الكويت تتحول من مركز جذب إلى بيئة نافرة للوافدين

الكويت - شددت السلطات الكويتية من إجراءاتها بشأن العمالة الوافدة، حيث قررت سحب رخص القيادة الممنوحة لفئة كبيرة من الموظفين الوافدين.
وبدأت الكويت في السنوات الأخيرة مسارا طويلا لإعادة هيكلة سوق الشغل، والحد من إخلالات التركيبة السكانية للإمارة، التي تحمّل الوافدين المسؤولية عنها.
وتتزامن الإجراءات الجديدة بحق الموظفين الوافدين مع توجه أعضاء مجلس الأمة الكويتي لإقرار مشاريع قوانين جديدة تستهدف “تكويت” المزيد من الوظائف في القطاعين العمومي والخاص، خلال الدورة الحالية.
ويرى مراقبون أن الإجراءات المعلنة تباعا من شأنها أن تحول الإمارة الخليجية إلى بيئة نافرة للعمالة الوافدة، بعد أن كانت لعقود طويلة مركز جذب للآلاف من هؤلاء من دول عربية وآسيوية.
وزارة الداخلية تأمر بإعادة النظر في رخص قيادة الموظفين الوافدين، حيث سيجري سحبها في حال انتفى شرط الراتب
ونقلت وسائل إعلام محلية الثلاثاء عن مصادر أمنية قولها إن وكيل وزارة الداخلية الكويتية الفريق فيصل النواف، أمر بإعادة النظر في رخص القيادة الممنوحة للوافدين.
وقالت المصادر الأمنية إنه “بموجب التعليمات الجديدة سوف يتم التدقيق في الحاصلين على رخص سياقة، وفي حال انتفاء شرط الراتب تسحب الرخصة”.
وأوضح أحد المصادر “على سبيل المثال هناك محاسبون وسائقون حصلوا على رخص سياقة باعتبار أن المحاسب يعمل براتب 600 دينار (حوالي 1900 دولار أميركي) ومؤهل جامعي، وانتقل إلى عمل آخر براتب 400 دينار (حوالي 1300 دولار أميركي) في هذه الحالة تسحب الرخصة”.
ومن شروط استخراج رخصة القيادة في الكويت للوافدين، أن يكون راتب الوافد المسجل في إذن العمل لا يقل عن 600 دينار كويتي.
وأشار المصدر إلى أن رخص السياقة التي يتم تجديدها يتم التأكد من انطباق الشروط عليها، ومتى ما انتفت الشروط لا تجدد، وتعد الرخصة بلا جدوى وغير سارية المفعول ولا يجوز لصاحبها القيادة.
وأوضح أن الهدف من التعليمات هو سحب الرخص من وافدين تحصلوا عليها لافتقاد أحد شروط القرار، ويمكن للمواطن الكويتي الاستمرار بالرخصة التي بحوزته إلى حين إشعار آخر.
وسبق أن ذكر مسؤولون في المرور بأن رخص السياقة الصادرة قبل العام 2013 لا تسحب، لكون القانون المنظم صدر بعد هذا التاريخ.
ويرى منتقدون أن خطوة إعادة النظر في رخص السياقة للوافدين، تندرج في إطار سلب المزيد من الحقوق لهذه الفئة، التي لطالما شكلت أحد أعمدة الاقتصاد الكويتي.
وشن نشطاء كويتيون على مدار السنوات الماضية حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بسحب رخص القيادة من الوافدين، وذهب بعضهم حد تحميلهم مسؤولية ارتفاع حوادث السير، والازدحامات المرورية.
وتسعى الكويت إلى التخفيف من عدد العمالة الوافدة، وسبق وأن أعلنت عن رزمة خطط تستهدف الاستغناء عن 70 في المئة منهم في غضون خمس سنوات.
الإجراءات المعلنة تباعا من شأنها أن تحول الإمارة الخليجية إلى بيئة نافرة للعمالة الوافدة، بعد أن كانت لعقود طويلة مركز جذب للآلاف من هؤلاء من دول عربية وآسيوية
وتريد السلطة الكويتية الوصول إلى هدف تكويت الوظائف، لاسيما في القطاع الحكومي بنسبة 100 في المئة.
ويرى مراقبون أن التشدد الكويتي حيال الوافدين لا يقتصر فقط على مسألة هيكلة سوق الشغل على أهميته، بل له أيضا خلفيات اجتماعية في علاقة باختلال التركيبة السكانية للإمارة.
وعلى خلاف باقي الدول الخليجية، فإن للكويتيين حساسية متزايدة حيال الوافدين، ويرجع مراقبون ذلك إلى تدهور الوضع المالي والاقتصادي للإمارة، والذي بات يؤثر على المواطنين الكويتيين.
وتصنف الكويت ضمن أغنى عشرين دولة من حيث الدخل الفردي في العالم، حيث تمتلك نحو 102 مليار برميل من النفط، وتشكل نحو ستة في المئة من إجمالي احتياطي النفط في العالم، بيد أنها تواجه في السنوات الأخيرة وضعا اقتصاديا وماليا صعبا في علاقة بتذبذب أسعار النفط، وبوباء كورونا.
وأبعدت السلطات الكويتية نحو 316.700 وافد من جنسيات مختلفة إلى خارج البلاد، بعدما أسقطت عنهم إقاماتهم، وذلك في الفترة الممتدة من يناير الماضي وحتى نوفمبر الماضي.
وكشفت مصادر مطلعة أن “الأشخاص الذين تم إبعادهم يعملون في كل من القطاع الخاص والحكومي والعمالة المنزلية والعمل الحر (دون كفيل)”. وأوضحت المصادر لوسائل إعلام محلية أن غالبية الأشخاص الذين تم إبعادهم كانوا من دولة عربية، ومن دولة آسيوية لها جالية كبيرة داخل البلاد، ودولتين آسيويتين أخريين.