الكاظمي يدعو إلى تعاون دولي مع بلاده لاسترداد أموالها المهربة

بغداد - أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأربعاء أنه لن يتراجع عن استرداد أموال بلاده المهربة، فيما دعا إلى تعاون دولي لمساعدته في تحقيق هذا الهدف.
وقال الكاظمي في كلمة افتتح بها المؤتمر الدولي لاسترداد الأموال المنهوبة بالتعاون مع جامعة الدول العربية إن "الفساد وتهريب الأموال مرض خطير يصيب أي مجتمع وأي دولة إذا لم يتم التعامل مع مخاطر هذا المرض بجدية ومسؤولية، من خلال اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والقضاء على منافذ التبديد والتهريب والاستهتار بمقدرات الشعوب".
وأضاف، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي، "نعترف بأن هذا الداء أصاب دولتنا لعقود، فهناك المليارات من الدولارات تمت سرقتها وتهريبها في عهد النظام الدكتاتوري السابق، وللأسف ما بعد العام 2003 لم يكن الأمر أفضل بل بالعكس سمحت الأخطاء التأسيسية بتفاقم الفساد وبنحو أكثر خطورة، واستغل البعض الفوضى الأمنية والثغرات القانونية والتكالب الحزبي في سرقة أموال الشعب ونقلها إلى خارج العراق، وبنحو يبعث على الألم في ضمير أي مواطن عراقي".
وبين الكاظمي أن "عقد المؤتمر اليوم (الأربعاء) تأكيد على أن الفساد واسترداد أموال الشعب العراقي المهربة إلى خارج العراق يمثلان أولوية للحكومة العراقية، وهي أولوية للشعب العراقي الذي بددت العديد من مقدراته وأمواله في الحروب العبثية، والصراعات الداخلية والخارجية، فيما استثمر الفاسدون ظروف العراق الخاصة في مشروع نهب أموال البلد وتهريبها".
والعراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فسادا، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
ومثّل الفساد سببا رئيسيا في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تحسين الخدمات العامة الأساسية، من قبيل التعليم والكهرباء ومياه الشرب وقطاع الصحة وغيرها.
واعتبر الكاظمي أن "الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، فالفساد وتبديد قدرات الدولة وإمكاناتها إرهاب صريح، وقد مهد الفساد الطريق لعصابات داعش لتدنيس أرض العراق المقدسة واحتلال مدن عراقية عزيزة".. مشيرا إلى أن "الفساد كان حاضرا عندما تمت محاولة الزج بالمجتمع في صراع طائفي مزيف، هدفه الأول والأخير هو نهب الأموال".
وكانت محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة شهدها العراق على مدى عام كامل بدءا من أكتوبر 2019، عندما تورطت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بالشراكة مع ميليشيات عراقية تابعة لإيران في قتل المئات من المتظاهرين وإصابة آلاف آخرين في سبيل حماية نظام الأحزاب الدينية الفاسدة في البلاد.
وأشار الكاظمي إلى أن "الحكومة وضعت منذ البداية هدفها الأساسي في محاربة الفساد، وتم تشكيل لجنة خاصة لمكافحته قامت بواجبها مع هيئة النزاهة والجهات القضائية ووزارة العدل والرقابة المالية، وكشفت خلال عام واحد ملفات فساد لم تكشف طوال 17 عاما، واستردت أموالا منهوبة من الخارج".
ولفت إلى "تعرض اللجنة إلى هجوم واتهامات باطلة، كان الهدف منها إحباطها وإفشال عملها، لكن لا مكان للإحباط والتراجع".
ودعا رئيس الوزراء "الدول الصديقة والشقيقة إلى مساعدة العراق في استرداد أمواله"، مشيرا إلى "تقديم أقصى درجات التعاون مع كل الدول في هذا الشأن".
وأضاف "يجب ألا يكون هناك أي ملاذ آمن للأموال المنهوبة والسرقات، ويجب ألا يشعر الفاسدون والسراق بأن هناك مأوى للمال المسروق من أي بلد، وعلى الفاسدين أن يدركوا جيدا أن هذه الأموال ستعود إلى أصحابها مهما طال الوقت وبعدت المسافة، وأنهم سيواجهون القانون بما ارتكبت أيديهم من جرائم".
ولا يُعرف رقم حقيقي لحجم الأموال العراقية المهربة خارج العراق، إذ تتضارب الأرقام الحكومية والشعبية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وبينما قدرتها لجنة النزاهة النيابية في يناير الماضي بـ350 تريليون دينار (239.7 مليار دولار)، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، قال آخرون في مواقع حكومية إنها تتجاوز 500 مليار دولار.
وتتوزع تلك الأموال ما بين عهدين ضمن حقب زمنية مختلفة، حيث يقع منها ما قبل 2003، خلال نظام صدام حسين، وهي مرصودة بأسماء شخصيات وعناوين مسؤولة في الدولة، فيما يمثل الجانب الأكبر منها ما بعد ذلك التاريخ.
ولا تزال الأموال العراقية المهربة والمجمدة في الخارج بعيدة المنال، رغم تأكيدات متتالية من أطراف حكومية مختلفة بضرورة استردادها.
ولاستعادة تلك الأموال يحتاج العراق إلى كيان قانوني متكامل، من خلال إقامة دعاوى في المحاكم العراقية ونقلها إلى المحاكم الأجنبية وفقا للقانون الدولي.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط المؤتمر فرصة مهمة لمكافحة الفساد، موضحا أن تشكيل الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد عام 2020 جاءت تعزيزا لاتفاقية الأمم المتحدة في هذا المجال.
وشدد على أن مؤتمر استرداد الأموال المنهوبة فرصة مهمة لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن الجامعة العربية تولي اهتماما كبيرا لمكافحة الفساد.
وأكد وزير العدل الكويتي عبدالله يوسف في كلمته أن تضافر الجهود نحو تحرير المجتمعات من الفساد خطوة مهمة، مشيرا إلى أن بلاده قامت بالكثير من الإجراءات لمكافحة الفساد.
وأشار وزير العدل العراقي سالار عبدالستار إلى وجود ضعف في الجهود الدولية لاسترداد الأموال المنهوبة، وأضاف "كما نجحنا في القضاء على الإرهاب علينا مواجهة الفساد عبر اتفاقيات دولية"، مشددا على عزم الحكومة العراقية على استرداد جميع أموال البلاد من الخارج.
وأكد رئيس هيئة النزاهة العراقية رئيس صندوق استرداد الأموال المنهوبة علاء جواد أن المؤتمر خطوة مهمة لاسترداد أموال العراق، معربا عن الأمل في أن يفضي إلى خطوات لإعادة الأموال المنهوبة.
وأشار إلى أن بعض الدول تعد حاضنة وتقف عائقا أمام إعادة الأموال المنهوبة، والعراق ما زال يعاني من عدم تعاون الدول في استرداد أمواله المهربة. وقال "إن بعض المسؤولين يلجأ إلى ازدواجية الجنسية للاستثمار والفساد".
ومنذ أكتوبر عام 2019 تعد محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة بالعراق، الذي يعد من أكثر دول العالم فسادا خلال السنوات الماضية، وفق منظمة الشفافية الدولية.
ويتذيل العراق مؤشر مدركات الفساد، حيث حصل على 18 نقطة من أصل 100 في التقرير العالمي الذي يرصد 180 اقتصادا حول العالم.