القاهرة تعلن الحرب على مافيا تهريب الورق الهالك

فرض رسوم على تصدير "الدشت" لدعم صناعة الورق، وإعادة تدوير المخلفات طوق نجاة لأعمال شركات القطاع.
الجمعة 2019/01/04
تجارة بعيدة عن أعين الرقابة

أعلنت الحكومة المصرية حالة الاستنفار القصوى ضد تصدير الورق الهالك إلى الخارج، بهدف إنقاذ صناعة الورق من التوقف، وإعادتها إلى الحياة مجددا بسبب التوسع في تصدير الخام الرئيسي، الذي تعتمد عليه في عمليات الإنتاج.

القاهرة - فرضت وزارة التجارة والصناعة المصرية رسوما على تصدير الورق الهالك المعروف محليا باسم “ورق الدشت” بنحو 200 دولار للطن للحدّ من بيع هذه الثروة خارجيا.

وتعاني مصر من فجوة بين إنتاج واستهلاك الورق تصل إلى نحو 300 ألف طن يتم استيرادها سنويا، ما يمثل عبئا كبيرا على الدولة.

وتعتمد قطاعات صناعية على الورق الهالك بشكل أساسي، حيث يعزز استخدامه من تراجع تكاليف التصنيع، في ظل ندرة لب الأشجار والذي يحتاج إلى سنوات من الزراعة.

أيمن رضا: الإجراء يحمي المستثمرين من الوقوع في قبضة محتكري تصدير الهالك
أيمن رضا: الإجراء يحمي المستثمرين من الوقوع في قبضة محتكري تصدير الهالك

وتشهد البلاد عمليات تهريب للورق الهالك، وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن هناك مافيا منظمة تعمل على تجميع “الدشت” في مخازن كبيرة وتعيد تصديرها للخارج.

وأوضحت أن كبار المهربين يتمركزون في منطقة الأزهر، ويجمعون الورق الهالك من مختلف أنحاء البلاد ثم يقع تصديره إلى اليونان ومنها إلى المناطق التي يستهدفونها.

وسجلت صادرات ورق “دشت” في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي نحو 55 طنا، مقابل 151 طنا خلال عام 2015، بعد عمليات تشديد الرقابة وفضح البعض من الأساليب الملتوية للتصدير.

ويتجاوز عدد مصانع الورق والكرتون حاجز 1100 مصنع موزعة بين 300 مصنع للورق البني، ومصنعان للورق الأبيض، ونحو 800 مصنع للكرتون ما بين صغير ومتوسط وكبير الحجم، وتعد مستخدما رئيسيا للورق الهالك أيضا.

ويقدر حجم المخلفات من المنازل والمحلات والأسواق بنحو 22 مليون طن، تقسم على نحو 13.2 مليون طن مخلفات من الطعام، ونحو 8.7 مليون طن من الورق والكرتون وعبوات المياه الغازية وغيرها من عبوات الطعام.

ويقول علي القريعي رئيس لجنة البيئة بجمعية رجال الأعمال المصريين إن المخلفات كنز لا يعرف قدره سوى العاملين في هذا النشاط، حيث يتم جمع القمامة وتصنيفها وفق احتياجات السوق.

وأكد لـ”العرب” أن صناعة الورق والكرتون من أهم الصناعات التي تبحث عن تلك المخلفات وتقوم بشرائها بأسعار مختلفة حسب جودتها.

ويصل سعر طن الورق “الدشت” لنحو 200 دولار، ويحتاج تصنيع طن الورق النهائي إلى نحو 3 أطنان من الدشت، منها 1.3 طن ذات جودة عالية ونحو 1.7 طن بجودة أقل.

وأوضح أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية، لـ”العرب” أن الرسوم على صادرات نفايات وفضلات الورق كانت مطلبا رئيسيا للغرفة، لأن تصدير “الدشت”، دفع أسعار الورق في السوق للارتفاع بشكل كبير، باعتباره من المكونات الرئيسية في صناعة الورق.

وأشار إلى أن لبّ الخشب المستخدم مُكلف جدا، ويشهد تقلبات في سعره، فضلا عن أنه مرتبط بسعر الدولار الذي شهد قفزات كبيرة خلال العامين الماضيين.

أحمد جابر: رسم التصدير مطلب رئيسي لغرفة الطباعة لأنه مكوّن رئيسي للصناعة
أحمد جابر: رسم التصدير مطلب رئيسي لغرفة الطباعة لأنه مكوّن رئيسي للصناعة

وتستورد القاهرة لب الخشب من الولايات المتحدة وكندا والسويد وروسيا وبعض دول شرق آسيا، أهمها الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

ويصل عدد المطابع بمصر إلى نحو 6480 مطبعة، وتصل صادرات المنتجات الورقية إلى نحو 108 ملايين دولار، مقابل واردات بنحو 290 مليون دولار.

وتعمل مصانع الورق الأبيض حاليا نحو 40 بالمئة من طاقتها الإنتاجية، نتيجة ارتفاع أسعار اللب عالميا، فضلا عن الحاجة لاستثمارات جديدة في هذا القطاع.

وفي المقابل تعمل مصانع الورق البني أو مصانع الكرتون بكامل طاقتها الإنتاجية، لأنها لا تعتمد على اللب في الصناعة، ما أفضى إلى ارتفاع أسعار الكتب المدرسية، ورفع فاتورة إنفاق المصريين على مستلزمات المدارس إلى نحو مليار دولار.

وأشار أيمن رضا، الأمين العام لجمعية مستثمري مدينة العاشر من رمضان، إلى أن تصدير ورق الدشت يجعل المستثمر، فريسة للممارسات الاحتكارية.

ولفت في تصريحات لـ”لعرب” إلى أن معظم الآلات والمعدات التي يتم استخدامها في صناعة الورق، يتم استيرادها من ألمانيا وإيطاليا والصين.

وفي ظل هذا الصراع دخلت الشركات في سباق للفوز بحصص سوقية من ورق الدشت، وقامت شركة راكتا لصناعة الورق الحكومية بتوقيع اتفاق مع المطابع الأميرية المملوكة للحكومة أيضا ينص على حق راكتا في شراء الورق الهالك الناتج عن عمليات الطباعة.

وبموجب العقد، ومدته عام قابل للتجديد، تقوم راكتا بتوريد 67 طن ورق للمطابع الأميرية، مقابل كل 100 طن دشت على الأقل توردها المطابع الأميرية لراكتا.

وطالت الأزمة أيضا المؤسسات الصحافية، وأعلنت مؤسسة الأهرام الحكومية عن تأسيس أول مصنع لإنتاج ورق الصحف من “قش الأرز″ والمخلفات الزراعية بالتعاون مع شركة إيتيان هوسن بيبر ليميتد الصينية، باستثمارات تصل إلى نحو 70 مليون دولار.

ولم يكتمل المشروع حتى الآن رغم تخصيص مساحة تصل إلى نحو 128 فدانا للمشروع بمحافظة البحيرة شمال البلاد.

11