الكويتيون يغازلون الكمأة في الأسواق

الكويتوين يهتمون بالكمأ لندرته وطعمه المختلف وهو نبات فطري يشبه في شكله البطاطا مع اختلاف اللون والرائحة وينمو في الصحارى وفي التربة الطينية الناعمة قليلة الملوحة.
الجمعة 2020/02/07
ألذ من اللحم

يحن الكويتيون إلى طعامهم الشعبي الذي يختلف باختلاف المواسم، فمنه ما يستغربه البعض كالجراد المقلي، ومنه ما يشترك فيه الكويتيون مع جيرانهم الخليجيين وإخوانهم العرب في العراق ومصر وسوريا وشمال أفريقيا، إنه فقعة الكمأة وهي نوع من الفطريات تشبه البطاطا يأكلونها مشوية ومطبوخة مع الطعام، وينتظرون موسمها بفارغ الصبر.

الكويت- انتشرت البسطات في أسواق الكويت التي تبيع الكمأة الطازجة وهي طعام الخليجيين الشعبي وزائرهم المفضل على المائدة في هذا الموسم الذي ينتهي في شهر أبريل.

مع بداية الموسم الذي تكون فيه أسعار الكمأ عالية يكتفي أغلب الكويتيين من الطبقة المتوسطة بمشاهدة الزائر المفضل لديهم والذي يأتي في ألوان مختلفة، أفضلها اللون الأبيض، أما الأغنياء فيدفعون العشرات من الدينارات ثمنا للكيلوغرام الواحد.

وقرّرت محافظة العاصمة الكويتية منذ 2006 تخصيص سوق لبيع الكمأ بسبب تزايد الطلب عليه، بعدما كان يباع في أماكن متفرقة في البلاد وبطريقة فوضوية.

وتفتح الأسواق أبوابها عند التاسعة صباحا، وتزداد مع مرور ساعات النهار أعداد الزبائن وهم يسيرون بين المنصات والطاولات، يراقبون، ويتفحصون، ويعتمدون خصوصا على حاسة الشم لديهم للاختيار والشراء، رغم ارتفاع أسعارها إذ يتراوح سعر الكيلوغرام من الزبيدي ذي الحجم الكبير بين 35 دينارا (حوالي 105 دولارات أميركية) و40 دينارا (130 دولارا أميركيا)، أما العراقي فبين 18 و25 دينارا.

يقول البائع عايد السلمان، “إن سعر الكمأ يعتمد على الكميات المتوافرة في السوق وهو في هذه الفترة شحيح، نحن بانتظار السوري والإيراني لموازنة الأسعار وخفضها”. وأوضح، أن كمأة الزبيدي والسمرة مرغوب فيهما للطبخ

عند الكويتيين، ولكن الأسعار حاليا مرتفعة، وعند كثرة الكمأ تنخفض الأسعار ويصبح بإمكان كل الكويتيين شراؤه.

وأضاف، أن من عنده أسرة وفيرة لا يستطيع الشراء بهذه الأسعار، فالكمأ أسعاره مختلفة بحسب النوع والمكان الذي قدم منه، حيث يعتبر السعودي الأغلى لكون حبته كبيرة، أما العراقي فيصل إلى 18 دينارا للكبير، والمتوسط من 8 إلى 10 دنانير، والفلين بسبعة دنانير ونصف الدينار، مضيفا “نحن بانتظار المغربي والجزائري والمصري بعد العاشر من الشهر الجاري”.

الكمأ أسعاره مختلفة بحسب النوع والمكان الذي قدم منه
الكمأ أسعاره مختلفة بحسب النوع والمكان الذي قدم منه

ويتوقع السلمان زيادة الإقبال على بنت الرعد في فبراير ومارس لكونهما آخر موعد لبيع الكمأة، وسيكون هناك تنافس بين الكثير من الأنواع والأحجام.

هناك أنواع عديدة من الكمأ، منها الزبيدي الذي يمتاز بلونه الأبيض، والفقع الخلاسي بلونه الأحمر الغامق وقشرته الصلبة، والجباء القريب إلى اللون الغامق الأسود، وكمأ الهوبر الأسود، ولكل نوع رائحته وطعمه المختلف بحسب نوع التربة التي نبت فيها.

يقول المواطن يوسف الخالد، إن الزبيدي هو الأفضل، مشيرا إلى أنه ينفق في كل موسم نحو ثلاثة آلاف دينار كويتي على شراء هذا الكمأ المفضل لديه. ويضيف، إن الكويتيين يهتمون بالكمأ لندرته وطعمه المختلف تماما، مبينا أنه يتناول مع عائلته الأكلات التي تحتوي على الكمأ، وخصوصا الكبسة، مساء كل خميس.

والكمأة أو الفقع أو الترفاس أو بنت الرعد كلها تسميات لنبات فطري يشبه في شكله البطاطا مع اختلاف اللون والرائحة وينمو في الصحارى وفي التربة الطينية الناعمة قليلة الملوحة.

ينمو الكمأ الذي يحتاج إلى أمطار موسمية مصحوبة بالرعد والبرق تحت سطح الأرض على أعماق متفاوتة تصل ما بين 2 و50 سنتمترا، ولا تظهر أجزاؤه فوق سطح الأرض، فلا ورق، ولا زهر له، لذلك تكون عملية البحث عنه صعبة ولا يجيدها إلا خبير كبندر المهيلب الذي يقول، إن منطقة الشمال تزخر في هذه الأوقات بالكمأ حيث تعد مرحلة البحث عنه من المتعة التي يهواها عشاقه قبل العثور عليه. وأضاف، أنه عثر كذلك على الكمأ وهو نوع شائع في أنواع الفقع ويميل إلى اللون الأحمر الغامق وتشتهر به أراضي الجزيرة العربية، إضافة إلى النوع الأبيض منه والذي يسمى بالزبيدي.

ويتمنى المهيلب، أن يأتي موسم الربيع هذا العام بالمزيد من هذه النبتة والتي يطلق عليها أيضا اسم ماء السماء.

وتحتوي الكمأة على كمية كبيرة من البروتينات، إضافة إلى فيتامين (أ) وفسفور وبوتاسيوم ومغنيسيوم، وعلى الرغم من هذه الفوائد، لا ينصح الأطباء بتناول الكمأ للمصابين بأمراض في الجهاز الهضمي، كما ينصحون بعدم تناولها للأشخاص المصابين بالحساسية والأمراض الجلدية وعدم تناوله نيئا أو شرب الماء البارد عليه لما في ذلك من ضرر على المعدة.

أنواع عديدة من الكمأ؛ منها الزبيدي بلونه الأبيض، والفقع الخلاسي بلونه الأحمر الغامق، والجباء الأسود، ولكل نوع رائحته وطعمه

وتضم السوق في العاصمة 123 موقع عرض جرى اختيار أصحابها بالقرعة من بين 520 تقدموا بعروض لاستئجار أماكن، ولا تزيد مساحة موقع العرض الواحد عن تسعة أمتار مربعة، لكنها توفر رغم ذلك أنواعا مختلفة.

ونفى السلمان وجود أي تلاعب بالأسعار، موضحا أن من يتحكم بالأسعار هم تجار الدول المصدرة للسوق الكويتية.

هذا الإقبال على موسم الكمأ في الكويت يتبعه بعض التشاؤم من ندرته في المستقبل القريب، فالبعض يقتفيه في رحلة طويلة، والبعض الآخر ينتظره ليكسب منه رزقه في السوق، وعشاق طبخه وأكله يقضون وقتا طويلا في اختيار أفضله طعما وسعرا على البسطات في السوق.

أسباب ندرة الكمأ في الأراضي الكويتية عديدة، وهي أن البيئة البرية الكويتية تعاني تدميرا يتمثل في قطع النباتات والرعي الجائر. ويقول خبراء الزراعة أن هناك فئة تستغل قلة المراقبة لتقبل على قلع النباتات البرية من جذورها بواسطة آلات الحفر وبيعها في سوق العلف، وهناك فئة أخرى تقتلع الأشجار الحرجية من أجل أن تجمع أغصانها علفا للحيوانات.

ومن الأسباب الأخرى أيضا، أن موسم التخييم في الكويت يبدأ من نهاية شهر أكتوبر إلى نهاية شهر مارس، ما يعني أن التخييم يتزامن مع موسم المطر ونمو النباتات الحولية والفطرية التي تمتد إلى نهاية موسم الربيع مما يؤثر على الطبيعة البرية ومكوناتها.

في موسم التخييم تساهم حركة المركبات الدؤوبة والعشوائية في نفس الوقت في ضعف التربة وتقلل من حيويتها وخصوبتها، وتؤدي إلى دك التربة وتفكيك الطبقة السطحية منها، الأمر الذي ينتج عنه تناقص الغطاء النباتي وندرة الأنواع النباتية في المناطق المفتوحة، إضافة إلى زحف الرمال وانتشار الغبار العالق.

20