الكاريكاتير الليبي يعيش طموح الفنان وتطرف المتشددين

في ليبيا يعيش فنان الكاريكاتير طموحا كبيرا في زمن صعب تتقاذفه التجاذبات السياسية والاجتماعية وتوجهات الممول للوسيلة الإعلامية، وإن وجد الكثير من الفنانين في إنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي قد تفي بالغرض وتحقق قاعدة عريضة من المتابعين.
لا يمكن الحديث عن فن الكاريكاتير في ليبيا دون المرور بتجربة الفنان الليبي الراحل محمد الزواوي، الذي جسد بريشته أحداثا سياسية واجتماعية واقتصادية أصابت الهدف وحققت النجاح، هنا طرحنا أسئلتنا على فنانين ليبيين عن مدى مواكبة الكاريكاتير للتغيرات التي مر بها المجتمع الليبي وكيفية التعبير عن المرحلة الراهنة.
يرى فنان الكاريكاتير حسن دهيميش المعروف بـ”الساطور” أن الكاريكاتير السياسي هو الذي يستحوذ على الاهتمام الأكبر، نظرا للظروف التي تمر بها ليبيا.
ويضيف “الفن يساهم في إحداث تغيير في المجتمع، شرط أن يكون فنا راقيا وهادفا، وما علينا إلّا أن ننظر إلى المجتمعات الأوروبية وكيف أثّر الفن في أفرادها وطوّر تفكيرهم، فن الكاريكاتير من أقوى ملامح الديمقراطية، خاصة إذا كان لاذعا وينطق بالحقيقة”.
وحول ما إذا كان “الساطور” قد رصد الواقع الليبي بشكل دقيق، قال “الساطور إنسان عادي مثل أي مواطن ليبي، سنحت لي الفرصة أن أعبر عن معاناة شعبي في جوانب مختلفة، ولكن الجواب عن هذا السؤال عند القارئ والمتابع لإعمالي”.
ويوضح فنان الكاريكاتير خيري الشريف أن فن الكاريكاتير كان في مقدمة المواكبين للمتغيرات التي تحدث في المجتمع الليبي، المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الرغم من افتقاد وسيلة النشر داخل ليبيا بسبب الوضع الراهن.
ويضيف “الكاريكاتير كان مرآة صادقة وساخرة وناقدة لهذه المتغيرات والتحولات وكان الأقرب إلى المتلقي من غيره، رغم التهديدات والمخاطر التي قد يتعرض لها الفنان، أعتقد أن الكاريكاتير في ليبيا طوّر أساليبه لقراءة هذه المتغيرات وطرحها بشكل جديد يواكب شكل ومضمون حركة المجتمع”.
|
وأوضح الفنان خيري الشريف أنه لا يوجد شيء قد يحدث تغييرا جذريا في المجتمع بقدر ما يفعل الفن، إذ يجب أن يكون المجتمع قادرا على التلقي والتذوق كي يستوعب الفن.
ويضيف “مجتمعاتنا تنظر إلى المسرح على أنه أراجوز للضحك، وتصنف النحت على أنه إنتاج أصنام، واللوحة على أنها “خربشات”، الفن قد يحدث ثورة تنقل المجتمع إلى ثورات أخرى، أهمها ثورة العلم وثورة الإنتاج”.
ويرى فنان الكاريكاتير محمد قجوم أن الكاريكاتير هو فن نقدي بطريقة ساخرة، الهدف منه تسليط الضوء على الظواهر والأحداث السلبية الموجودة في المجتمع المحلي خصوصا والعالم عموما.
وتكون هذه الأحداث أو الظواهر التي يهتم بها الكاريكاتير اجتماعية، اقتصادية، سياسية أو دينية، ويتابع موضحا “من وجهة نظري الشخصية فن الكاريكاتير لم يواكب المتغيرات التي مرّ بها المجتمع الليبي بالشكل المطلوب على مختلف الأصعدة، نظرا إلى العديد من الظروف الاجتماعية والسياسية التي مرّ ويمرّ بها فنان الكاريكاتير الليبي، من هذه الظروف أو الأسباب هي حجب ومنع الكثير من رؤاه وأفكاره، ومن ثم تجسيدها في رسومات من خلال الصحف والمجلات من قبل إدارة هذه الصحف التي تتبع سياسات السلطات العليا وأوامرها”.
ويضيف مشيرا إلى أن مواكبة التغيرات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع الليبي تتطلب عاملين أساسيين هما، حرية التعبير والحيادية والصدق في نقل الواقع من قبل الفنان بكل شفافية وموضوعية مهما كان الموضوع أو الطرح مؤلما أو سلبيا”.
ويختم محمد قجوم “قبل أن نتحدث عن إحداث التغيير في المجتمع بالفن، يجب علينا أولا أن نحدث التغيير في العقول، عقول الجيل الناشئ وتربيته على تذوق كل ما هو جميل وحب واحترام نفسه والآخر وغرس نبتة حب الوطن لتكبر معه فيورثها لأبنائه، وغرس ثقافة الحب والسلام واحترام الرأي الآخر، هذا ما أعتبره من أولى الخطوات نحو طريق طويلة تحتاج إلى الصدق والتفاني لبلوغ هدف التغيير، فمشيتك فن، وحديثك وتعاملك مع الآخر فن، والفن هو الحياة”.