القادة السنة في لبنان يتحركون استباقا لمخطط جديد يستهدف "الطائف"

بيروت- تؤشر التطورات الأخيرة التي شهدها لبنان منذ لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على وجود خطة مبرمجة للعبث بالنظام السياسي اللبناني.
وذكرت أوساط سياسية لبنانية أن استخدام باسيل لعبارة “قلب الطاولة” يتجاوز التعبيرات الخطابية، ويتعدى التهديد بفرط عقد الحكومة الحالية، إلى هدف أكبر، وهو المس بجوهر النظام السياسي اللبناني.
ولفتت الأوساط إلى أن ذلك يشكل أحد الدوافع لتحرك رؤساء الحكومة السابقين في لبنان مرة أخرى وعلى نحو موحد ومنسق للدفاع عن موقع السنة الأول في البلد وهو رئاسة الحكومة، ولدعم موقف الرئيس الحالي سعد الحريري، وتجنيبه الدخول في سجالات قد تهدد استقرار حكومته.
واعتبر الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام في بيان عقب اجتماع عقدوه أن الأوضاع الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية والأوضاع الدقيقة والحسّاسة التي يمر بها لبنان من النواحي السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، تستدعي التعاطي بالكثير من التبصر والحكمة، وبالمبادرات الإصلاحية الجدية.
وشددوا على أنه لا يجوز أن تدار مصالح الدولة من فوق منصات المزايدة ولا يجوز لمسؤول ولا ينبغي له أن تزدوج شخصيته وأن يمارس التحريض من جهة فيما هو جزء أساس من منظومة الدولة.
تحرك السنية السياسية بلبنان جاء بناء على معطيات تنصح بمواجهة مناورة خطيرة لم يخفها باسيل بنسف اتفاق الطائف
وعلى الرغم من اللغة الدبلوماسية التي طبعت كلمات الشخصيات السنية الثلاث التي رأست حكومات سابقة في لبنان، إلا أن المراقبين يرون في تحركها والبيان الذي صدر عنها، بمثابة هجوم مضاد تشنه السنية السياسية، بأطرافها المتعددة، المناوئة لحزب الله ضد خطط يعدها الحزب ومن ورائه طهران لإسقاط لبنان بالكامل داخل حدائق النفوذ الإيرانية في المنطقة.
وهاجم بيان الرؤساء باسيل (دون ذكر اسمه) مؤكدين أنه لا يجوز لوزير أو رئيس تيار أن يحرض رئيس الجمهورية على الحِنْثِ بقسمه في حماية الدستور وأن يعتبر مناسبة 13 أكتوبر (ذكرى إطاحة الجيش السوري عام 1990 بالحالة العونية في لبنان) إعادة الأمور إلى نقطة ما قبل الطائف.
واعتبرت مصادر وزارية لبنانية أن حالة من القلق يعانيها حزب الله والتيار العوني في لبنان من الأجواء التي صدرت عن السعودية والإمارات لدعم لبنان واقتصاده، في مؤشر إلى عزم سينسحب على كافة دول الخليج لعدم السماح لإيران بالاستحواذ على النظام السياسي اللبناني، ولعدم السماح لطهران باستغلال التطورات السورية المتحولة في توازناتها لصالح دمشق من أجل إعادة لبنان إلى عهد وصاية جديدة يكون مركزها هذه المرة طهران.
وشدد الرؤساء الثلاثة في اجتماع مساء الثلاثاء، على أن لبنان لم يعد يتحمّل الأعباء التي ترتبها المغامرات السياسية والتي تعبث بالتوازن الدقيق له في محاولات يائسة للاستفادة من ميزان قوى متجاهلة دقة المعادلة اللبنانية.
وكانت بعض التقارير قد تحدثت عن أن إيران تستعد لدخول مرحلة الحوار الإقليمي والدولي وفق ما تحمله مبادرة رئيس الحكومة الباكستانية عمران خان، وأنها في هذا الصدد ستسعى لإقناع المنطقة والعالم بالقبول بنفوذها الإقليمي بصفته أمراً واقعا بالإمكان التعايش معه، وفق اتفاقات جديدة، تنظم موقع إيران في العالم وعلاقتها مع بلدانه.
ورأى خبراء في الشؤون الإيرانية أن طهران بعثت عبر قنوات مختلفة رسائل إلى بلدان المنطقة والعالم تؤكد على دورها في إيجاد حل لأزمات المنطقة. واعتبر هؤلاء أن ما صدر عن الحوثيين من وقف للهجمات ضد السعودية يهدف إلى تأكيد قدرة إيران على التعاون لإرساء السلم في المناطق الملتهبة.
وخلص هؤلاء إلى أن لقاء نصرالله- باسيل ينفذ أمر عمليات إيراني عاجل للمسارعة في التحرك الجماعي، أو عبر توزيع الأدوار، لتقديم كل الدلالات التي تقنع العرب والمجتمع الدولي بأن لبنان بات جزءا من الأمن الاستراتيجي الإيراني.
أوساط سياسية لبنانية ذكرت أن استخدام باسيل لعبارة "قلب الطاولة" يتجاوز التعبيرات الخطابية، ويتعدى التهديد بفرط عقد الحكومة الحالية، إلى هدف أكبر، وهو المس بجوهر النظام السياسي اللبناني
وراجت معلومات في بيروت أن تحرك السنية السياسية في لبنان جاء بناء على معطيات خارجية تنصح بمواجهة مناورة خطيرة لم يخفها باسيل بالوكالة عن حزب الله بنسف اتفاق الطائف والسعي إلى إدخال تعديلات تضرب أركان النظام السياسي الذي تتعامل معه دول العالم. وأضافت المعلومات أن تحرك الرؤساء الثلاثة يندرج في سياق الدفاع عن الدستور بصفته العنوان الدولي الوحيد الذي يتعامل مع العالم بمؤسساته وعواصمه ومنابره.
وقال الرؤساء الثلاثة في بيانهم “إن دستور الطائف شكّل الرافعة التاريخية التي أوقفت الحرب الداخلية اللبنانية والنزف الأهلي وأدّت إلى ابتكار صيغة التفاهم بين اللبنانيين والتي أكدت على وحدة وعروبة لبنان وعلى أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية”.
وأكد الرؤساء على ضرورة الحفاظ والاحترام الكامل لاتفاق الطائف والدستور المستند إلى الإجماع الوطني والمرتكز على التمسك بسموّ فكرة العيش المشترك، وعلى الاحترام والالتزام بمقررات الشرعيات الوطنية والعربية والدولية.
ولفتت مصادر دبلوماسية إلى أن تحرك السنية السياسية يأتي رافداً لتحرك الدرزية السياسية التي سيرت مظاهرة تلتها مواقف عنيفة للحزب التقدمي الاشتراكي، وتوقعت المصادر تحركاً واسعاً لحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع بغية إظهار جبهة سياسية تعيد التذكير بما تملك القوى التي كانت منضوية داخل تحالف 14 آذار من قوة داخل البلد قادرة على التصدي لتحرك حلفاء إيران داخل لبنان.