القضاء الجزائري يفتح مجددا أكبر قضية فساد مالي خلال نظام بوتفليقة

بعد سنوات من صدور الأحكام النهائية القضاء الجزائري يعيد فتح قضية مجمع الخليفة في ظل إفلات أسماء نافذة من العقاب بسبب الحماية التي كان يوفرها النظام لعناصره.
الثلاثاء 2020/11/10
عبدالمؤمن خليفة المتهم الرئيسي في قضية المجمع

الجزائر- فتح القضاء الجزائري مجددا قضية مجمع الخليفة، وذلك بعد خمس سنوات من صدور الأحكام النهائية في حق الضالعين فيها، حيث تأتي هذه المحاكمة بحضور عبدالمؤمن خليفة المدير العام السابق لمجمع خليفة المتهم الرئيسي وبحضور 11 متهما آخرين.

ويرى مراقبون أن هذه المحاكمة قد تفتح المجال أمام ظهور حقائق جديدة قد تطال مسؤولين سامين كانوا على صلة بالملف، غير أنهم أفلتوا من العقاب من خلال حماية سلطة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لهم.

واستأنفت في مجلس قضاء البليدة جنوبي العاصمة الجزائرية أطوار المحاكمة الجديدة لملف المجمع، الذي يعتبر أحد أكبر ملفات الفساد التي تمت معالجتها خلال العشرية الأخيرة، والتي كبدت الخزينة العمومية نحو خمسة مليارات دولار، كما تم حل المجمع المكون من مصرف وشركة طيران وقناة تلفزية مهاجرة وخدمات نقل وتحلية مياه البحر.

فساد

ويأتي فتح الملف من جديد رغم صدور أحكام نهائية في حق ضالعين فيه، بالموازاة مع معالجة القضاء الجزائري لعدد من ملفات الفساد المالي والاقتصادي، ثبت فيها ضلوع شخصيات ورموز كبيرة من نظام الرئيس السابق بوتفليقة.

ويبدو أن القضاء الجزائري بصدد إعادة النظر في تفاصيل الملف المذكور، في ظل إفلات عدد من الأسماء النافذة من العقاب، بسبب الحماية التي كان يوفرها النظام لعناصره، حيث ظل أمثال الرجل الأول في المركزية النقابية عبدالمجيد سيدي سعيد، والوزير السابق المسجون عمار غول، والأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، في لائحة الشهود، واكتفى بعضهم بتقديم إفاداتهم مكتوبة لهيئة المحكمة وعدم الحضور للجلسات التي جرت العام 2015.

ومازال الرجل الأول في الملف عبدالمؤمن خليفة يصر في رده على أسئلة قاضي المحكمة الاثنين والأحد على أن القضية تنطوي على تصفية حسابات سياسية بسبب مواقفه المعارضة لنظام بوتفليقة، وانحيازه للمرشح الرئاسي في انتخابات 2004 علي بن فليس.

وأضاف “لقد تم تعمد تصفية المجمع رغم أن الاختلالات المسجلة كانت قابلة للإصلاح والمعالجة، وأنه خلال مغادرته إلى بريطانيا ترك في حسابات المصرف الذي يملكه نحو 90 مليون دولار، لا يعلم لحد الآن وجهتها ولا في ما أنفقت”.  

وتابع “القضية برمتها مفتعلة من أصلها، والنظام السابق هو من تحامل عليّ بكل مؤسساته الرسمية، من مؤسسة الرئاسة إلى الوزارة إلى الضبطية القضائية.. فساد النظام وقتها هو السبب في قضيتي، وهو المسؤول عن كل تلك الهالة والدعاية ضدي”.

وجاءت إعادة فتح الملف بعد قبول المحكمة العليا للطعن المقدم من طرف النيابة، وعدد من المتهمين في الملف، وينتظر إعادة الاستماع للأطراف المعنية في ما يتعلق بالتهم الموجهة إليهم وهي جناية تكوين “جماعة أشرار والتزوير في محررات مصرفية والإفلاس والسرقة والاحتيال وخيانة الأمانة والتزوير في محررات مصرفية والنصب”، فضلا عن جرائم جنائية أخرى.

وكان مالك مجمع الخليفة، الذي شكل قوة مالية واقتصادية في البلاد، عند نهاية التسعينات ومطلع الألفية، قد هاجر إلى بريطانيا للإفلات من الملاحقات القانونية التي فُتحت ضده من طرف السلطة المختصة، وتمت استعادته من عام 2013، بعد اتفاق بين الحكومة الجزائرية والبريطانية، وقدم نفسه هناك على أنه ضحية لـ”تحرشات” نظام بوتفليقة.

وتمت محاكمته العام 2015، حيث نطقت المحكمة بعقوبة 18 عاما سجنا نافذا، إلى جانب عدد من الكوادر والشخصيات التي كانت في محيطه، في حين أفلتت عدة شخصيات سامية في السلطة، قدمت على أنها استفادت كثيرا من المزايا التي كان يقدمها الرجل، في صورة تذاكر سفر وبطاقات بنكية.

فساد

ويبدو أن الملف مرشح لأن يعرف منعرجات جديدة، في ظل تراجع بعض المتهمين عن إفاداتهم السابقة، التي ذكروا أنهم أرغموا على الإدلاء بها من أجل توريط الرجل الأول في المجمع، وهو ما يكرس ملابسات غامضة أحيطت بالقضية وأسماها المتهم الأول بـ”تصفية الحسابات السياسية”.

وذكر المتهم عبدالحفيظ شاشوة، وهو المدير العام المساعد المكلف بالأمن بمجمع خليفة سابقا لدى استجوابه، أنه لم يسبق أن قام بسحب ونقل أموال دون سندات قانونية وتسليمها لخليفة، وأنه تعرض لضغوط من قبل أطراف كانت تريد الإطاحة بالمسؤول الأول على هذا المجمع.  

وأضاف “طبيعة مهامي ليست لها علاقة بالتسيير والأموال، إنما تتمثل في الإشراف وتوجيه الأعوان المكلفين بنقل الأموال من الوكالات وحراستها”، وأنه لم يتلق أي أوامر من طرف المتهم الرئيسي في القضية لنقل وتسليم أموال دون أي سندات أو وثائق قانونية وتحويلها لوجهات مجهولة، وأن ما تردد في هذا السياق ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهو الأمر الذي نفاه شقيقه بدرالدين شاشوة المتهم في نفس القضية.

4