وتلقت شركة “فايزر” لصناعة الأدوية موافقة وكالة الأدوية الأميركية (أف دي أيه) على لقاح “أبريسفو”، المخصص أيضاً لكبار السن. لكنّ الإذن الأوروبي لم يصدر بعد.

ويقول جاك بروار، طبيب أمراض الرئة لدى الأطفال في المستشفى الجامعي بمدينة كاين الفرنسية، لوكالة فرانس برس “ثمة محاولات مستمرة منذ 60 عاماً لتطوير لقاح ضد الفايروس التنفسي المخلوي” الذي يسبب أيضاً التهابات الأذن والربو، مشيراً إلى أن جائحة كورونا “أعطت زخماً هائلاً للبحوث المتعلقة باللقاحات”.

وبالنسبة إلى الرضّع الذين تقل أعمارهم عن عام واحد، لا يوجد لقاح في حد ذاته، لكن يُعتمد مبدأ المناعة السلبية عن طريق حقن جرعة من جسم مضاد أحادي النسيلة لتعريض هؤلاء الرضع -لأول مرة في حياتهم- لشكل طفيف من الإصابة بالفايروس التنفسي المخلوي.

وتنوي مختبرات سانوفي الفرنسية العملاقة أن تقدّم ابتداءً من موسم 2023 في أوروبا علاجها الوقائي الذي طورته بالاشتراك مع مختبرات أسترازينيكا البريطانية السويدية، والموجه إلى حديثي الولادة تحت اسم “بيفورتوس” (نيرسيفيماب). وتكون بذلك قد تفوقت في السباق على مختبرات “أم اس دي” الأميركية التي تتم حالياً دراسة جسمها المضاد “كليروفيماب إم كي ـ 1654” ضمن تجارب وصلت إلى المرحلة السريرية الأخيرة.

هذه الحقن “ليست سهلة التنظيم” و”ليست لدينا فكرة عن السعر”، ولكن “المناقشات الجارية بين الشركات والمجالس العلمية المختلفة والسلطات الصحية يُتوقع أن تنضج هذا الصيف”، بحسب جاك بروار.

ويشير الطبيب إلى أن هذه الحقن “ستعطي جرعة دعم لخدمات الطوارئ” في المؤسسات الطبية، فـ”حين ينشط الفايروس ويبدأ بالتسبب في التهابات، لا يوجد دواء يمكنه أن يلجم عاصفة الالتهابات”.

وتعمل مختبرات “فايزر” الأميركية أيضاً على تصنيع لقاح مضاد للفايروس التنفسي المخلوي لدى الأطفال ولكن وفق مقاربة مختلفة، تتمثل في تحصين النساء الحوامل.

وبالتوازي مع هذه التطورات تواصل المختبرات بحوثها. وفي هذا الإطار تعمل “سانوفي” على تصنيع لقاح محتمل يمكن تناوله عن طريق الاستنشاق، لأول مرة ضد الفايروس التنفسي المخلوي، وهو مخصص للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وخمس سنوات، كما تعمل على تصنيع لقاح بتقنية الحمض النووي الريبوزي الرسول (أم أر أن أيه) لكبار السن.

وعلى خطّ هذه التكنولوجيا تنتظر شركة “موديرنا” الأميركية للتكنولوجيا الحيوية الحصول على تصريح لطرح تقنيتها (أم أر أن أيه 1345) في الاتحاد الأوروبي وسويسرا وأستراليا والولايات المتحدة، لتسويق لقاحها المحتمل المخصص لكبار السن.

البحث عن الحماية من الفايروسات ضروري
البحث عن الحماية من الفايروسات ضروري

وتقول المحللة في “غلوبال داتا” نانسي جاسر “من المرجح أن يكون (أم أر أن أيه 1345) أول لقاح من نوعه يعتمد على تقنية الرنا المرسال  لدخول السوق”، مضيفة أنه نظراً لأن هذه التقنية تتيح التكيف السريع مع الطفرات الفايروسية المحتملة، فإن لقاح “موديرنا” يمكن أن يحقق “نجاحاً أكبر” في حالة حدوث تغيير في الانتشار الوبائي للفايروس.

ويرى كروازييه أن التحدي الكبير يتمثل في تقديم لقاحات مشتركة لكبار السن تغطي مجموعة من مسببات الأمراض الشتوية، بما في ذلك الأنفلونزا وكوفيد والفايروس التنفسي المخلوي، “وربما غيرها”.

وبحسب خبراء “مايو كلينيك” يحدث التهاب القصيبات عندما يصيب أحد الفايروسات القصيبات، وهي أصغر المسالك الهوائية في الرئتين. وتؤدي العدوى إلى تورم القصيبات وتهيجها. ويتجمع المخاط في هذه المسالك الهوائية، ما يجعل من الصعب على الهواء التدفق بحرية داخل الرئتين وخارجهما.

ويحدث التهاب القصيبات عادةً بسبب الفايروس المخلوي التنفسي. والفايروس المخلوي التنفسي فايروس شائع يصيب جميع الأطفال تقريبًا في عامهم الثاني. وغالبًا ما تتفشى عدوى الفايروس المخلوي التنفسي أثناء الأشهر الباردة من العام في بعض المناطق أو في موسم الأمطار في مناطق أخرى. ومن الممكن أن يُصاب الشخص به أكثر من مرة. ويمكن أن يحدث التهاب القصيبات أيضًا بسبب فايروسات أخرى، منها الفايروسات التي تسبب الأنفلونزا أو الزكام.

وتنتشر الفايروسات التي تسبب التهاب القصيبات بسهولة. إذ يمكن الإصابة بها عن طريق الرذاذ المتطاير في الهواء عندما يسعل شخص مصاب بالفايروس أو يعطس أو يتحدث. كما يمكن الإصابة بها عن طريق لمس الأغراض المشتركة، مثل الأطباق أو مقابض الأبواب أو المناشف أو الألعاب، ثم لمس العينين أو الأنف أو الفم.

وقد تشمل مضاعفات التهاب القصيبات الحاد انخفاض مستوى الأكسجين في الجسم، وتقطع النفس الذي يحدث على الأرجح لدى الأطفال المولودين في وقت مبكر جدًا والأطفال دون سن الشهرين.

15