الكرز فاكهة تُزيّن ربوع سليانة في تونس

الاحتباس الحراري  يفسد صابة "حَبّ الملوك" الثمين.
الثلاثاء 2024/06/25
الخير يعمّ في الظروف المناخية الجيدة

تعتبر زراعة الكرز التي أقبل عليها المزارعون حديثا فاكهة تجلب الخير على ربوع محافظة سليانة لكنها واجهت خذا الموسم موجة صقيع تسببت في سقوط الزهور عن الشجر  لكان المحصور قليلا مما رفع سعره وغلا ثمنه على عامة التونسيين الذين أصبحوا غير قادرين على اقتنائه

تونس ـ قبل نحو شهر، بدأ في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موسم قطف ثمار الكرز، أو ما يعرف في تونس بـ“حَبّ الملوك”.

لكن في تونس وعدد قليل من بلدان المنطقة مثل لبنان، تمر رحلة وصول ثمرة الكرز نحو النضج، بفترة شديدة البرودة تصل حد نزول الثلوج، وهو ما تحتاج إليه هذه الشجرة، بحسب المزارعين.

وتُعرف مدينة مكثر من ولاية سليانة (شمال غرب تونس) بأنها أشد المناطق برودة في الشتاء.

ومنذ سنوات، بادر مزارعو “حَبّ الملوك” إلى تنظيم مهرجان يحتفي بهذه الثمار في الأسبوع الأول من يونيو من كل عام.

عمر مراد، وهو مزارع ومدير الدورة العاشرة لمهرجان الفروسية والرماية و”حَبّ الملوك” بمكثر (عقدت في الفترة من 1 إلى 9 يونيو)، قال إن “محصول ‘حَبّ الملوك’ كان ضعيفا هذا العام، نظرا إلى حدوث صقيع، تسبب في سقوط الزهور عن الشجر في أبريل الماضي”.

شجرة الكرز تتطلب وجود ألف ساعة برد في العام حتى تعطي ثمرة جيدة بلونها القرمزي ومذاقها الجميل

وأضاف مراد “عدم الوفرة هذا العام أدى لارتفاع أسعار ‘حَبّ الملوك’.. لو كان الإنتاج وفيرا لكان الثمن لا يتجاوز 8 دنانير (2.6 دولار) للكيلوغرام”.

وتابع بالقول “نحن هنا في موقع إنتاجه نشتري ‘حَبّ الملوك’ بسعر مرتفع مع أنه متوفر في حديقة كل بيت تقريبا بمدينة مكثر”.

ويباع أعلى صنف من “حَبّ الملوك” في الأسواق بـ50 دينارا (16.6 دولار) خلال الموسم الحالي للكيلوغرام.. و“هناك مصاريف كثيرة لإنتاج ‘حَبّ الملوك’” بحسب مراد.

وأضاف، “الأزمة الموجودة على مستوى الإنتاج نتيجة الاحتباس الحراري.. إنها شجرة تتطلب وجود طقس بارد وثلوج، وتتطلب ألف ساعة برد في العام حتى تعطي ثمرة جيدة بلونها القرمزي ومذاقها الجميل”.

وقال “في مكثر لنا ماء جيد وهواء نقي يعطي للثمرة مميزاتها والأهم هو وجود البرد.. بينما في المناطق الأخرى من تونس لا تنجح زراعتها بنفس جودة مكثر.. ولكن تنجح في منطقتي كسرى وبرقو (من ومحافظة سليانة) المجاورتين. وهذا العام وقع الصقيع للأسف.. وأسقط معظم زهور ‘حَبّ الملوك’، وأتلف 70 في المئة من الإنتاج و30 في المئة الباقية لا تكفي السوق، خاصة مع وجود منظومة سياحية في البلاد تستهلك الثمار”.

محصول قليل يرفع الأسعار
محصول قليل يرفع الأسعار

وأوضح مراد “عند الحديث عن ‘حَبّ الملوك’ في ظروف مناخية جيدة، لا نصل إلى هذه الأسعار، فهذا العام أسعار البرتقال في المتناول لأن الكميات كبيرة بفعل عوامل مناخية مناسبة في أماكن إنتاجه”.

وزاد “مكثر المنتج الأول لـ’حَبّ الملوك’ على مساحة 470 هكتارا وهي حوض إنتاج ‘حَبّ الملوك’ الأول في تونس.. المزارعون خرجوا من طور الزراعات الكبرى (الحبوب) إلى زراعة الأشجار المثمرة خاصة حَبّ الملوك والزيتون. وهناك مزارع حديثة بعد سنتين أو ثلاث سنوات.. سنصل إلى 600 هكتار مزروعة بـ’حَبّ الملوك’ في مكثر”

الطيب محمد السيفي مزارع من منطقة السوالم بمعتمدية مكثر في بستانه يتابع حركة عماله لجني الثمار؛ ويقول “الفلاح يعاني بحكم غلاء الأدوية ومواد إنتاج ‘حَبّ الملوك’ وكذلك نقص المياه”.

وأضاف السيفي “على الدولة توسيع المنطقة السقوية (المروية) بحفر الآبار العميقة.. أحيانا نجمع المحصول ولكن الثمار تبقى مكدسة عندنا لانعدام الطرقات وخاصة عند نزول الأمطار، ليس لنا طريق معبدة”.”.

وتابع “لا بد للدولة أن تلتفت إلى الفلاح.. قارورة الدواء يصل ثمنها إلى 120 دينارا (40 دولارا)، وهناك نوع من الأدوية يصل ثمنه إلى 350 دينارا ( 116.6 دولار) لننقذ الإنتاج من التلف”.

ورغم اعتراض المستهلكين في المدن على غلاء أسعار “حَبّ الملوك”، يقول السيفي “الأسعار في متناول الجميع وهذا العام الشتاء كان دافئا، فالإنتاج ضعيف والشجرة تنتج أكثر في العام الذي تنزل فيه الثلوج”.

وأضاف، “الآن نبيع كيلوغرام ‘حَبّ الملوك’ بمتوسط 15 دينارا (5 دولارات)، وهناك نوعية 3 دنانير (1 دولار).

أنواع مختلفة
أنواع مختلفة

وعن أصناف “حَبّ الملوك” التي تنتج في مكثر، قال السيفي “هناك مورو، والبيضاء، والستيلي.. الإقبال موجود على ثمار ‘حَبّ الملوك’ مهما اختلف نوعها”.

وفي تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الرسمية، قال رئيس مكتب الأشجار المثمرة بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية خالد بدرالدين إن “المساحات المزروعة بـ’حَبّ الملوك’ بمحافظة سليانة، تقدر بـ655 هكتارا أي 260 ألف شجرة”.

وأضاف بدرالدين “هناك 435 هكتارا بمعتمدية مكثر (170 ألف شجرة) و100 هكتار بكسرى (40 ألف شجرة) ومثلها ببرقو و20 هكتارا بمعتمدية سليانة الجنوبية (8 آلاف شجرة)”.

من ناحيته قال طارق المخزومي رئيس الاتّحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بمكثر، في تصريح لموقع “الشروق أون لاين” المحلي في مايو  الماضي، إن إنتاج محافظة سليانة من ثمار “حَبّ الملوك” يمثل حوالي 90 في المئة من الإنتاج الوطني.

وبحسب المجمع المهني المشترك للغلال (حكومي تحت إشراف وزارة الفلاحة)، في إحصائيات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية في مايو الماضي، يتم إنتاج 9 آلاف طن من الكرز سنويا ونصيب ولاية سليانة 93 في المئة من الإنتاج.

ووفق الوكالة ذاتها، تنتج تونس جملة من أنواع “حَبّ الملوك” من بينها “بيقارو” وهي من أجود الأنواع، و”مورو فرنسي” و”مورو عادي” و”مورو بالستيك” والبيضاء.

16