الكلاب المدربة تعيش التشرد في مطار كابول

مركز تدريب يجمع عددا كبيرا من الكلاب كانت تستخدمها القوات الأميركية في مطار كابول قبل خروجها من البلاد.
الثلاثاء 2021/09/14

كابول - في مركز تدريب متواضع في مطار كابول وجدت العشرات من الكلاب التي تخلّى عنها أصحابها خلال عمليات الإجلاء من أفغانستان الشهر الماضي مقرّا جديدا في انتظار عودتها إلى عملها السابق؛ الكشف عن القنابل والمتفجرات.

وفي حين بقيت هويّة أصحابها مجهولة أفاد المدربون الجدد بأنّهم عثروا على عدد كبير من هذه الكلاب في القسم الذي كانت تستخدمه القوات الأميركية في مطار العاصمة الأفغانية قبل خروجها من البلاد في الثلاثين من أغسطس الماضي.

وهذه الكلاب هي بعض ما تركه المقيمون الأجانب والقوات التي اجتاحت البلاد قبل عقدين وخرجت على عجل إثر سيطرة حركة طالبان المتشددة على أفغانستان، حاملة على متن طائراتها نحو 120 ألف شخص.

وقال المدرّب هِواد عزيزي الذي يعمل في شركة تتولى مهمة الحفاظ على الأمن في المطار إنّه خرج بحثا عن كلاب قد تكون تُركت في المطار بمجرد مغادرة آخر جندي أميركي.

وأوضح قائلا من مركز التدريب الذي يقع قبالة حظائر الطائرات والمعدات العسكرية الأميركية “عندما رأيت (الجنود يغادرون) شرعت في إنقاذ الكلاب”.

وعثر عزيزي على 30 كلبا، نصفها في المنطقة التي كانت تسيطر عليها القوات الأميركية، فيما عُثر على كلاب أخرى في مناطق تابعة للشرطة الأفغانية.

وأوضح “في الجانب الأميركي عثرت على حوالي 15 أو 16 كلبا”.

وتحظى الكلاب حاليا بالرعاية والتدريب على أيدي عزيزي وزملائه في مركز التدريب التابع للشركة الأمنية، وهو عبارة عن حاويتين كبيرتين تفصل بينهما أرض عشبية.

وفي أغسطس الماضي سحبت الولايات المتحدة آخر قواتها من أفغانستان منهية بذلك أطول حرب خاضتها، وذلك قبيل الذكرى السنوية العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي أدت إلى الاجتياح الأميركي.

بعد ساعات من مغادرة آخر جندي أميركي أفادت جمعية “بيتا” للرفق بالحيوان بأنّ القوات الأميركية تركت 60 كلبا متخصّصا في كشف المتفجرات إضافة إلى 60 كلبا آخر.

وأطلقت نداء ناشدت فيه الرئيس الأميركي جو بايدن التدخّل لإعادة هذه الكلاب إلى الولايات المتّحدة، مؤكّدة أنّها استقت من مصادر مطّلعة معلومات تفيد بترك العسكريين الأميركيين هذه الكلاب في أفغانستان.

Thumbnail

لكن البنتاغون نفى أن يكون عسكريوه قد تركوا البعض من كلابهم، سواء العسكرية أو الأليفة، في مطار كابول.

وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إنّه “خلافاً للمعلومات غير الدقيقة لم يترك الجيش الأميركي كلاباً داخل أقفاص في مطار حامد كرزاي الدولي، ولاسيّما الكلاب العسكرية المزعومة”.

وعزيزي وزملاؤه غير متأكّدين من هوية أصحاب الكلاب، لكنّ تركيزهم ينصب حاليا على طريقة إعادتهم إلى العمل عندما يستعيد مطار كابول نشاطاته.

وقال عزيزي “لقد أجرينا تدريبات لها لمعرفة ما (هي مدربة) عليه بالضبط”، مضيفا أنهم سرعان ما أدركوا “أنّها كلاب تشم القنابل”.

ويقول عزيزي إن “العلاقة بين الكلب ومعلّمه يجب أن تكون مثالية. إذا لم يكن الأمر كذلك فسيسقط ضحايا”. وهو يشير إلى أن تدريب الكلب على رصد المتفجرات بواسطة الشم يستغرق عامين.

ولعبت الكلاب المدربة دورا هاما في الكشف عن المتفجرات بواسطة حاسة الشم في سائر أنحاء كابول خصوصا عند حواجز التفتيش والمجمعات الحكومية، حيث كانت مهمتها تتمثل في رصد القنابل يدوية الصنع التي يتم إدخالها خلسة إلى المدينة وتتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

ويضيف أن “سمعة هذه الحيوانات تشوهت بفعل عدة حوادث أخفقت خلالها في إنجاز مهمتها”، لكنه يؤكد أن “هذه الكلاب التي أخفقت في الكشف عن المتفجرات لم تستخدم بالشكل الصحيح في الكثير من هذه الحوادث، أو أن مدربيها تلقوا تدريبا خاطئا، لذلك لم تنجح عملية رصد اللغم”.

ويتابع أن “الكلاب أكثر فاعلية في رصد الألغام من أجهزة الرصد الآلية لأنها قادرة على شم المتفجرات الموجودة في أجهزة غير معدنية”.

وكلب عزيزي المفضل ريكس هو أحد هذه الكلاب. ففي كل يوم يخرج مصطحبا معه الكلب البني اللون للقيام بجولة في منطقة مهجورة صغيرة على بعد أمتار قليلة من ثلاث طائرات قديمة تابعة للقوات الجوية الأفغانية.

ويخفي صندوقا تنبعث منه رائحة المتفجرات ويرسل ريكس للعثور عليه في مساحة صغيرة تتوزع في بعض أرجائها بقايا الرصاص وأكياس وجبات عسكرية أميركية فارغة.

وبعد ثوانٍ يعثر ريكس على الصندوق ويُمنح كرة للعب بها كمكافأة.

وبحسب محمد مريد (45 عاما) المشرف على المركز الذي يعمل تحت مظلة “غاك” -وهي شركة تتخذ من الإمارات مقرا لها وتتولى العمليات الأرضية والأمنية في المطار- يجري تدريب الكلاب “لمعرفة كيف يمكننا استخدامها”.

وقال “نحن نطعمها ونمنحها الماء وننظفها”.

وقد تعود الكلاب إلى عملها السابق قريبا إثر إعادة فتح المطار تدريجيا، بعدما أغلق أبوابه لإجراء إصلاحات وترتيب الأمور الإدارية في أعقاب عمليات الإجلاء التي طغت عليها الفوضى.

20