الكمامات نفايات ضارة وتدويرها غير مربح

الكمامات تتراكم في الشوارع ومواقف السيارات وعلى طول الأنهار وتسد المجاري وتتسبب باختناق الحيوانات البحرية.
السبت 2021/05/22
نفايات كورونا خطر كالوباء

باريس – مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن فايروس كورونا جائحة عالمية في 11 مارس  2020، أصبح استخدام الأقنعة الواقية والقفازات ركنا أساسيا في مكافحة العدوى التاجية؛ لتتفاقم مشكلة مخلفات معدات الوقاية من الوباء وإعادة تدويرها.

تضاعفت معدلات استهلاك الأقنعة الجراحية بشكل ضخم ووصل معدل إنتاجها إلى أقصى حد، مع الأخذ في الاعتبار أنها مصممة بحيث يمكن التخلص منها بعد أول استخدام؛ نظرا لطبيعة الفايروس والغموض المحيط بعمره على الأسطح وخارجه.

ولم يكن العالم بمقدوره الاستعداد لحجم النفايات التي خلفتها الأزمة، مع العلم بأن جميع معدات الوقاية الشخصية تقريبا مصممة من بلاستيك غير قابل لإعادة التدوير، ما يعمق من المشكلة.

وتكمن المشكلة أيضا في أن نظام إعادة التدوير الحالي في أغلب الدول، بما في ذلك المتقدمة، غير مجهز للتعامل مع أي من مخلفات معدات الوقاية الشخصية.

وقد تخضع الكمامات الواقية من الفايروس لإعادة التدوير قريبا في أستراليا لتحسين قدرة إسفلت الطرق على المقاومة وزيادة مرونته، أما في الولايات المتحدة فهي تُستخدم لصنع مقاعد المدرسة أو أغطية الأرضيات، في حين أن بعضها في فرنسا يُستعمل في مجال صناعة السيارات.

إلا أن “معدات الحماية الشخصية” لا تزال بعيدة جدا عن إعادة التدوير نظرا إلى وزنها الخفيف وقابليتها للتطاير.

والواقع أن العالم الساعي إلى إبطاء تفشّي جائحة كورونا، ساهم في انتشار مشكلة عالمية أخرى هي التلوث البلاستيكي. فوفقا لجمعية الكيمياء الأميركية، لا يقل عدد الكمامات المصنوعة من مادة البولي بروبيلين المطاطية والمعدنية المستخدمة شهريا في كل أنحاء العالم عن 129 مليارا، أي أكثر من أربعة مليارات في اليوم.

والنتيجة أن هذه الكمامات تتراكم في مواقف سيارات السوبرماركت، وعلى طول الأنهار، أو تسد المجاري، أو تتسبب باختناق الحيوانات البحرية.

Thumbnail

ونقل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) عن شركة “غراند فيو ريسيرتش” أن المبيعات العالمية للكمامات بلغت اعتبارا من صيف العام الماضي 166 مليار دولار في مقابل 800 مليون في عام 2019.

ومع تركيز العالم على الجانب الصحي لأزمة كورونا، وتجاهل حقيقة أن الأقنعة الواقية من العدوى ليست مجرد أوراق بل هي مادة البولي بروبيلين أيضا، أي نفس البلاستيك المستخدم في زجاجات الكاتشب، فإننا أمام مشكلة جديدة تتعلق بالتريليونات من الأقنعة المهملة دون حل عملي لإعادة تدويرها.

ودعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة الحكومات إلى التعامل مع إدارة هذه النفايات في مجالَي السياحة وصيد الأسماك كخدمة عامة أساسية. وأشار البرنامج إلى أن ثمة حاجة إلى 40 مليار دولار لمجرّد الحدّ من الآثار الضارة لوصول هذه الملوثات الجديدة إلى المياه.

إلا أنّ آمالا بدأت تبرز بإمكان استخدام هذه المنتجات البلاستيكية مرة ثانية.

وحصل فريق باحثين أستراليين من معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا من خلال خلط الأقنعة المسحوقة مع الردميات المفتتة، على أسطوانة مصنوعة من مادة مرنة وذات قدرة عالية على التحمل يمكن استخدامها كواحدة من الطبقات اللازمة لإقامة طريق.

وتستلزم طريق بطول كيلومتر واحد ثلاثة ملايين كمامة. وقال الباحث في جامعة ملبورن الملكية للتكنولوجيا “آر.إم.آي.تي” محمد صابريان الذي يعوّل على خصائص الكمامات لجهة “قوة الشد”، “نبحث عن شركاء للانتقال إلى التطبيق الفعلي وإقامة طريق تجريبية”.

Thumbnail

أما قطاع المستشفيات فتولى زمام الأمور بنفسه. ففي بريطانيا، استثمرت مستشفيات عدة في آلة ضغط أنتجتها مجموعة الضغط الحراري في كارديف (ويلز) تتولى صهر الأردية الطبية والكمامات الجراحية في قرص بلاستيكي ذي لون مائل للزرقة، يُستخدم لاحقا في صنع كراسي الحدائق أو طاولاتها.

وفي فرنسا، بدأت تظهر بعض المبادرات في هذا المجال. فمستشفيات باريس وبعض المجموعات الكبيرة كشركة “سان غوبان” لمواد البناء أو محطة “تي.إف 1” التلفزيونية تبادر إلى جمع كماماتها في مستوعبات الفرز. وتُفصَل مكوناتها للإبقاء على البولي بروبيلين فقط، وتحويله إلى حبيبات، ثم إعادة استخدامه في صناعة السيارات.

وفي بعض البلدان، تأتي المبادرات من السلطات المحلية في المدن والمناطق، مثل فانكوفر في كندا التي نشرت مستوعبات جمع الكمامات، ووجدت بعض الدول حلولا لها من خلال حرق هذه النفايات.

لكن الحماسة لتدوير الكمامات تصطدم بضعف الربحية التي توفرها إعادة تدوير الكمامات.

وأوضح المدير العام لشركة “تيرا سايكل” في ولاية نيوجيرزي الأميركية توم زاكي أن “تكلفة جمع الكمامات وفرزها وإعادة تدويرها عالية جدا، مقارنة بقيمة المواد الناتجة”. وتبيع الشركة صناديق من الورق المقوى للمؤسسات، يستخدمها زبائنها لرمي الكمامات المستعملة التي يجري بعد ذلك فرزها في أوهايو ومن ثم إعادة تدويرها.

وشرح ذلك قائلا “لماذا يمكن إعادة تدوير الألمنيوم؟ لأن قيمة الألمنيوم عالية جدا، فهي تمثل أكثر من تكلفة جمعه ومعالجته”.

وأضاف “لماذا حفاضات الأطفال المتسخة أو الكمامة غير قابلين لإعادة التدوير؟ لأن جمعها وتحويلها يكلف أكثر، مع نتيجة تحويل سيئة، بحيث لا يجرؤ أحد على المخاطرة في مشروع كهذا، إذ لا إمكان لكسب المال”.

وتابع قائلا “لهذا السبب نبحث عن رعاة، فإذا أرادت جهة دفع التكاليف، يمكننا تقديم الخدمة”.

Thumbnail
17