الكويتيون يتوجهون لتعلم اللغة الصينية

الكويت - في منطقة السالمية المليئة بالأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي، افتتحت الصين مركزها الثقافي بالكويت، ليكون الأول من نوعه في الخليج، سعيا لنشر الثقافة واللغة الصينيتيْن.
يقول شيا جيانفنغ، الملحق الثقافي الصيني بالكويت ورئيس المركز الثقافي الصيني، إن إنشاء المركز جاء ثمرة لاتفاقية تعاون وقعتها الحكومتان في 2017، وهو “رمز للصداقة” بين الكويت وبكين.
وذكر أن “هذا المركز هو الأول من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي”، رغم أن هناك بعض المراكز الثقافية قيد الإنشاء في دول خليجية أخرى.
وأشار إلى أن المركز الذي تم افتتاحه العام الماضي أطلق في مايو أول دورة رسمية لتعليم اللغة الصينية، مشيرا إلى أنه يضم حاليا نحو 60 دارسا.
وأعرب الأمين العام المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي مساعد الزامل سعادته بافتتاح المركز الثقافي الصيني، قائلا: “أنا سعيد جداً بافتتاح المركز الثقافي الصيني في الكويت، والذي يتزامن مع العيد الوطني لجمهورية الصين الشعبية”.
وأضاف: “هذا هو الدور الحقيقي لتبادل الثقافات ما بين الكويت والصين، فقد وجدتُ في هذا المركز فعاليات من الاستعراض للعادات الصينية الجميلة، ووجدت أيضاً كتباً صينية مترجمة إلى اللغة العربية”.
انتقادات للمساعي الصينية لتعزيز الروابط مع العرب من خلال المشاريع والتكنولوجيا لأغراض سياسية وإستراتيجية
وتابع: “أعتقد أن هذا الأمر يعتبر من أهم الأمور في نقل الثقافات ما بين بلدينا، وخصوصاً مع وجود عدد من الكتب لكتّاب وأُدباء صينيين تُرجمت إلى اللغة العربية والعكس صحيح”.
وتمنى الزامل النجاح للمركز الثقافي في نشر الثقافة، مضيفا “أهداني السفير الصيني لدى الكويت كتابا جميلا بعنوان (قصص الصين والكويت) حتى أنني طلبت من السفير توقيع هذا الكتاب باللغة الصينية”.
من جانبه، قال السفير الصيني لدى الكويت في كلمة خلال الحفل إن “المركز الثقافي الصيني في الكويت رمزٌ للصداقة الصينية الكويتية”.
وأضاف السفير تشانغ: “يحتفل المركز الثقافي الصيني في الكويت، وهو الأول من نوعه في منطقة الخليج بتشغيله التجريبي، وستكون الكويت في طليعة التبادلات الثقافية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في العصر الجديد، وستنشئ أساسا ثقافيا أكثر ثباتا من أجل بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك، وهذا يسلط الضوء مرة أخرى على علاقاتنا المميزة”.
وفي إحدى القاعات الواسعة بالمركز تجمع أكثر من 10 دارسين من مختلف الأعمار، يستمعون لتوجيهات المعلمة الصينية طيبة ماشينجنا التي تتحدث العربية.
ومن هؤلاء الدارسين فيصل راشد الغيص سفير الكويت الأسبق لدى بكين (خلال الفترة من 2003 إلى 2010)، الذي يكمل دراسته للغة الصينية مع زوجته بعد أن بدآ تعلمها في الصين.
وقال الغيص إنهما يتعلمان اللغة الصينية حاليا بعد تقاعدهما لأن لديهما شغفا لتعلم اللغات الأجنبية، مشيرا إلى أن الصينية هي اللغة التاسعة التي يتعلمها، أما زوجته فهي اللغة الخامسة بالنسبة لها.

وأكد الغيص أن الكويتيين مدركون لأهمية الصين السياسية والاقتصادية باعتبارها ثاني اقتصاد في العالم.
قال الغيص: “من المهم جداً أن نتعلم اللغة الصينية. فبلد بحجم الصين، وحضارة الصين، وثقافة الصين، يمتلك مراكز ثقافية في العديد من الدول. ومن الجيد أنهم بدأوا هنا في الكويت”.
وأوضحت زوجته عايشة عبدالعزيز العويش أنها تعلمت عدة لغات وقد أحبت الصين التي عاشت بها وأحبت اللغة الصينية رغم أنها أصعب لغة تعلمتها.
وقالت شيماء القاضي، المهندسة بوزارة الأشغال العامة، والتي تدرس بالمركز أيضا إن “الصدفة البحتة” هي التي قادتها لتعلم الصينية، حيث دلها زوجها على المركز وبدأت تعلم اللغة في البداية لأنها ترغب في السفر للصين لشراء أثاث منزلها من هناك.
وقالت شيماء إن للصين مشاريع حالية وأخرى متوقعة في الكويت.
وأضافت: “الصين هي المستقبل. كما تعلم، حالياً معظم الصناعات تتم في الصين. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشاريع عديدة لوزارة الأشغال مع الصين، لذا من الجيد أن يتعلم الإنسان”.
وقالت المعلمة طيبة ماشينجنا، باللغة العربية، إن تعلم اللغة الصينية يلقى نجاحا كبيرا في الكويت، لأن الكويتيين يرغبون في زيارة الصين للسياحة أو الدراسة.

وقالت “أريد أن أجعل اللغة الصينية والثقافة الصينية يعرفها كثير من الناس. هذا مهم. لأن اللغة والثقافة هي جسر بيننا وبين العرب. العلاقة بين الصين والعرب ودول الخليج الآن قوية جدا”.
وقال جيانفنغ إن الدارسين لهم أهداف متنوعة فبعضهم يريد السفر والسياحة وآخرون يخططون للدراسة في الصين، ويرغبون في معرفة “المعلومات الأساسية عن اللغة” قبل السفر.
وأضاف أن بعض المشاركين يدرسون اللغة الصينية لأغراض مهنية، خاصة في مجال التكنولوجيا، كما يقبل عليها بعض رجال الأعمال لأن العديد من الكويتيين لديهم روابط مع الصين أو يعملون مع شركات صينية في الكويت.
وتنتقد أصوات غربية المساعي الصينية لتعزيز الروابط مع الدول العربية، من خلال المشاريع والتكنولوجيا، معتبرين أن هدفها “اختراق” هذه الدول لأغراض سياسية واستراتيجية.
لكن جيانفنج نفى هذا الادعاء، قائلا “نحن لا نجبر أحدا، هذا أمر اختياري… لن نجبر أحدا على القيام بشيء لا يرغب فيه”.
وأضاف “الثقافة هي قوة تدعم تطور البلد. الكويت والصين لديهما ثقافات مختلفة، لكن كلا البلدين طورا حضارات عريقة، وكل حضارة لديها العديد من النقاط الرائعة التي يمكن أن نتعلمها من بعضنا البعض. وهذا هو السبب الرئيسي لوجودنا هنا”.
وقال إن تعليم اللغة الصينية لا يأتي فقط لأننا نريد أن ننشر ثقافتنا، ولكن أيضا لأن الكثيرين يرغبون في ذلك، “كما يقول المثل: حيث يجري الماء، تتشكل القناة”.