القوى الموالية لإيران تقف حائلا أمام تنفيذ اتفاق سنجار

الحكومة العراقية تتجاهل الضغوط الدولية بشأن الاتفاق: ليس وقته.
الجمعة 2023/08/04
معاناة مستمرة

حلت الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية للإيزيديين في سنجار، بدون أن يجري حتى الآن وضع حد لمعاناة هذه الأقلية العراقية المشردة بين المخيمات في إقليم كردستان، في ظل مماطلة الحكومات الاتحادية لدواع لا تخلو من خلفيات سياسية.

بغداد - تواجه الحكومة العراقية ضغوطا متزايدة لتطبيق اتفاق سنجار وفسح المجال أمام الآلاف من الإيزيديين للعودة إلى ديارهم، لكن مراقبين يستبعدون أن تستجيب حكومة محمد شياع السوداني لمثل هذه الضغوط في ظل تحفظات القوى الموالية لإيران.

ولا يزال نحو مئتي ألف نازح عراقي من الطائفة الإيزيدية، موزعين على مخيمات متفرقة في إقليم كردستان ضمن محافظات دهوك وأربيل، رغم مرور تسع سنوات على اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لمنطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى.

وكان جرى طرد عناصر التنظيم الجهادي على يد البيشمركة الكردية في العام 2015، قبل أن تضطر الأخيرة إلى الانسحاب هي الأخرى من المنطقة في العام 2017 لتفسح المجال بذلك لسيطرة الميليشيات الشيعية.

جينين بلاسخارت: تجب إعادة النازحين إلى ديارهم وتطبيع الأوضاع في سنجار
جينين بلاسخارت: تجب إعادة النازحين إلى ديارهم وتطبيع الأوضاع في سنجار

وأبرمت الحكومة الاتحادية في العراق في التاسع من أكتوبر 2020، اتفاقا مع السلطات المحلية في إقليم كردستان، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة، يقضي بتطبيع الأوضاع في سنجار.

وينص الاتفاق على إخراج الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، تمهيدا لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو ثمانين في المئة منهم يرفضون الرجوع بسبب توتر الأوضاع الأمنية في المدينة وسيطرة تلك الميليشيات عليها، إلى جانب وجود عناصر من حزب العمال الكردستاني، الذي حول سنجار إلى منطقة عمليات تركية أيضا.

وترفض الميليشيات على غرار “كتائب حزب الله”، و”النجباء”، و”عصائب أهل الحق”، الانسحاب من المنطقة، وهو ما يجعل من تنفيذ الاتفاق أمرا صعبا على الرغم من وعود الحكومات المتعاقبة.

ويرى مراقبون أن حكومة السوداني لا تتخذ من هذا الملف أولوية لها، ويبدو أن الملف سيرحل إلى ما بعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل، هذا إن تم النظر فيه، وهو أمر يدعو إلى الشك. ودعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت، الخميس، إلى تنفيذ اتفاقية سنجار.

جاء ذلك في كلمة لها خلال إحياء الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية للإيزيديين في سنجار، والتي جرت مراسمها في أربيل برعاية رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني.

وقالت بلاسخارت "لا ينبغي السماح بتكرار ما حل بالإيزيديين من كوارث مرة أخرى، ويتعين تنفيذ اتفاقية سنجار". وأكدت ضرورة عودة النازحين إلى ديارهم وأن تتعاون جميع الجهات في عملية تطبيع الأوضاع في القضاء.

وتضغط القوى الكردية من أجل تنفيذ اتفاق سنجار، للتخلص من عبء النازحين الإيزيديين، وقد أصر الحزب الديمقراطي الكردستاني على تضمين تنفيذ الاتفاق ضمن التعهدات التي تم بموجبها تشكيل تحالف إدارة الدولة في أكتوبر الماضي.

ويرى متابعون أن الإطار التنسيقي، الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، لن يلتزم بهذا التعهد كما هو الشأن بالنسبة لباقي تعهداته لسبب بسيط وهو أنه يرفض البنود الموجودة في اتفاق سنجار ومنها إخراج الميليشيات.

ويشير المتابعون إلى أن بعض قوى الإطار، على غرار ائتلاف دولة القانون، لن تسمح للحكومة بإثارة هذا الملف حاليا، حيث إنها لن تقبل بأن يتم منح القوى الكردية، ولاسيما الحزب الديمقراطي، أي هدية مجانية قبل انتخابات مجالس المحافظات.

ودعا الاتحاد الأوروبي، الخميس، الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان إلى المضي قدما في تنفيذ اتفاق سنجار، وفيما رحب باعتماد قانون الناجيات الإيزيديات في العراق، شدد على ضرورة تسهيل تحسين الحصول على التعويضات المنصوص عليها في القانون.

وأكد الاتحاد في بيان وقوفه بقوة "وراء وحدة العراق وسيادته وسلامته الإقليمية، مع الاحترام الكامل لتنوعه العرقي والديني”، مقرا في الوقت نفسه بـ"التزام حكومة العراق بحماية وتحسين أوضاع الأشخاص المنتمين إلى المجتمعات الضعيفة في البلاد، بما في ذلك الإيزيديون".

◙ الاتحاد الأوروبي يدعو الحكومة العراقية إلى تنفيذ اتفاق سنجار، على أن يشمل ذلك تعيين عمدة للقضاء

وذكر أن "الجالية الإيزيدية في العراق تواصل مواجهة تحديات كبيرة، وتشمل هذه العقبات المختلفة التي تمنع النازحين من العودة إلى منازلهم، وخاصة في سنجار، ومحدودية إمكانية الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، والمخاوف الأمنية، مثل الحلقات الأخيرة من خطاب الكراهية، التي يدينها الاتحاد الأوروبي بشدة".

ودعا الاتحاد الأوروبي حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان إلى “المضي قدما في تنفيذ اتفاق سنجار، على أن يشمل ذلك تعيين عمدة لسنجار مما سيمهد الطريق لأحكام الاتفاق الأخرى، ومنها إعادة إنشاء الخدمات المدنية الأساسية في سنجار".

ورأى الاتحاد أنه "مع اعتماد الميزانية الاتحادية، يمكن أن يستمر توظيف 2500 من أفراد الأمن المحليين، كما ينص الاتفاق، دون المزيد من التأخير”، مشجعا جميع الأطراف على "العمل بالتعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".

وطالب الاتحاد الأوروبي بـ"تسهيل تحسين الحصول على التعويضات المنصوص عليها في القانون”، مرحبا كذلك بـ”مرسوم ملكية الأراضي الإيزيدية الذي أقرته حكومة العراق في ديسمبر 2022 والتطلع إلى خطوات ملموسة لضمان تنفيذها السريع والكامل".

وتحتل سنجار أهمية خاصة للقوى المحلية والإقليمية حيث إنها تقع ضمن مثلث يربط العراق بسوريا، وتقابلها مدينة الحسكة بالطرف السوري، وشكلت المنطقة منذ العام 2017 مركزا للميليشيات الموالية لإيران.

اقرأ أيضا: 

اتفاق كردي على ترحيل جديد لموعد الانتخابات التشريعية في الإقليم

3