الكوارث المناخية تجبر الأطفال على النزوح

الأمم المتحدة (الولايات المتحدة) - تسببت الفيضانات والعواصف والجفاف والكوارث التي يغذيها الاحترار المناخي في نزوح 43.1 مليون طفل بين عامي 2016 و2021، حسب ما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير نشرته الخميس، محذرة من أن هذا ليس سوى “الجزء الظاهر من جبل الجليد”.
في هذا التقرير تتحدث المنظمة عن الصدمة التي تعرضت لها خوانا التي كانت تبلغ 9 سنوات عام 2020 عندما غمرت المياه المدينة، حيث كانت تعيش في غواتيمالا بعد إعصاري إيتا وأيوتا، وقصة الأختين الصغيرتين ميا ومايا اللتين شاهدتا منزلهما المتنقل تدمره النيران في كاليفورنيا.
من جهته قال عبدالعظيم، وهو طفل سوداني غمرت المياه قريته في أغسطس 2022 ولم يكن ممكنا الوصول إليها إلا في قوارب، “حملنا أمتعتنا إلى الطريق العام حيث عشنا لأسابيع”.
وقال فرنسوا جيمين، اختصاصي الهجرة والعضو في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة، “الهجرة المناخية تقدّم بصورة منهجية على أنها ظاهرة مستقبلية. هذا يحجب واقع أن هناك منذ الآن ملايين النازحين نتيجة الكوارث المناخية أو تبعات التغير المناخي بطيئة الظهور”.
وتظهر هذه الأرقام برأي أستاذ الجيوسياسة البيئية في معهد العلوم السياسية في باريس فرنسوا جيمين أن “عدد النازحين الداخليين بسبب الكوارث الطبيعية يفوق عدد النازحين الداخليين بسبب النزاعات أو أعمال العنف”.
ولفت إلى أنه من الصعب “عزل” العامل المناخي في حركات الهجرة عبر العالم، موضحا أن “البيئة تؤثر في قرار الهجرة، وتندمج مع مختلف العوامل التي تجبر الناس على الرحيل”.
ولا تأخذ إحصاءات النزوح الداخلي المرتبط بالكوارث المناخية السنّ في الاعتبار، لكن يونيسف عملت خصوصا مع “مركز رصد النزوح الداخلي” (غير حكومي) لتفصيل البيانات حتى لا يكون الأطفال “غير مرئيين”.
وأوضحت المنظمة الأممية أن الكوارث المرتبطة بالطقس والتي تصبح أكثر عنفا وتكرارا، حيث تتسبب غازات الاحتباس الحراري في ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، تسببت في تهجير قرابة 20 ألف طفل يوميا في 44 دولة على مدار ست سنوات، 95 في المئة منهم بسبب الفيضانات.
وقالت لورا هيلي وهي من معدي التقرير “هذا يعادل نزوح 20 ألف طفل يوميا”، مؤكدة أن هؤلاء القاصرين يتعرضون في هذه الحال لأخطار متعددة، بدءا من احتمال الانفصال عن عائلاتهم وصولا إلى شبكات الاتجار بالأطفال.
وتشمل هذه الأرقام رسميا عدد عمليات نزوح الأطفال، وليس عدد الأطفال النازحين، إذ يمكن لطفل واحد أن ينزح أكثر من مرة. وهي لا تسمح بالتمييز بين عمليات الإجلاء السابقة لحدث مناخي والنزوح الناجم عنه.
كذلك تقلل “بشكل جذري” عدد عمليات النزوح المرتبط بالجفاف والتي تحدث بشكل أبطأ وبالتالي يكون رصدها أكثر صعوبة، كما أنها لا تشمل عمليات الهجرة. وشددت هيلي على أن “هذا ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، استنادا إلى البيانات المتاحة”.
ويقدم التقرير توقعات جزئية لعدد قليل من الأحداث المحددة. وذكر أن التوقعات الجزئية تظهر أن فيضانات الأنهار يمكن أن تتسبب وحدها في نزوح 96 مليون طفل في الثلاثين سنة المقبلة، بينما قد تتسبب الرياح المُصاحبة للأعاصير في 10.3 مليون عملية نزوح في حين يتسبب المد البحري المرتبط بالعواصف في 7.2 مليون عملية نزوح. وهذه الأرقام لا تشمل عمليات الإجلاء الوقائي.
وقالت مديرة يونيسف كاترين راسل “بالنسبة إلى من يُجبَرون على الفرار، فإن الخوف والتبعات الناجمة عن كوارث مماثلة قد يكونان مدمّرين بشكل خاص، مع وجود قلق من ناحية معرفة ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة إلى ديارهم أو العودة إلى المدرسة، أو ما إذا كانوا سيضطرون إلى المغادرة مرة أخرى”.
وأضافت أن النزوح “قد يكون أنقذ حياتهم، لكنه تغيير مزعزع للاستقرار إلى حد كبير. لدينا الأدوات والمعرفة اللازمة للاستجابة لهذا التحدي المتزايد الذي يواجهه الأطفال، لكننا نتحرك ببطء شديد”.
ودعت يونيسف قادة العالم إلى معالجة هذه القضية في مؤتمر المناخ كوب 28 الذي سيعقد في دبي في غضون أسابيع. وأشارت هيلي إلى أنه يجب إعداد هؤلاء الأطفال، بمن فيهم أولئك الذين نزحوا قسرا “للعيش في عالم تغير فيه المناخ”. ورغم أن التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ ظاهرة في كل أنحاء الكوكب، فإن التقرير يسلط الضوء على المناطق الأكثر عرضة للخطر.
وبالأرقام المطلقة فإن الفلبين والهند والصين هي البلدان الأكثر تضررا (نحو 23 مليون عملية نزوح لأطفال خلال 6 سنوات) وذلك بسبب عدد سكانها الكبير جدا وموقعها الجغرافي، لكن أيضا بسبب خطط الإجلاء الوقائي.
لكن المقارنة على أساس نسبة الأطفال إلى مجموع السكان تُظهر أن أطفال الدول الجزرية الصغيرة، مثل دومينيكا وفانواتو، هم الأكثر تضررا من العواصف، بينما أطفال الصومال وجنوب السودان هم الأكثر تضررا من الفيضانات. وسجلت كندا وإسرائيل والولايات المتحدة أكبر عدد من عمليات النزوح بسبب حرائق الغابات، في حين سجلت الصومال أكبر عدد من حالات النزوح بسبب الجفاف.
وتحذر تقارير منظمة الهجرة من إمكانية أن تصبح مخاطر تغير المناخ في ارتفاع مطرد عالميا خلال العقد المقبل، حيث من المتوقع أن يواجه نحو مليار شخص كوارث طبيعية، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات والجفاف وارتفاع معدلات الحرارة، إضافة إلى اضطراب الأمن الغذائي.
