المتشددون يعرقلون تخفيف الأحكام في قضايا المخدرات في إيران

أدلى بعض المشرعين الإيرانيين باقتراحاتهم بشأن إدخال بعض التعديلات على القوانين الصارمة لمكافحة المخدرات في البلاد، وهي خطوة يمكن أن تُلغَى على إثرها عقوبة الإعدام بالنسبة إلى بعض الجرائم المتعلقة بالمخدرات، خاصة وأن أعلى معدلات الإعدام في العالم تتم في إيران ما جعلها تتعرض لانتقادات وضغوط دولية متزايدة للحد من تنفيذ عقوبة الإعدام.
الأربعاء 2017/07/26
أعلى معدلات الإعدام تسجل في إيران ونسبة هامة منها تتبع قضايا المخدرات

طهران – يناقش البرلمانيون الإيرانيون مقترحات بتخفيف العقوبات في بعض القضايا المتعلقة بالمخدرات من بينها المتاجرة والاستهلاك، وفي حال حظيت هذه المقترحات بموافقة البرلمان الإيراني، فإن التعديل المقترح من شأنه أن يُحد ويخفض عدد عمليات الإعدام التي تُنفذ في الجمهورية الإسلامية.

وتخضع إيران في المقابل لضغوط دولية متزايدة للحد من عدد عمليات الإعدام في سجونها. وبحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان أعدمت إيران 567 متهما على الأقل في العام 2016 وحوالي 1000 متهم في عام 2015، بمن فيهم متهمون من أفغانستان، التي تعتبرها السلطات الإيرانية مصدر جلب الكميات الأكبر من المخدرات غير المشروعة ليتم تهريبها من خلال إيران.

ويقول مسؤولون إيرانيون إن 70 بالمئة من مجموع أحكام الإعدام في إيران تتعلق بجرائم المخدرات.

وازدادت الدعوات من داخل إيران لتخفيف أحكام الإعدام الصادرة عن جرائم المخدرات. ويقول منتقدو هذه الأحكام إن الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام لم يُحدث تأثيرا يُذكر لوقف تعاطي المخدرات والاتجار بها في الدولة الإيرانية التي تقع على طريق عبور رئيسي للمخدرات المُهربة من أفغانستان.

وتجدر الإشارة إلى أن لدى إيران واحدا من أصعب القوانين في ما يخص العقوبات المسلطة على قضايا المخدرات في العالم، حيث يتم الحكم بالإعدام في هذا النوع من القضايا في حال الاتجار أو حيازة الهيروين أو الكوكايين بكمية تقدربـ30 غراما.

وفى 16 يوليو، وافق البرلمان على اقتراح بتعديل القانون لإلغاء عقوبة الإعدام في جرائم المخدرات البسيطة وغير العنيفة. وأرسل علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني مشروع القانون إلى لجنة القضاء البرلمانية لإجراء المزيد من المداولات.

خمسة آلاف شخص محكوم عليهم بالإعدام بتهمة التعاطي أو الاتجار بالمخدرات، تتراوح أعمار غالبيتهم ما بين 20 و30 عاما

واستشهدت وكالة الأنباء الرسمية “ايسنا” بتصريح لاريجاني في 17 يوليو “لقد استشرت رئيس السلطة القضائية حول مشروع القانون والذي أكد موافقته المبدئية على التعديل بعد أن تتم تسوية بعض السلبيات المتعلقة به”.

وقبل تشريع القانون، يجب أن يوافق عليه البرلمان ويصادق عليه مجلس صيانة الدستور، وهي أعلى هيئة تحكيم في إيران إذ يجب أن توافق على جميع التشريعات المقترحة.

وقد دعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان “هيومان رايتس ووتش” في نيويورك الحكومة الإيرانية لوقف أحكام الإعدام التي تصدر عن الجرائم المتعلقة بالمخدرات في الوقت الذي ناقش فيه البرلمان خطة الإصلاحات.

وقالت سارة ليا ويتسون مديرة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط “ليس من المعقول أن يصدر القضاء الإيراني الحكم بالإعدام في قضايا المخدرات والذي من المتوقع تعديله بحلول الشهر المقبل. إنه لمن القسوة أن يُعدم شخص اليوم لارتكاب جريمة من شأنها أن تحصل بعد تعديل القانون في أسوأ الحالات على عقوبة بالسجن لمدة 30 عاما”.

ودعا المتحدث الرسمي باسم اللجنة القضائية النيابية حسن نوروزي في نوفمبر الماضي، البرلمان إلى تغيير القانون، مشيرا إلى أن هناك خمسة آلاف شخص محكوم عليهم بالإعدام بتهمة التعاطي أو الاتجار بالمخدرات، تتراوح أعمار غالبيتهم ما بين 20 و30 عاما، وهذه هي السابقة الأولى لهم.

كما دعا أكثر من 150 مُشرّعا بمجلس الشورى الإسلامي المكون من 290 عضوا في أكتوبر، إلى إبطال أحكام الإعدام في قضايا الاتجار الصغيرة بالمخدرات.

واقترح المُشرّعون أيضا إلغاء عقوبة الإعدام للمتورطين في تهريب المخدرات بدافع الفقر والعوز.

الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام لم يحدث تأثيرا يذكر في مسألة وقف تعاطي المخدرات والاتجار بها في إيران

وقال محمد باقر أولفات نائب رئيس إدارة الشؤون الاجتماعية في القضاء في أغسطس، إن عقوبة الإعدام لم تُحدث تأثيرا يُذكر في الحد من الاتجار بالمخدرات، ولكن على العكس أصبحت هذه العمليات في ازدياد. وبدلا من عقوبة الإعدام، أقترح إصدار أحكام بالسجن لفترات طويلة مع الأشغال الشاقة.

ويرفض المتشددون في السلطة القضائية، على ما يبدو، فكرة تعديل القوانين القاسية المتعلقة بالمخدرات في إيران. وفي تصريحات نشرت في سبتمبر الماضي، دافع رئيس الهيئة القضائية آية الله صادق لاريجاني عن الموقف المتشدد الذي اتخذته الهيئة ضد التعديلات التي أُدخلت على القانون.

وقال لاريجاني “في بعض القضايا، وخاصة تلك المتعلقة بالمخدرات، نجد أنفسنا مجبرين على اتخاذ القرار بسرعة وبشكل علني وحاسم”، مضيفا أنه يجب على القضاة عدم تأخير تنفيذ الأحكام.

وأضاف أن العقوبات البديلة يمكن أن تحل محل عقوبة الإعدام في وجود بعض الشروط إلا أنه لا يجب استبعاد عقوبة الإعدام بشكل كامل.

وفي ما يخص السجناء الأفغان في إيران فقد تم اعتقال الآلاف من الأفغان المتورطين في تجارة المخدرات غير المشروعة وقد أُعدموا داخل السجون الإيرانية.

ويُذكر أن أفغانستان تعتبر أكبر دولة منتجة للأفيون في العالم والذي يستخدم لصنع الهيروين ويستخدم تجار المخدرات إيران كمعبر رئيسي يتم من خلاله تهريب المخدرات إلى غرب آسيا وأوروبا.

ويظل عدد السجناء الأفغان الذين تم إعدامهم على مدار السنوات العديدة الماضية في السجون الإيرانية غير معروف. ونادرا ما تُبلغ طهران أو تقدم تفسيرات إلى كابول بشأن إعدام مواطنيها.

وتشير وسائل الإعلام الأفغانية إلى أن حوالي 2000 أفغاني سُجنوا في إيران بتهمة تهريب المخدرات وغيرها من التُهم المنافية للقانون، بينما صدرت عقوبة الإعدام في حق مئات آخرين.

وأعرب المشرعون الأفغان ومجموعات حقوق الإنسان عن مخاوفهم بشأن السجناء الأفغان في إيران، مشيرين إلى أن العديد من الأفغان المسجونين في إيران لا يحصلون على محاكمات عادلة لأنهم يُحرمون من حق توكيل محامين للدفاع عنهم ولا يحصلون على فرصة لتلقي المساعدة من كابول.

12