المانغا والأنمي.. فن ياباني ببصمة سعودية طموحة

تزايد اهتمام الشباب السعوديين بفنيْ المانغا والأنمي خلال الأعوام الأخيرة؛ ولم يكتفوا باستهلاكهما لمزجهما بين الترفيه والثقافة والتعليم، بل صاروا يبدعون فيهما رسما ورواية حتى صارت إنتاجاتهم التي تعرف بالمانغا العربية تترجم إلى لغات أخرى.
الرياض - تستقطب جدة خلال شهر يونيو الحالي فعالية قرية الأنمي الفريدة من نوعها. وتميّز مسرح قرية الأنمي المفتوح بتصميم فريد مستوحى من مروحة الورق اليابانية، حيث تقام على خشبته مجموعة من الفعاليات المصاحبة، مع وجود العديد من المجسمات والرسومات لشخصيات الأنمي الشهيرة، ويتم تقديم باقة من التجارب المستمدة من عالم الأنمي والثقافة اليابانية.
وتضمنت الفعاليات المخصصة لمحبي الأنمي مجموعة من المسابقات التنكرية المحلية، إضافة إلى عروض مباشرة، وتجارب مميزة في المطاعم ذات الطابع الياباني، وعددٍ من الأنشطة التي صُمِّمَت خصيصًا لعشاق الأنمي والمهتمين بعيش أجواء شخصياتهم المفضلة.
ويتيح المعرض لزواره مسرحًا مخصصًا للعروض الحية، يؤدي فيه مشاهير الأنمي عروضًا مقتبسة من حفلات غنائية، وحوارات ومناقشات مع المنتجين والممثلين الصوتيين، إلى جانب عرض أحدثَ أفلام الأنمي في قاعات خاصة، واستضافة العديد من الأسماء البارزة من المؤلفين العالميين وصانعي المحتوى في هذا المجال. وتُعرف المانغا بأنها أحد أشكال الفن الياباني الذي يعتمد على الرسومات الكاريكاتيرية والكتب والروايات المصورة التي تُقرأ من الخلف إلى الأمام ومن اليمين إلى اليسار.
وتلعب شركة “مانغا العربية” التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام دورًا حيويًا في تطوير صناعة المانغا السعودية، وتسهم في نشر هذه الثقافة وتتيح للمبدعين فرصة تقديم أفكارهم وإبداعاتهم عبر منصة إبداعية ودورية شهرية. وبدأت الشركة مرحلة جديدة في ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أخرى، وذلك مع مانغا “المغامرون الصغار”، كما تعمل مانغا العربية على اكتشاف المواهب من خلال المسابقات التي تطلقها، لتشجع المهتمين على المشاركة وتقديم أعمالهم والاستثمار في مواهبهم.
وأكد الرئيس التنفيذي للشركة عصام بخاري أهمية تصدير المحتوى السعودي إلى العالم، مشيرًا إلى أن المؤسسة أصدرت حوالي 50 ألف صفحة ورقية وإلكترونية بين إنتاج محلي وترجمة من اللغة اليابانية، ووزعت نحو 11 مليون نسخة ورقية من مجلتي “مانغا العربية للصغار” ومانغا العربية للشباب” في العالم العربي، بالإضافة إلى أكثر من 4 ملايين تحميل لتطبيق مانغا العربية في 171 دولة خلال العام الماضي.
وأعربت مديرة التحرير في مجلة مانغا العربية نوف الحسين عن تفاؤلها بمستقبل صناعة المانغا والأنمي السعودية، مشيرة إلى أن الاهتمام بالمبادرات الإبداعية سيسهم في تطوير سوق العمل وزيادة فرص النمو في هذه الصناعة في المستقبل القريب.
وقالت الحسين “أصبح المجتمع السعودي يدرك أهمية تنمية المواهب والمهارات المختلفة، بما في ذلك صناعة المانغا والأنمي في السعودية”، لافتة الانتباه إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال الرسم والكتابة والتركيز على الجانب الإبداعي، وهو الأساس في صناعة المانغا.
وأشارت إلى أن هذا التوجه سيؤدي إلى تطوير شخصيات محلية تمتلك القيم العربية الأصيلة والروح السعودية، حيث يمكّن هذا النوع من المحتوى من الوصول إلى الجمهور وتحقيق النجاح على المستوى العالمي، والإسهام في تعزيز الثقافة السعودية مما يصنع جيلاً مبدعًا يحمل رسالة ثقافية جديدة ومختلفة.
وفيما يتعلق بصناعة الأنمي في المملكة، أوضح الناقد ماجد العامر أنها تشهد تطورًا باهرًا وملفتًا. وعلى الرغم من أن جهودها بدأت في عام 2019 وتأجلت بسبب جائحة كورونا، تفوقت الصناعة السعودية في هذا المجال على العديد من نظيراتها في الدول التي بدأت تطوّر ثقافة الأنمي.
وبيّن العامر أنه تم اعتماد المملكة كمُنتجٍ رسمي عبر المنصات الترفيهية العالمية، وتقدم ترجمة عربية مما يُظهر الإمكانات الكبيرة لهذه الصناعة. وقال إنه يتم شراء حقوق المانغا وإصدارها محليًا بشكل رسمي ومترجمة إلى العربية، وتوزع في المراكز والمكتبات وحتى في دور السينما.
وشدد على أهمية إقبال المجتمع على الفرص الوظيفية المتاحة في هذه الصناعة، مثل المانجاكا رسام المجلات المصورة والأنميتر محرك الصور وغيرهما. وقال “إن المملكة تقطع مسافات كبيرة في هذا الشأن، ولكننا بحاجة إلى قبول أسرع من المجتمع، فهناك فرص عظيمة لاستخدام الأنمي في شتى المجالات".
ويتوقع العامر مستقبلا لصناعة الأنمي في السنوات السبع القادمة، مرجحًا أن يتعزز إنتاج المحتوى المحلي لخلق نوع آخر من السياحة الترفيهية في المملكة. يذكر أن المملكة أطلقت مؤخرًا برنامج "تعليم المانغا" في إطار الأنشطة الافتراضية التي ستتاح على منصة "مدرستي"، ابتداءً من العام القادم.