الكمامات والقفازات مارد يطال الحيوانات في البر والبحر

ساهمت جائحة كورونا في انخفاض تلوث الهواء بشكل كبير في أنحاء العالم، وعاد الحجر الصحي بفائدة ملحوظة بعد نجاة الطبيعة من جزء كبير من أطنان النفايات، لكن لن تخرج البيئة سالمة من هذه الأزمة الصحية التي تسببت في تزايد النفايات الطبية المكونة من القفازات والكمامات التي تستعمل لمرة واحدة والتي وصلت إلى البحار والمحيطات.
كاليفورنيا - تعمل الأقنعة والقفازات التي يمكن التخلص منها والأنواع الأخرى من معدات الحماية الشخصية على حماية أرواح لا تحصى أثناء جائحة فايروس كورونا، لكنها تتسبب بالمقابل في مشكلة تلوث عالمية بعد أن انتشرت في الشوارع مسببة سيلا من البلاستيك الضار في مدافن النفايات وأنظمة الصرف الصحي وصلت إلى البحار والمحيطات.
وبعد ارتفاع استعمال الكمامات والقفازات الصحية المصممة أغلبها للاستخدام مرة واحدة وهي غير قابلة لإعادة التدوير، حذر خبراء البيئة من مخاطر التخلص من تلك المخلفات بشكل خاطئ عن طريق إلقائها في المياه، لأن هذه المعدات تحتوي على نسيج بلاستيكي لا يمكن إعادة تحويله أو تحلله في المياه، ما يتسبب في تلوث المياه وإحداث خلل بيئي يهدد أكثر من 600 حيوان حول العالم.
وتوقعت إدارات النفايات الطبية على مستوى العالم أن ينمو الإنفاق عليها من 9.5 مليار دولار العام الماضي إلى 16.8 مليار دولار بحلول عام 2026 لتحقيق الإدارة الآمنة لنفايات الرعاية الصحية من خلال تقليل النفايات غير الضرورية، وعزل النفايات العامة عن الخطرة، ومعالجة النفايات بطريقة تقلص من المخاطر التي يتعرض لها العاملون في الهيئات الصحية والمجتمع.
وفي شمال كاليفورنيا تتعقب المجموعات البيئية المشكلة وتحاول عمل شيء حيال ذلك.
16
مليار قناع قد تكون ألقيت في المحيطات عام 2020 وحده بحسب تقرير صدر العام الماضي
ولاحظ تحالف باسيفيك بيتش (شاطئ المحيط الهادئ) مؤخرا زيادة كبيرة في معدات الوقاية الشخصية المهملة على الشواطئ وحول مدينة باسيفيكا، الواقعة جنوب سان فرانسيسكو، حيث تنظّم عمليات تنظيف شهرية منذ ما يقرب من 25 سنة.
ويسجل المتطوعون ما يلتقطونه لقياس ما قد ينتهي به المطاف في المحيط. وإلى حدود سنة 2020، كانت القمامة عبارة عن أعقاب سجائر وأغلفة طعام وزجاجات بلاستيكية.
وسألت لين آدامز وهي رئيسة التحالف “ماذا علينا أن نفعل؟ لدينا أقنعة.. لدينا قفازات.. لدينا كل تلك المناديل المبللة في كل مكان، في جواري، وفي شوارعنا، ماذا نستطيع أن نفعل؟”.
وتلفت المجموعة وغيرها الانتباه إلى هذه المشكلة، وتشدد على أن ما سجّل هو على الأرجح جزء بسيط من معدات الحماية الشخصية التي تلوّث الشواطئ والمحيطات.
ويمكن للثدييات الأكبر حجما أن تبتلع معدات الوقاية الشخصية، ويمكن للبلاستيك أن يعطل سلاسل الغذاء في المحيط. وقالت آدامز “كل المعدات مصنوعة من البلاستيك”.
ووجد تقرير صدر العام الماضي عن جماعة أوشن أسيا أن ما يقرب من 1.6 مليار قناع قد تكون أغرقت المحيطات في 2020 وحده، بناء على تقديرات الإنتاج العالمية وعوامل أخرى.
وقالت “يمكن أن يستغرق قناع الوجه الذي يستخدم مرة واحدة المئات من السنين قد تصل إلى 450 عاما ليتحلل إلى ما يعرف بالبلاستيك المجهري، ويوجد هذا النوع من البلاستيك المجهري الآن في الأسماك المخصصة للاستهلاك البشري وملح البحر وحتى رذاذ البحر”.
وقال مركز الثدييات البحرية، الذي يعمل على حماية الثدييات وإعادة تأهيلها وإجراء البحوث وتوفير المعلومات، إن الحيوانات يمكن أن تعلق في معدات الوقاية الشخصية المهملة أو تخطئ في اعتبارها طعاما.
وفي ظل هذه الكارثة البيئية يناشد ناشطو البيئة حكوماتهم لتتخذ إجراءات تمنع تلوث المحيطات والبحار بالمخلفات التي تستخدم للحماية من فايروس كورونا.
وذكر آدم راتنر الذي ينشط بمركز الثدييات البحرية أنه من الواضح أن معدات الوقاية الشخصية مهمة في الوقت الحالي، لكننا نعلم أنه مع زيادة كميات البلاستيك والكثير من هذه الأشياء التي تخرج إلى المحيط، يمكن أن يتشكل تهديد كبير للثدييات وجميع أشكال الحياة البحرية.
ويقترح راتنر قصّ الحلقات قبل التخلص من القناع، وهو أمر يمكن أن يساعد في منع الحيوانات من العلق فيها.
وقالت صوفيا وويل من بين المتطوعين في عملية التنظيف على أحد الشواطئ في باسيفيكا “نريد أن نحافظ على سلامتنا، لكننا نريد أيضا أن نحافظ على البيئة، ولا نفعل ذلك بالتخلص من نفاياتنا بهذه الطريقة”.
وطالب دافيد بيدرمان المدير التنفيذي لرابطة النفايات الصلبة لأميركا الشمالية الناس بوضع النفايات في أكياس أو حاويات مغلقة لتقليل مخاطر العدوى لعمال جمع القمامة بعد أن تعرض المئات من العمال للإصابة، بينما تراجعت النفايات التجارية بحوالي 50 في المئة بسبب إغلاق المطاعم والمقاهي وغيرها لتنفيذ سياسة الحظر ودعوة الناس للبقاء في البيوت.
ومن النصائح والإرشادات التي يقدمها المختصون مبدئيا، ضرورة حرق تلك الكمامات أو غسلها بماء ساخن جدا أو بالمحاليل المعقمة، ثم وضعها داخل كيس بلاستيكي وإلقائها داخل حاويات نفايات مخصصة لذلك ومغلقة بإحكام، كما أن على الشخص أن يفحص الأقنعة الواقية بيدين معقمتين قبل ارتدائها للتأكد من سلامتها ونظافتها، وعند نزعها يجب تفادي ملامسة جانبها الباطني الذي قد يكون رطبا وملوثا.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن غسل اليدين بانتظام أكثر فعالية من وضع قفازات في الوقاية من الفايروس.
كما أن المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها توصي الأشخاص العاديين بوضع أقنعة واقية قماشية قابلة للغسل في الأماكن العامة، وبالتالي حصر استخدام أجهزة التنفس الأحادية الاستخدام والأقنعة الجراحية بأفراد الطواقم الطبية وغيرهم من الأفراد في الفئات الأكثر عرضة للإصابة.