الكهرباء تساعد في التئام الجروح بشكل أسرع ثلاثة أضعاف

ابتكر فريق من الخبراء تقنية جديدة تساعد في التئام الجروح بشكل أسرع بواقع ثلاثة أضعاف عن طريق التحفيز الكهربائي. وتعمل هذه التقنية عبر توجيه خلايا الجلد ذات الخواص الكهربائية بواسطة المجالات الكهربائية، بحيث يكون من الممكن عن طريق المجال الكهربائي منع خلايا الجلد من التحرك بشكل عشوائي ودفعها إلى التحرك في اتجاه واحد. ويمكن أن تساعد هذه التقنية في علاج مرضى السكري وكبار السن بدرجة أولى.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - تعد الجروح المزمنة مشكلة يعاني منها مرضى السكري وكبار السن بشكل أساسي، ويمكن أن تؤدي في حالة حدوث مضاعفات إلى بتر في الأعضاء. وتوصل فريق من الباحثين بجامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد وجامعة فرايبرج في ألمانيا إلى تقنية جديدة تساعد في التئام الجروح بشكل أسرع بواقع ثلاثة أضعاف عن طريق التحفيز الكهربائي.
وتقول الباحثة ماريا أسبلوند، أستاذ مساعد بقسم الإلكترونيات الحيوية بجامعة تشالمرز، إن “الجروح المزمنة مشكلة اجتماعية كبيرة لا نسمع عنها كثيرا، ومن الممكن أن يسهم هذا الاكتشاف في تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لمرضى السكري وكبار السن وغيرهم ممن يعانون من مشكلات صحية تحول دون التئام جروحهم بشكل طبيعي”.
وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “لاب أون أو شيب”، اعتمد الباحثون على فرضية أن خلايا الجلد لها خواص كهربائية، بمعنى أنه يمكن توجيهها بواسطة المجالات الكهربائية، بحيث يكون من الممكن عن طريق المجال الكهربائي منع خلايا الجلد من التحرك بشكل عشوائي، ودفعها إلى التحرك في اتجاه واحد.
وخلال التجارب، طور الباحثون رقاقة حيوية زرعوا عليها خلايا جلدية ثم صنعوا عدة جروح صغيرة في هذه الخلايا، وبعد ذلك قاموا بتحفيز هذه الجروح بواسطة تيار كهربائي، وتبين أن الجروح التي تم تعريضها للتيار الكهربائي تماثلت للشفاء بشكل أسرع بواقع ثلاث مرات مقارنة بالجروح التي تماثلت للشفاء بشكل طبيعي.
ونقل الموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية عن أسبلوند قولها “نقوم الآن بدراسة طريقة استجابة مختلف أنواع خلايا الجلد للتيار الكهربائي، بحيث يمكننا في نهاية المطاف الوصول إلى تقنية علاجية، بحيث يتم تصوير الجروح ثم تطبيق نوعية التحفيز الكهربائي التي تلائم طبيعة كل جرح على حدة”.
وابتكر فريق من الباحثين في الولايات المتحدة ضمادة طبية جديدة ورخيصة الثمن، يمكنها أن تساعد في التئام الجروح بسرعة مثيرة للدهشة. وتعتمد التقنية التي طورها باحثو جامعة “ويسكنسون ماديسون” الأميركية على توليد الكهرباء اعتمادا على حركة الجسم البشري وتوظيفها في إعطاء نبضات كهربائية من خلال الضمادة على موضع الجرح.
وأثبتت التجارب أن الضمادات الجديدة خفضت زمن التئام الجروح إلى ثلاثة أيام فقط، مقابل أسبوعين في حالة استخدام وسائل العلاج التقليدية. ونقل الموقع الإلكتروني “ساينس ديلي” المتخصص في الأبحاث العلمية والتكنولوجيا عن الباحث تشودونج وانج، أستاذ علم المواد والهندسة بجامعة “ويسكنسون ماديسون”، قوله “لقد اندهشنا من سرعة معدل اندمال الجرح، لقد كنا نتوقع أن تؤدي الضمادة بالفعل إلى تحسين التعافي، ولكننا لم نكن نتوقع أن يكون التعافي بمثل هذا المعدل”.
كما أكدت الدراسات العلمية منذ عقود أن الكهرباء يمكنها أن تساعد في التئام جروح الجلد، ولكن معظم الأجهزة التي تستخدم في توليد الكهرباء من أجل هذا الغرض كبيرة الحجم وتحتاج إلى توصيلات معقدة، مما يؤدي إلى صعوبة في استخدامها في الحياة اليومية.
ويقول الباحث وانج “إن التقنية الجديدة هي بنفس سهولة استخدام الضمادات الطبية التقليدية”. وأوضح أن الضمادات الجديدة تحتوي على أقطاب كهربائية متصلة بوحدات توليد متناهية الصغر تثبت حول صدر المريض بواسطة شريط طبي.
ويتم توليد الكهرباء اعتمادا على حركة القفص الصدري أثناء عملية التنفس، وتستخدم هذه الكهرباء في توجيه نبضات ضعيفة إلى موضع الجرح. ويقول وانج “تتشابه طبيعة هذه النبضات مع الطريقة التي يستخدمها الجسم في توليد مجال كهربائي داخلي”، مؤكدا أن هذه التقنية لا تسبب أي أضرار لأعضاء الجسم السليمة بعكس الأجهزة الطبية الأخرى التي تستخدم تيارا كهربائيا قويا.
وتوصلت دراسة جديدة في جامعة أوهايو الأميركية إلى أن التحفيز الكهربائي قادر على مساعدة الأوعية الدموية في سرعة التئام الجروح. ويأتي ذلك من خلال نقل خلايا الدم البيضاء والأكسجين إلى الجروح مما يؤدي إلى تسريع التئامها. ووجدت الدراسة، التي نُشرت في الموقع الإلكتروني للجامعة، أن التحفيز الكهربائي المستمر يؤدي إلى زيادة نفاذية جدران الأوعية الدموية، وهي خاصية مهمة يمكن أن تساعد عناصر الدم المسؤولة عن التئام الجروح على الوصول إلى الإصابات بشكل أكثر كفاءة.
ونقل الموقع عن كبير المشاركين في الدراسة والأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية وهندسة الفضاء بجامعة أوهايو، الدكتور شوريا براكاش، قوله “لقد كانت هناك تكهنات بإمكانية نمو الأوعية الدموية بشكل أفضل في حال تحفيزها كهربائيا، وبالفعل وجدنا نتائج واعدة بشأن استجابة الخلايا في نماذج الأوعية الدموية التي عملنا عليها، حيث رأينا تغييرا في نفاذية الأوعية وهو ما يمكن أن تكون له نتائج إيجابية في التئام الجروح”.
وأشار الموقع إلى الأهمية الحاسمة للأوعية الدموية في التئام الجروح، قائلا إنها “تنتشر في جميع أنحاء الجسم، وتحمل العناصر الغذائية والخلايا والمواد الكيميائية التي يمكن أن تساعد في السيطرة على الالتهابات الناجمة عن الإصابات، كما أن الأكسجين وخلايا الدم البيضاء، التي تحمي الجسم من الأجسام الغريبة، هما مكونان رئيسيان تنقلهما هذه الأوعية”.
◙ الجروح التي تم تعريضها للتيار الكهربائي تماثلت للشفاء بشكل أسرع بواقع ثلاث مرات مقارنة بالجروح التي تماثلت للشفاء بشكل طبيعي
وتابع “عندما تكون هناك إصابة، على سبيل المثال جرح في الإصبع، فإن الأوعية الدموية الموجودة في موقع الجرح تتعطل، مما يقلل من قدرتها على المساعدة في التئام الجرح، ولكن كجزء من عملية الشفاء فإنها تنمو من جديد من تلقاء نفسها، بدون مصادر خارجية”. وأضاف براكاش أن “عندما تبدأ الأوعية الدموية في النمو من جديد، فإنها تعيد تغذية الجلد والخلايا للشفاء مرة أخرى، لكن سؤال العلماء كان: كيف يمكن أن يجعلوا هذه العملية أفضل وأسرع، وهل هناك أي فائدة من القيام بذلك؟”.
ووجد العلماء في الاختبارات المعملية التي أجريت باستخدام الخلايا البشرية أن تحفيز الأوعية الدموية بالكهرباء أظهر زيادة ملحوظة في نفاذيتها، وهي علامة فيزيائية توحي بإمكانية نمو الأوعية الدموية الجديدة. وتابع براكاش “تعد هذه النتائج الأولية واعدة، والمرحلة التالية من العمل ستتطلب منا دراسة ما إذا كان بإمكاننا بالفعل العمل على نمو أوعية جديدة وكيف يمكننا ذلك”.
وقال الباحث المشارك في الدراسة، والأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية والفضائية في أوهايو، جون سونج إن “إحدى الطرق الأساسية التي تعمل بها الأوعية الدموية في علاج الإصابات هي السماح للجزيئات والخلايا بالتحرك عبر جدرانها، والآن أصبح لدينا فهم أفضل لكيفية تأثير التحفيز الكهربائي على تغيير النفاذية عبر هذه الجدران”.
واقترحت الدراسة أن تغير حجم نفاذية الأوعية الدموية يمكن أن ينقل الخلايا المنقولة بالدم إلى موقع الجرح بسرعة أكبر، مرجعة ذلك إلى تأثير الكهرباء على البروتينات التي تربط خلايا الأوعية الدموية معا. ولفت الموقع إلى أن هذه الدراسة، التي تم تمويلها من قبل المعهد الوطني الأميركي للقلب والرئة والدم وجمعية القلب الأميركية والمعهد الوطني للسرطان، هي امتداد للعمل الذي قام به فريق أوسع بقيادة براكاش، والذي أظهر سابقا أن الضمادات الكهربائية يمكن أن تساعد في تحفيز التئام جروح الكلاب المصابة.