القضاء على المخاوف والمفاهيم المغلوطة عن الصرع

الرعاية الطبية الصحيحة تمكّن مرضى الصرع من حياة طبيعية.
الثلاثاء 2023/02/14
العناية وطرد الخرافة

يمكن للمصابين بداء الصرع أن ينعموا بحياة طبيعية على عكس الخرافات التي تذيع أنهم عرضة لعدة مشكلات صحية كبلع اللسان وخروج الرغوة من الفم، والتي تتسبب للمرضى في وصمة اجتماعية. وينصح الأطباء عائلات هؤلاء المرضى بالسعي للحصول على رعاية طبية صحيحة في الوقت المناسب قبل أن يستفحل المرض.

كليفلاند (الولايات المتحدة) - أكد الدكتور عماد نجم أن الأفراد المصابين بداء الصرع يمكنهم أن ينعموا بحياة كاملة وطبيعية على عكس الخرافات المنتشرة والمحيطة بالمرض، مشدّدا على أهمية السعي للحصول على الرعاية الطبية الصحيحة في الوقت المناسب.

وأوضح مدير مركز الصرع في معهد طب الأعصاب بمستشفى كليفلاند كلينك أن أعراض الإصابة بالصرع تظهر في شكل نوبات دورية وغير إرادية، وعندما يتم تشخيص الحالة والسيطرة عليها في الوقت المناسب من خلال الأدوية أو الجراحة، يمكن لمرضى الصرع أن ينعموا بحياة كاملة وصحية.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من داء الصرع، ما يجعله أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعا في العالم.

50

مليون شخص يعانون من داء الصرع، ما يجعله أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعا في العالم

وقال الدكتور نجم “من المهم القضاء على المخاوف والمفاهيم المغلوطة حول مرض الصرع، والتي يمكن أن تتسبب للأفراد المصابين بالحالة في وصمة اجتماعية وتمييز في المدرسة أو العمل أو البيئات الاجتماعية الأخرى، فضلا عن منع الأفراد أو تأخرهم عن طلب الرعاية الصحيحة التي يحتاجون إليها”.

ولفت الدكتور نجم إلى أن الكثير من المفاهيم الخاطئة والشائعة حول مرض الصرع مرتبطة بما تبدو عليه النوبات والإجراءات التي ينبغي اتخاذها عندما يعاني شخص من نوبة صرع. وفي حين أن الناس قد يتوقعون من شخص مصاب بالصرع أن يعاني من تشنجات وخروج رغوة من الفم وغير ذلك، فإن غالبية النوبات قد تكون خفية.

على سبيل المثال، قد تظهر أعراض النوبة في شكل تحديق مطول ورَمش سريع للعين أو ممارسة سلوك غير عادي مع حركات متكررة مثل فرك اليدين أو المضغ أو البلع، أو شعور قوي بمعايشة اللحظة الحالية في الماضي أو ما يُعرف بظاهرة “ديجافو”، أو تصلّب العضلات أو استرخائها المفرط، وفي حالات نادرة ارتعاش في الذراعين أو الساقين أو الرأس، والسقوط وفقدان الوعي.

وأشار الدكتور نجم إلى أنه في حال كان الشخص المصاب بالصرع غير المنضبط يعاني من نوبة تشنج، من المرجح أن تتوقف النوبة من تلقاء نفسها بعد دقيقة أو دقيقتين، منوها إلى أن الاعتقاد في أن الشخص المصاب بالنوبة سيبتلع لسانه ما هو إلا مجرد خرافة أخرى حول مرض الصرع، محذرا من محاولة وضع الأصابع في فم الشخص أو فتحه بالقوة.

وأضاف “تعامل برفق عند محاولتك إبعاد الشخص عن الخطر حتى تتجنب وضع ضغط إضافي على الجسم. وفي الحالات النادرة، التي تستمر فيها التشنجات لمدة تزيد عن دقيقتين أو يعاني الشخص من صعوبة في التنفس أو تغير لونه، يجب طلب المساعدة الطبية على الفور”.

ونوّه إلى حقيقة أن النوبات غالبا ما تكون خفية، ما يعني عدم التمكّن من تشخيص الإصابة بالصرع. ويتمثل التحدي في أن الناس قد يتجاهلون النوبات، ولاسيّما عندما تكون الأعراض خفية، بل قد يتم تشخيص المرضى بشكل خاطئ في بعض الحالات.

وتابع قائلا “لحسن الحظ يمكن أن يكون تشخيص الصرع سريعا وسهلا إلى حد ما. ويمكن إجراء التشخيص من خلال اختبار مخطط كهربية الدماغ الذي يسجل النشاط الكهربائي للدماغ، كما يمكن تقييم السبب المحتمل للمرض عبر التصوير بالرنين المغناطيسي”.

oo

وبيّن الدكتور نجم أن هناك العديد من العلاجات المتاحة للصرع، وكلما كان التشخيص والعلاج أبكر كانت الفاعالية أفضل. وهنا أيضا لدينا بعض المفاهيم الخاطئة والضارة؛ حيث يتجنب بعض الأشخاص المصابين بالصرع تناول الأدوية لأنهم يعتقدون أنها يمكن أن تقلل من فرص إنجاب الأطفال.

وفي حين أن هناك عددا قليلا من الدراسات التي تشير إلى أنه قد يكون هناك تأثير طفيف لتناول الأدوية، إلا أن ذلك ليس حاسما، ولا ينبغي اعتبار أن الأفراد الذين يتناولون الأدوية سيصابون بالعقم. وبالمثل، قد ترفع بعض الأدوية خطر الإصابة بالتشوهات الخلقية إلى ما بين 2 و6 في المئة. ورغم ذلك سيعمل الأطباء مع هؤلاء المرضى على توفير المكملات الوقائية اللازمة في مثل هذه الحالات، مثل حمض الفوليك، وذلك لتقليل أو تبسيط الأدوية التي يتم تناولها من أجل إيجاد أفضل طريقة لحماية الأم والجنين.

واختتم الدكتور نجم بقوله “من المهم جدا ألّا تؤدي المفاهيم الخاطئة والشائعة حول هذا المرض إلى إجبار المريض على التخلي عن البحث عن العلاج المناسب أو الالتزام به. ونحتاج أيضا إلى تشخيص الصرع وعلاجه بشكل صحيح وسريع، لأننا إذا لم نتحكم في النوبات فسوف يؤدي ذلك إلى تدهور صحة المريض، بما في ذلك تلف الخلايا العصبية المصابة في الدماغ. وبالإضافة إلى ذلك يمكن للأشخاص الذين يعانون من النوبات ولا يتلقون العلاج المناسب أن يتعرضوا للسقوط أو الحوادث أو الغرق أو الإصابة بحروق عرضية أو حتى الموت المفاجئ غير المتوقع والمبكر”.

15