"القطار الأصفر" قرن من التنقل بين القمم الفرنسية

قطار سياحي يتيح للركاب التمتع بالمناظر الخلابة على سفح جبال البيرينيه.
الثلاثاء 2022/02/01
مقصورات تبعث الدفء

يحافظ الفرنسيون منذ عام 1910 على قطار بقي على حالته الأصلية تقريبا ويتنقل بين القمم الجبلية المكسوة بالثلوج ويتيح للركاب والسياح التمتع بسحر الطبيعة صيفا وشتاء بسرعة بطيئة لا تتجاوز الثلاثين كيلومترا في الساعة.

فيلفرانش دو كونفلان (فرنسا) - يتنقل “القطار الأصفر” وسط الجبال المكسوة بالثلوج بين حوالي عشرين محطة في فرنسا، بينها الأعلى في البلاد على ارتفاع حوالي 1600 متر، متيحا للركاب التمتع بمناظر خلابة صيفا وشتاء على سفح جبال البيرينيه عند حدود منطقة كاتالونيا الإسبانية.

ويعتمد القطار تكنولوجيا منسوخة تماما عن أول مترو باريسي، وقد احتفظ بشكل مقصوراته الخشبية الملبّسة بالمعدن وبسكّته الكهربائية الثالثة على مسار ضيق.

وتتيح هذه الخاصية منذ أكثر من قرن للقطار الأصفر التنقل عبر مسار منحدر بنسبة 6 في المئة صعودا ونزولا من دون خطر الانزلاق عند المنعطفات.

ويقول دانيال سوغان (60 عاما) وهو ميكانيكي سيارات متقاعد “نأمل ألا يقع بنا القطار”، من دون إخفاء سعادته بالقيام برحلة تعبق بالحنين في هذا القطار الذي يجوب القمم في منطقة البيرينيه الشرقية ويمكنه نقل ما يصل إلى 250 راكبا.

وينطلق القطار من قلعة فيلفرانش دو كونفلان العائدة إلى القرون الوسطى والتي عزز المهندس العسكري الفرنسي سيباستيان فوبان أسوارها في القرن السابع عشر.

وتَعبر المركبة الملقبة بـ”كناري” نسبة إلى لون مقصوراتها الأصفر مع خطوط حمراء بألوان راية إقليم كاتالونيا على تخوم نهر تات على ارتفاع 427 مترا.

ويتنقل بين المناطق الحرجية ليصعد الجبل تدريجا، وصولا إلى محطة بولكير، أعلى نقطة له على ارتفاع 1592 مترا. كما يتوقف عند محطة التزلج فون رومو قبل التعريج عند سهل سيرداني المشمس وصولا إلى لا تور دور كارول، مع معدل سرعة لا يتخطى 30 كيلومترا في الساعة.

ويوضح مدير الخط لوران لانفان (49 عاما) أن هذا القطار الذي دُشنت رحلاته في يوليو 1910 “بقي على حالته الأصلية تقريبا”، موضحا أنه يعتمد “آليات ميكانيكية قديمة”.

القطار يعتمد تكنولوجيا منسوخة عن أول مترو باريسي، وقد احتفظ بشكل مقصوراته الخشبية الملبّسة بالمعدن وبسكّته الكهربائية الثالثة على مسار ضيق

ولا تتعدى المسافة الفاصلة بين سكك الحديد مترا واحدا، بدلا من 1.4 متر في السكك التقليدية.

وهذا المسار الممتد على حوالي 60 كيلومترا تطلب إقامة ما لا يقل عن 650 منشأة فنية، بينها 19 نفقا و40 جسرا.

واثنتان من هذه المنشآت مصنفتان من المعالم التاريخية هما جسر سيجورنيه مع قوسه القوطي اللافت الذي يعلو واديا بعمق 65 مترا، وجسر جيكلار آخر جسر معلق لسكك الحديد لا يزال في الخدمة على علو 80 مترا في الفراغ.

ويقول مسؤول الصيانة في هذا الخط غالدريك سير (36 عاما) إن “هذا القطار زاخر بالتاريخ”، مبديا افتخاره بالجانب “الحرفي” لمهنته التي تعتمد تقنيات لم تعد موجودة بكثرة.

وفيما يتم صنع بعض القطع وإصلاحها محليا في محطات القطار، ثمة حاجة إلى خبرات من عمال سكك حديد خارجيين في قطع أخرى، كأولئك الذين يصلحون الجسور أو يجمعون قطع الحديد على غرار تجميع قطع برج إيفل.

ومن المقرر إجراء صيانة شاملة للقطار الأصفر نهاية العام الحالي، يُتوقع استمرارها ثلاث سنوات ومن شأنها السماح بتسيير “معدات جديدة مع تصميم شبيه بالقديم”، وفق مدير الخط.

ويشير لانفان إلى أن “ثمة رغبة حقيقية في التطوير من أجل الاستمرار في التشغيل إلى ما بعد 2030، ومضاعفة القدرة” للانتقال من 10 رحلات يومية إلى عشرين خلال موسم الذروة الصيفي.

ومع مئة ألف رحلة سنويا، يتمتع القطار الأصفر الذي يتنقل بمقصورات مكشوفة صيفا، بقدرات سياحية كبيرة. وتوضح الطالبة البلجيكية أورور لامبير البالغة 25 عاما “أردت اكتشاف المناظر الجميلة”.

كذلك تقول المساعدة القضائية المتقاعدة مارتين باتريك (69 عاما) إن الرحلة بهذا القطار “أكثر متعة من التنقل بالسيارة”، مضيفة “هذا مهم للأشخاص المقيمين في المنطقة”.

ورغم أن دوامات عمل القطار الذي تنطلق رحلته الأولى يوميا عند التاسعة صباحا لا تتلاءم مع مواعيد التنقلات المهنية، لكنه يسد أحيانا ثغرات مرتبطة بالحركة المرورية على الطرق. ففي 2020، عندما أعاقت انهيارات طبيعية الحركة، استمر القطار الأصفر في توفير خدمات النقل في المنطقة برمتها.

20