الكويت تفتح ملف الجمعيات التعاونية المثقل بالفساد

إحالات لرؤساء وأعضاء مجالس إدارات على النيابة بتهمة إهدار المال العام.
الأربعاء 2023/02/15
التعاونيات تحت مجهر الحكومة

فتحت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح ملفات الجمعيات التعاونية المثقلة بالتجاوزات، وقد انجرت عن هذه الحملة حتى الآن إحالة العديد من رؤساء وأعضاء مجالس إدارات هذه الجمعيات على النيابة العامة بتهم تتعلق بإهدار المال العام وأموال المساهمين.

الكويت - تقول أوساط سياسية كويتية إن الحملة الأمنية التي طالت مؤخرا الجمعيات التعاونية، تندرج في سياق المواجهة المفتوحة التي أعلنتها حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح على مكامن الهدر والفساد في الدولة.

وتلفت الأوساط إلى أن البرنامج الحكومي الذي عرضه الشيخ أحمد النواف، كان من ضمن أولوياته مكافحة ظاهرة الفساد التي تغلغلت بشكل خطير خلال السنوات الماضية، وتسببت للدولة في خسائر مالية كبيرة، لكن الأزمة المستجدة بين الحكومة ومجلس الأمة أدت إلى فرملة هذه الحملة نسبيا قبل أن تعود بزخم أكبر في الأيام الأخيرة.

وتعتبر الأوساط نفسها أن الحكومة بضربها بيد من حديد على الفساد الذي ينخر الجمعيات التعاونية، أرادت إيصال رسائل بأنها ماضية قدما في الأهداف التي خطتها، على الرغم من كونها حكومة تصريف أعمال.

وأعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية وزيرة الدولة لشؤون المرأة والطفولة مي البغلي عن إحالة عدد كبير من أعضاء مجالس إدارات وموظفين في جمعيات تعاونية على النيابة العامة، إضافة إلى حل مجلس إدارة جمعية، بناء على نتائج لجان التحقيق المشكلة من قبل الوزارة، للبحث والتقصي عن أعمال وأنشطة وحسابات بعض الجمعيات.

وقالت البغلي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “موظفي الوزارة لصون أموال المساهمين وحماية المال العام، بذلوا الكثير من الجهود لإيقاف الهدر وسوء التصرف، من خلال تعزيز الدور الرقابي، وفقا للوائح والقوانين والنظم المتبعة”.

وذكرت الوزيرة الكويتية أن “سلسلة التقارير المرفوعة من لجان التحقيق بالوزارة، نتجت عنها إحالة 5 أعضاء في مجالس إدارات جمعيات تعاونية، إضافة إلى ثلاثة رؤساء مجالس إدارات سابقين وحاليين، على النيابة العامة، لاستكمال التحقيقات الخاصة بشبهات الفساد التي قاموا من خلالها بالاعتداء على المال العام وأموال المساهمين”.

إحالة 5 أعضاء في مجالس إدارات جمعيات تعاونية، إضافة إلى ثلاثة رؤساء مجالس إدارات سابقين وحاليين، على النيابة

وشنت حكومة الشيخ أحمد النواف خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين حملة كبيرة أفضت إلى إعفاءات طالت العشرات من المسؤولين في الصفوف الأولى والثانية في العديد من الهيئات المالية والاقتصادية.

وقد أشاد نشطاء كويتيون بتلك الحملة التي اعتبروا أنها مقدمة واعدة في مواجهة الفساد والتراخي الذي طبع أداء العديد من المسؤولين، ما أثر سلبا على العديد من الهيئات والمؤسسات، لافتين إلى أن العشرات من المسؤولين استغلوا الأزمات السياسية التي شهدتها البلاد طيلة السنوات الماضية وارتكبوا العديد من التجاوزات.

وقد طالب العديد من النشطاء بضرورة تسليط الضوء على الجمعيات التعاونية، بالنظر لحجم التجاوزات التي تشهدها.

 وكشفت وزيرة التنمية الاجتماعية أن الحملة على الجمعيات التعاونية أسفرت عن “إحالة ثلاثة أمناء صناديق في الجمعيات، وخمسة أعضاء لجان مشتريات، ورئيس لجنة مشتريات، ورئيس لجنة الشؤون المالية والإدارية، ورئيس لجنة الخدمات الاجتماعية في عدد من الجمعيات على النيابة العامة، في شبهات تعدٍّ على أموال المساهمين والهدر في المال العام”.

وذكرت الوزيرة الكويتية “كما تمت إحالة مدير إحدى الجمعيات التعاونية و17 موظفا غير كويتي للنيابة العامة، بتهم متعددة تتعلق بأموال المساهمين والهدر في الجمعيات التعاونية، إضافة إلى إحالة عدد من المراقبين الماليين والإداريين لجهة التحقيق بالوزارة”.

اقرأ أيضاً: تحذيرات كويتية من استمرار التعيينات وفق الترضيات
اقرأ أيضاً: تحذيرات كويتية من استمرار التعيينات وفق الترضيات

وأشارت البغلي إلى “تشكيل ست لجان لمراجعة أعمال وحسابات لجمعيات تعاونية، وهي بصدد رفع تقاريرها النهائية”، مؤكدة أن “الشؤون تضطلع بدورها في حماية حقوق المساهمين بالجمعيات التعاونية، من خلال ما يقوم به المراقبون الماليون والإداريون، وكذلك لجان التحقيق المشكلة من قبل الوزارة للبحث والتقصي عن أعمال وأنشطة وحسابات بعض الجمعيات التعاونية، للوقوف على مدى احترامها للقوانين واللوائح المنظمة للعمل التعاوني”.

وتلعب الجمعيات التعاونية في الكويت دورا بارزا في التنمية الاقتصادية، وهي تنتشر تقريبا في جميع أنحاء الدولة، حتى أن المناطق التي لا توجد بها مثل تلك الجمعيات، تستفيد من خدماتها والفروع القريبة منها.

وكشف تقرير سابق لصحيفة “القبس” المحلية أن الجمعيات التعاونية تمثل أكثر من 75 في المئة  من السوق التصريفية للسلع والخدمات الضرورية للفرد والمجتمع، فلدى كل جمعية (كحد أدنى) سوق مركزي رئيسي (وقد توجد إلى جانبه بعض الأسواق المركزية الفرعية) وعدد من الفروع منها ما يدار إدارة مباشرة من قبل الجمعية ومنها ما يدار بمعرفة الغير تحت إشراف ورقابة الجمعية.

وتختلف طبيعة وفلسفة التعاونيات الاستهلاكية عن غيرها من المؤسسات الأخرى التي قد تبدو للوهلة الأولى أنها تشابهها في بعض خصائصها، فهي، أي التعاونيات، تباشر أنشطة تجارية شأنها في ذلك شأن الشركات والمؤسسات التجارية، ولكن التعاونيات تختلف عن تلك الجهات في أنها لا تباشر تلك الأنشطة التجارية بهدف الاتجار في حد ذاته، وإنما تباشرها بغرض تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما أن التعاونيات تختلف عن الجمعيات الخيرية والجهات ذات النفع العام، إذ أن غايات الأخيرة اجتماعية بحتة، وبالتالي فإنها لا تعتمد على ذاتها في تحقيق أهدافها وإنما على ما تحصله من معونات ومساعدات وتبرعات من هنا وهناك، على عكس التعاونيات التي تعتمد اعتمادا كليا على ذاتها في تحقيق غاياتها، فهي توظف ما تحصله من أنشطتها الاقتصادية لخدمة برامجها الاجتماعية. وقد ألزم المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 1979 الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الكويتية بتخصيص نسبة 25 في المئة من أرباحها لدعم الخدمات الاجتماعية كل جمعية بمنطقة عملها.

وبالتالي فإن للجمعيات التعاونية أهمية اقتصادية وتنموية كبيرة، وهذا ما يجعلها عرضة للاختراق من قبل أخطبوط الفساد. وتعكس الحملة الحكومية حرصا على وضع حد لهذا الأخطبوط وإنعاش دور هذه الجمعيات كمحرك أساسي في الدورة الاقتصادية للبلاد.

3