اللقاء بين السفير وماسك يثير خلافات بين الإيرانيين: خيانة أم حنكة

النفي المتأخر من المتحدث باسم الخارجية لا يعدو أن يكون محاولة لتبديد غضب المتشددين الذين يرفضون قطعيا أي تواصل مع أميركا.
الأحد 2024/11/17
ماسك محور اهتمام إعلامي في إيران

طهران- أثار اللقاء الذي تم الإعلان عنه بين سفير إيران في الأمم المتحدة السفير أمير سعيد إيرواني وإيلون ماسك صاحب منصة إيكس، والصديق الشخصي والداعم للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خلافات بين الإيرانيين بين من اعتبر أن اللقاء “خطوة إيجابية” ودليلا على الحنكة ومن اعتبره “خيانة”.

ولازمت الجهات الرسمية الصمت حيال اللقاء، لكن بعد الجدل الذي حصل حوله، اضطرت وزارة الخارجية للتدخل ونفي حصول اللقاء.

وعزا مراقبون الصمت في البداية إلى رغبة طهران في معرفة الردود الداخلية، وخاصة المواقف الأميركية، وهل ستحمل إشارات إيجابية متفاعلة مع تصريحات إيرانية عن “بناء الثقة” مع الإدارة الأميركية الجديدة.

◄ إيران أرسلت إلى ترامب إشارة انفتاح بدعوته مطلع نوفمبر إلى اعتماد سياسة جديدة حيالها، فيما اتهمت واشنطن طهران بالتورط في مخطط لاغتياله

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الخميس أن الملياردير إيلون ماسك المقرب من ترامب التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن.

ونقلت الصحيفة عن مصدرين إيرانيين لم تسمّهما قولهما إن اللقاء بين أغنى رجل في العالم والسفير أمير سعيد إيرواني كان “إيجابيا”.

وذكرت الصحيفة أن الرجلين التقيا لأكثر من ساعة في مكان سري الاثنين.

وكتبت صحيفة “جمهوري إسلامي” اليومية “على الرغم من أن هذا النبأ وهذه المحادثة غير رسميين، إلا أنه يمكن اعتبارهما بداية مسار جديد في السياسة الخارجية لبلادنا”.

ولم تذكر الصحيفة اسم إيلون ماسك في مقالها مكتفية بالإشارة إلى “شخص معروف ومؤثر ومقرب من دونالد ترامب”.

ولكن صحيفة كيهان المحافظة تساءلت إن كان “اللقاء السري مع ممثل ترامب، سذاجة أم خيانة؟” منتقدة “التفاوض” مع الولايات المتحدة التي تعتبرها “نظاما إرهابيا”.

إسماعيل بقائي: إيران تنفي قطعا مثل هذا اللقاء وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأميركية
إسماعيل بقائي: إيران تنفي قطعا مثل هذا اللقاء وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأميركية

من جانبها كتبت صحيفة “هام ميان” الإصلاحية “إن خبر اللقاء بين إيلون ماسك والسفير أمير سعيد إيرواني يظهر أن المسار (الدبلوماسي) ليس في اتجاه واحد وأن الفريق الدبلوماسي الإيراني يسير على الطريق الصحيح”.

وأضافت أن “الكثيرين يعتبرون إيلون ماسك رجل الظل” لترامب، وله “تأثير خاص جداً” عليه.

ورأت صحيفة الشرق الإصلاحية أن اللقاء، في حال تأكيده، سيشكل “خطوة إيجابية”، لكنها دعت “إلى عدم المبالغة في تقدير أهميته”.

لكن إيران نفت بصورة “قاطعة” السبت حصول أيّ لقاء بين ماسك والسفير، معربة عن “استغرابها” لنقل وسائل إعلام هذا الخبر، بحسب ما نقلت وكالة إرنا عن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي.

وأكد بقائي أن إيران “تنفي قطعا مثل هذا اللقاء وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأميركية،” بحسب إرنا.

ويرى مراقبون أن النفي في حد ذاته لا يلغي فكرة التواصل وانعقاد الاجتماع. ولو كان الأمر غير صحيح، فإن الإيرانيين كانوا سيبادرون بالنفي من البداية. لكن النفي المتأخر من المتحدث باسم الخارجية لا يعدو أن يكون محاولة لتبديد غضب المتشددين الذين يسيطرون على النظام ويرفضون قطعيا أيّ تواصل مع أميركا باعتبارها “الشيطان الأكبر”.

وكان مسؤول أميركي قال لأسوشيتد برس إنه تم إبلاغه بأن المناقشة بين ماسك وإيرواني تناولت مجموعة متنوعة من القضايا، أبرزها برنامج إيران النووي ودعمها للجماعات المناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآفاق تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه لم يتم اتخاذ أيّ قرارات فورية من أيّ من الجانبين. وقال إن الإيرانيين هم من سعوا للقاء ماسك، أغنى رجل في العالم، مضيفا أن الاجتماع لم يعقد في مقر البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة.

والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 1980، بعد وقت قصير من الثورة الإسلامية التي أطاحت بسلالة بهلوي التي دعمتها واشنطن.

واتبع ترامب خلال ولايته الأولى (2017 – 2021) سياسة ممارسة “ضغوط قصوى” على إيران وأعاد فرض عقوبات شديدة عليها أبقتها إدارة خلفه جو بايدن.

نيويورك تايمز: الملياردير إيلون ماسك المقرب من ترامب التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن

وفي العام 2015، أبرمت إيران اتفاقا مع الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، لتخفيف العقوبات المفروضة عليها في مقابل ضمانات على عدم سعيها إلى امتلاك السلاح الذرّي.غير أن دونالد ترامب سحب بلده من الاتفاق في 2018 وأعاد العمل بالعقوبات.

وأرسلت إيران إلى ترامب إشارة انفتاح بدعوته مطلع نوفمبر إلى اعتماد سياسة جديدة حيالها، فيما اتهمت واشنطن طهران بالتورط في مخطط لاغتياله.

وأكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن قنوات التواصل غير المباشر مع الولايات المتحدة ما زالت قائمة، في تصريحات أدلى بها بعد أسبوع من فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

ولاحقا، قال الرئيس مسعود بزشكيان المعروف بتأييده الحوار مع الدول الغربية بالرغم من الخلافات القائمة لاسيما في ما يخصّ البرنامج النووي “شئنا أم أبينا، الولايات المتحدة بلد ينبغي لنا التعامل معه على الساحة الإقليمية والدولية”.

وكان لافتا، خلال الأيام الأخيرة، أن طهران قد غيرت من خطابها باتجاه التهدئة والرغبة في بناء الثقة مع الغرب، وعلى وجه الخصوص الإدارة الأميركية الجديدة قبل استلام دونالد ترامب منصب رئاسة الولايات المتحدة. وقد يكون التفاعل مع مبادرة واشنطن لوقف الحرب في لبنان جزءا من بناء الثقة معها خاصة بعد تصريحات ترامب عن عزمه وقف الحرب حالما يستلم منصبه.

6