الكهوف متاحف لوحات طبيعة في سلوفينيا

تنتشر الكهوف الجميلة في أنحاء العالم، ولكن كهوف سكوكجان تمتاز بمناظرها الطبيعية الخلابة وتلازم الأحجار والمياه داخلها، وقد صارت مؤخرا قبلة للسائحين والراغبين في اكتشاف خفايا الطبيعة وأسرارها.
أورليك (سلوفينيا) - اكتشف المتقاعد السلوفيني لودفيك هوسو المولع بسبر أغوار الأعماق الطبيعية، على مدى نصف قرن الكثير من المغاور في منطقة كارست الخلابة، حيث رُصدت أولى حيوانات الكهوف في العالم قبل حوالي قرنين.
وسبق وضع خرائط لأكثر من 14 ألف كهف في هذا البلد الواقع في وسط أوروبا، وهو صغير الحجم (20 ألفا و300 كيلومتر مربع)، لكنّه يحوي شبكة استثنائية من المغاور والكهوف.
يقول الرجل الستيني “تكون أعلى الحظوظ في العثور على موقع غير مستكشف في الشتاء”، عندما تكون درجات الحرارة الخارجية أدنى من تلك الموجودة تحت السطح، ما يؤدي إلى تصاعد الهواء الساخن”.
وفي الآونة الأخيرة، اكتشف لودفيك هوسو كهفا بعمق 60 مترا وأطلق عليه اسم ابنه ماتيي.
وبدفع من الفضول الذي لا ينضب لديه، يهوى لودفيك هوسو مسح هذه الأراضي المليئة بالمفاجآت، على الحدود مع إيطاليا، وعيناه مثبتتان على الأرض بحثا عن مؤشرات لوجود كهوف.
ويشبه وضع يديه في مكان مجهول ليحفر ثم ينزل مجهزا بحبال ومصابيح أمامية بالنسبة لهوسو التنقيب عن الكنز. فمن يدري ما الذي تكتنزه الأرض منذ الآلاف من السنين؟
ويحفر شغف مليوني سلوفيني باستكشاف المغاور عميقا في التاريخ، إذ يمكن زيارة فيلينيكا، أقدم كهف في أوروبا، في هذا البلد منذ العام 1633.
كما تضم سلوفينيا أطول كهف في القارة، وهو شبكة بوستونيا الممتدة على أكثر من 24 كيلومترا.
وقد اكتُشفت هذه الشبكة عام 1818، حين كانت سلوفينيا تحت سيطرة أسرة هابسبورغ، بفضل عامل الإنارة لوكا تشيتش المسؤول عن إعداد الإضاءة لزيارة الإمبراطور النمسوي فرانتس الأول. وقد صاح حينها “ثمة عالم جديد هنا، هناك جنة”.
تضم سلوفينيا أطول كهف في القارة، وهو شبكة بوستونيا الممتدة على أكثر من 24 كيلومترا
وفي وقت لاحق، وجد لوكا تشيتش في المكان “أول حيوان كهفي، وهو خنفساء من نوع ليوبتوديروس هوشنوارتي”، على ما يوضح المرشد ستانيسلاف غلازار.
وبات يُعلم أن هذا المهد لعلم الأحياء هو موطن لأكثر من 150 نوعا من مختلف الحيوانات، بينها جنس شهير من ثعابين البحر يشبه “صغار التنانين” بشكله الطويل وخطمه المربع ولونه الوردي.
هذا الحيوان المائي “يمكن أن يعيش إلى نحو 100 عام، ويبلغ طوله ما بين 25 و35 سنتيمترا. كما يستطيع الصمود من دون طعام لمدة 12 عاما تقريبا. إنه أمر رائع”، وفق غلازار الذي يستفيض في الشرح عن الموضوع.
وشهدت بوستونيا أيضا أول قطار سياحي تحت الأرض عام 1872، والذي يشق طريقه بين الكثير من “الركائز وصواعد الكهوف والنوازل والأروقة”.
ومن الممرات السرية المتصلة بقصور، إلى موقع لتسليم جائزة أدبية، مرورا بحفلات موسيقية كلاسيكية أو حتى مباريات في كرة السلة… ترضي كهوف سلوفينيا الأذواق والاهتمامات كافة، وقد استحالت نقطة جذب سياحي.
كما إن الرواد في وكالة الفضاء الأوروبية يعيشون مغامرات من خلال دخول هذه الأماكن الضيقة.
ويقول توماز زورمان، المسؤول عن مغارات سكوكجان، إن هذا الموقع يشكل نقطة تدريب “استثنائية” لرواد الفضاء، وقد استضاف مهمة من هذا النوع عام 2019.
ويشير إلى أن البيئة التي تتمتع بها منطقة كارست السلوفينية “تشبه بالضبط ما يمكن أن يكون عليه الفضاء، فهي بيئة غير معروفة، لا نعلم فيها ما يمكن توقعه في المرحلة التالية”.
وألزمت تلك الدولة نفسها عقب استقلالها عن الاتحاد اليوغسلافي في عام 1991 بحماية منطقة الكهوف، حيث قامت بتأسيس “حديقة كهوف سكوكجان” الإقليمية في سلوفينيا وهيئتها العامة ووكالة الخدمات العامة التابعة لها.