القاهرة تستنجد بالتجربة المغربية لإنقاذ صناعة السيارات

حوّلت مصر أنظارها للتجربة المغربية في توطين صناعة السيارات بعد أن فشلت في تطبيق البرامج، التي أعدّتها وروّجت لها على مدى سنوات طويلة، في ظل شكوك في قدرتها على تحقيق الأهداف التي وضعتها للوصول بنسب التصنيع المحلي إلى 46 بالمئة.
القاهرة - أعلنت القاهرة رسميا وفاة استراتيجية صناعة السيارات التي عكفت لسنوات على إعدادها بعد أن لمست صعوبات في تنفيذها على أرض الواقع.
وكانت الخطة تستهدف تعميق الصناعات المغذية للسيارات، وتقليل الاعتماد على المكوّنات المستورة لتحفيز المنتجين المحليين.
ولا توجد صناعة سيارات حقيقية بالبلاد، بل يقتصر الأمر على تجميع أجزاء السيارات المستوردة، وهي السياسية التي أنتجتها تلك الصناعة منذ تأسيس شركة النصر لصناعة السيارات في عام 1959.
وقال عمرو نصار وزير الصناعة والتجارة لـ”العرب”، إن “مصطلح استراتيجية صناعة تجميع السيارات اختراع مصري ولا توجد دولة في العالم تتبنّى هذه الشعارات”.
وأضاف أن “أفضل الطرق لتوطين الصناعة هو التركيز على إنتاج موديلات معيّنة تتوافق مع السوق المحلية والأسواق المجاورة، وهي الأسس التي قامت عليها التجربة المغربية ونسعى للاستفادة منها”.
ونجحت الرباط في توطين صناعة السيارات واستقطاب كبار المصنعين وخاصة مجموعتي رينو وبيجو ستروين، استطاعت من خلال ذلك التحول للتصدير لمختلف أسواق أوروبا والمنطقة العربية والأفريقية.
وتجاوز التصنيع المحلي لسيارات رينو في المغرب حاجز 50 بالمئة عبر التركيز على الصناعات المغذية والتي ساهمت في نجاح التجربة، وباتت تصدر المكونات للخارج.
وتستهدف رينو مضاعفة صادراتها من المغرب إلى نحو 800 ألف سيارة بحلول عام 2020، بعد أن أصبح المغرب أحد أكبر مراكز تصنيع سيارات الشركة.
وكشف نصار عن مفاوضات جادة مع 3 شركات عالمية لتصنيع السيارات للاستثمار في السوق المصرية، لكنه لم يكشف عن هوية تلك الشركات.
وأوضح أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل المفاوضات مع نهاية الربع الأول من العام المقبل مع الأخذ في الاعتبار أن المستقبل لصناعة للسيارات الكهربائية، لكنه لم يفصح أيضا عن أن أيا من هذه الشركات تعمل في مجال تصنيع السيارات الكهربائية أم لا.
وتتفاوض حاليا رابطة الصناعات المغذية للسيارات مع شركات عالمية بينها فولكسفاغن ورينو لتصنيع مكوناتهما في مصر، كما تعتزم شركة كيان إيجيبت تجميع سيارات سيات في مصر بحلول عام 2020.
وقال فؤاد ثابت، رئيس جمعية مستثمري بورسعيد، إن شركتي “رينو وبيجو سبق أن عرضتا على الحكومة المصرية في منتصف ثمانينات القرن الماضي إنشاء مصنعين، لكن تضارب المصالح لبعض رجال النظام، حال دون نجاح تلك الخطط، مما دفع بالشركتين للاتجاه نحو المغرب”.
وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن المغرب كان لديه مصنع صغير لمكوّنات السيارات، وأن شركة رينو قامت بشرائه وتوسعته، وبذلك تحوّل المغرب إلى قلعة للصناعات المغذية.
وتستورد مصر نحو 7 بالمئة من إنتاج السيارات المصنعة لمكوّنات السيارات في المغرب، والتي يصل عددها إلى نحو 300 مصنع.
وتوقع ثابت، وهو من كبار مصنّعي مكوّنات السيارات، أن تحتاج القاهرة إلى وقت طويل لتطبيق التجربة المغربية، لكنه أضاف أن جدية الحكومة قد تعجّل بنقلها في ظل توافر الخبرات الفنية والخامات.
ويقول خبراء في هذا القطاع إن مصر تأخرت كثيرا في تصنيع السيارات، وتوقّعوا أن تستغرق محاولات تعمق تلك الصناعة نحو عشر سنوات.
وتعتبر منطقة بورسعيد في محور قناة السويس من المناطق المؤهلة لتصنيع السيارات، لأن المنطقة الصناعية الروسية تركز على تصنيع المكوّنات المغذية.
وأكد حسين مصطفى، عضو رابطة مصنعي السيارات، أن تطبيق التجربة المغربية عملية تحتاج إلى جهود جبارة من الحكومة وتتطلب عقد اتفاقيات مع شركات عالمية للحصول على إنتاج يكفي السوق المحلية والتصدير لأسواق خارجية.
وأشار لـ”العرب” إلى ضرورة زيادة نسبة المكوّن المحلي في كل مجموعة صناعية إلى نحو 40 بالمئة كحدّ أدنى، منها مقاعد السيارات أو أنظمة التبريد أو الأسلاك الكهربائية، حتى نستطيع اللحاق بالنموذج المغربي.
وافتتحت شركة كيا موتورز، السبت الماضي، أول خط لإنتاج طراز سورینتو في البلاد بالتعاون مع الشركة المصرية العالمية للتجارة والتوريدات، وتستهدف أن تتجاوز نسبة المكوّن المحلي في السيارة المجمعة داخل مصر نسبة 45 بالمئة.
ومن المخطط أن يبدأ تصنيع السيارة الجديدة بموديل واحد هو السيارة الرياضية متعدّدة الأغراض كيا سورینتو، ثم يبدأ تصنيع الموديل الثاني خلال مدة عام بحد أقصى، ليصل إجمالي حجم الإنتاج السنوي المخطط له إلى 15 ألف سيارة سنويا، مع دراسة تصنيع موديل ثالث خلال عامين.
ويوجد في مصر 170 شركة تعمل في صناعة السيارات، منها 19 شركة تصنع وتجمي السيارات بأنواعها، إضافة إلى أكثر من 150 شركة في مجال تصنيع المكوّنات.